اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الإمـام الحسيــن (ع) والإخـلاص المطـلــق

الإمـام الحسيــن (ع) والإخـلاص المطـلــق

نشر في: 14 ديسمبر, 2010: 05:18 م

تعد ثورة الإمام الحسين انطلاقة جديدة في تاريخ الإسلام ولا تزال حية تعكس حالة من التفاعل بين الأمة والتاريخ الماضي ليمنحها القدرة على العطاء في الحاضر والمستقبل من خلال إغناء  تاريخ الإسلام بالأفكار والقيم النبيلة و كشف زيف أعدائه المتسترين تحت عباءته والذين يخفون تحتها ما أرادوا ان يضمروه من فجور وجاهلية وعداء للإسلام ولرسوله الأكرم .
وان من أسباب خلود هذه الثورة هو إنها لم تكن لفئة معينة او لزمن محدد ولم تكن حركة سياسية محدودة الأهداف والدوافع بعيداً عن ضمير الأمة وحاجتها بل كانت تهدف لإكمال المسيرة النبوية الشريفة وتصحيح مساراتها التي أراد البعض لها الانحراف والعودة بالأمة إلى قيم الجاهلية فكانت نبراسا للأحرار في هذه الأمة وفي العالم اجمع لأنها كانت صرخة في وجه الظلم والاستبداد أينما كان تقضّ مضاجع فراعنة العصور لتبقى هذه الثورة حية تعكس القيم النبيلة وتمنح الأمة إمكانية التفاعل مع التاريخ وأخذ العبر للاستمرار في العطاء في الحاضر والمستقبل من خلال رسمها طريق التضحية والنضال لكل المستضعفين في الأرض بوجه الظالمين. ولقد قدم الحسين عليه السلام نفسه وأهله قرابين في طريق الإصلاح بكل ما يشكل القربان من علاقة تعبدية مبنية على تحرك مسؤول نحو الخالق .يقول الحق سبحانه: (فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر وستجدني إن شاء الله من الصابرين) الصافات/101 – 102،ويرى د. وليد سعيد البياتي انه يمكن اعتبار هذا النص مصداقا لفهم القربان كسنة إلهية تسعى الى تحقيق مطلق الإخلاص لله تعالى عبر مطلق الخضوع للحكم الإلهي، ولكن النص القرآني يؤكد انه لن يتحقق هذا الإخلاص بدون الفعل ولهذا: (فلما اسلما وتلّه للجبين، وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين إن هذا لهو البلاء المبين وفديناه بذبح عظيم) الصافات/ 103- 107 لتتحقق بذلك قيمة الإخلاص عبر الفعل عندما يصبح مطلق القول مساوياً لمطلق الفعل كما في حالة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، لتتكشف لنا حكمة السنة الإلهية (القربان) باعتبارها تقييما لإخلاص العبد في مسيرته نحو تحقيق إرادة الله وفق السنن السماوية،وهنا فقط يمكن إدراك تضحية الإمام الحسين وأهله وأصحابه عليهم السلام ليكونوا قرابين على طريق العقيدة، من هنا تصبح القرابين تجسيدا حيا للعقيدة في طريق الحفاظ على الخط الرسالي، وعليه لم تكن التضحية مجرد انفعال آني، ولا هوس ورغبة في الفناء بلا معنى، بل كانت ترابطا بين الإنسان في مستويات الإخلاص المطلق، وبين الله الخالق لتتجلى في حركة السيدة الجليلة سليلة النبوة والولاية، العظيمة زينب بنت الإمام علي عليهما السلام، وهي تندفع نحو جسد أخيها وإمامها الإمام الحسين عليه السلام وهو المضرج بدم الشهادة لتضع يديها الطاهرتين تحت جسده الشريف لترفعه بجهد الكبرياء والنبالة، وهي تلقي بطرفها إلى السماء مخاطبة الباري تعالى في قولها: "اللهم تقبل منا هذا القربان" لتحقق تلك العلاقة العقائدية بين مطلق الإخلاص والولاء للعقيدة السماوية وبين تحقق مطلق الفعل بالاستشهاد، تلك الصرخة استوعبت كل معاني الإيمان ومفردات العقيدة المتجسدة في شهادة الإمام الحسين عليه السلام والتي أراد منها ان تكون توثيقا مستقبليا لتحرك الأمة في مسار العقيدة للانفلات من حالة التناقض عبر التطلع لمستقبل تتحقق فيه الحضارة الكونية من خلال استلهام استمرارية السنن الإلهية.ومن هنا برزت ثورة الحسين لتكون الثورة الوحيدة التي دفعت بالإنسان المؤمن الى طريق النضال والتحرر من العبودية والاستغلال في عصر أراد الطغاة أن يلغوا شخصية المسلم الثقافية والاجتماعية والإنسانية من خلال استعباده وترسيخ مبادئ وقيم الجاهلية وفرضها على المجتمع الإسلامي آنذاك ،إلاّ أن واقعة الطف كانت وما تزال صرخة مدوية في وجه أي محاولة للظلم والطغيان والاستبداد .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram