نصيف جاسم حسينلا أعرف سبب ارتباط مفهوم "حقوق الانسان" بالسجناء فقط، ولا أعرف ِلمَ ينصبّ اهتمام المنظمات المعنية بهذا الموضوع على ما يتعرض له السجناء والمحكومون ، مع ان ثمة انتهاكات كبرى لحقوق الانسان قد تشمل مجتمعات بأسرها، وثمة انتهاكات لا حصر لها في ما يتعلق بكرامة الانسان وحريته الشخصية وحرية معتقده وحرية التعبير عن الرأي التي تقع في سلم الأولوية في الاعلان العالمي لحقوق الانسان وما اشتق منه او اضيف إليه من حريات هدفها "الانسان" كقيمة عليا، و"ضمان عدم انتهاك حريته او الحد منها" بأي شكل من الأشكال.
ونعاني نحن في العراق من انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان ترقى الى حد اعتبارها جرائم ضد الانسانية، ومنها – ولا يقتصر عليها- حرمان الناس من فرص العيش الكريم الذي يشمل الحرمان من العمل – الذي اقتصر على المرتبطين بأحزاب معينة- والحرمان من وسائل العيش الكريم " توفير الماء والكهرباء والصحة والتعليم"، والحرمان من العيش الآمن، حيث المجاميع المسلحة لبعض الأحزاب تفرض على الناس معتقداتهم وأفكارهم، وسلب أصوات الناس في الانتخابات ومنحها لأحزاب لم ينتخبوها وفق قانون الانتخابات الأخير الذي ساهم في إظهاره بعض أعلى المسؤولين في الحكومة العراقية ومجلس النواب السابق، وانتهاكات متكررة للدستور من قبل هؤلاء المسؤولين ، وبعض مجالس المحافظات التي منع بعضها الموسيقى والغناء ولم تمنع الانتهاكات المتكررة لكرامة الانسان العراقي التي تستباح كل يوم على ايدي مجاميعهم المسلحة التي باتت تفرض قوانينها على الأهالي دون خشية من عقاب.ألاّ يعد فرض معتقد ما على الآخرين وإجبارهم على الخضوع له جريمة تتنافى مع حق الانسان في حرية المعتقد؟ وأين يمكن أن نضع بعض قوانين وقرارات بعض مجالس المحافظات في منع "الموسيقى والغناء" او "منع النوادي الليلية" من ذلك؟ أو اين نضع مهاجمة اتحاد الادباء بالقوة المسلحة وإغلاقه من "حرية الرأي" –مثلا-؟ وأين نضع تعليق صور بعض القادة السياسيين على أبواب الجوامع والحسينيات وجعلها شبه مقرات حزبية لهذا الحزب أو ذاك من حرية العبادة؟وما هو أخطر من كل ذلك، كيف يمكن للمواطن العراقي ، الذي تأسّف على انتخاب زيد أو عمر، ان يعبر عن استيائه ممن انتخبهم ورغبته في تغييرهم ، إذا كان مجرد التعبير عن ذلك، يدخله في خانة الكفرة والمارقين حيث مخالفة بعض الأحزاب الدينية تتجاوز من حيث تبعاتها ونتائجها ما يمكن ان تسفر عنه مخالفة الرب (سبحانه وتعالى).أليس من المفترض أن نسعى لخلق بيئة عراقية سليمة أساسها الإنسان وقوامها إنسانيته وكرامته؟ أليس هذا ما نصت عليه قوانين الأرض والسماء؟ الم يذكر الإعلان العالمي لحقوق الانسان الذي اعلن قبل (62) عاما- والذي ما زال البعض متخلفا عن فهمه- ان العمل حق من حقوق الانسان؟ ألاّ يعتبر الإعلان العالمي لحقوق الانسان ان من حق كل إنسان العيش بكرامة؟ وكم مرة تم انتهاك كل ذلك في العراق؟ ألم تنتهك غيرها من الحقوق والحريات على أيدي بعض الذين انتهزوا " الفرصة السانحة" التي توفرت لهم بعد سقوط النظام السابق ليقيموا نظاما –في بعض محافظات العراق-لا يقل ارهابا من نظام طالبان؟ وقد زحف وباؤهم ليصل الى بغداد الحبيبة عبر بوابة مجلس محافظتها الذي لم ينتهك الاعلان العالمي لحقوق الانسان حسب بل تعدى ذلك الى انتهاك مواد عديدة في دستور العراق في باب الحقوق والحريات وفي أسس الدستور الذي أكد ضمان تلك الحقوق والحريات "التي انتهكت أيام الدكتاتورية" والتي يعاد انتهاكها الآن من قبل بعض أنصاف المتدينين أو الذين يريدون إثبات عدم فسادهم عبر التأكيد ، بمناسبة وبدون مناسبة، على تدينهم والتزامهم الديني من خلال انتهاك حقوق الناس وحرياتهم.
فـي ذكرى الإعلان العالمي..حقوق الإنسان فـي العراق
نشر في: 12 ديسمبر, 2010: 05:12 م