علي نافع حموديماذا تمثل لنا قرارات مجلس الأمن الدولي التي صدرت يوم الأربعاء 15 كانون الأول الجاري؟وهل من شأنها أن تساهم في تحسين وضع العراق الدولي واستعادة مكانته؟ وما هي تأثيراتها الإيجابية على الشعب العراقي في هذه المرحلة ؟في البداية علينا أن نؤشر أن صدور هذه القرارات جاء نتيجة جهود القوى السياسية العراقية في إيجاد نقاط التقاء كبيرة وكثيرة
في ما بينها مما بلورت قناعات بتشكيل حكومة وحدة وطنية ، وهذا ما يعني بأن البلد يتجه للاستقرار السياسي الذي من شأنه أن يشجع المجتمع الدولي على تبني قرارات إيجابية تجاه البلد ، وهذا ما تمثل في قرارات مجلس الأمن الأخيرة التي أنهت 20 عاما من العقوبات الاقتصادية ، وهذا جاء بالتزامن مع حالة الانفراج السياسي التي أشرنا إليها ، وهي تشكل رسالة إيجابية على الحكومة العراقية استثمارها بقوة .من أبرز ما تضمنه قرارات مجلس الأمن التي صدرت تحت أرقام 1956 , 1957,1958 بنود تضع حداً للعقوبات وتساعد العراق على استعادة مكانته في المجتمع الدولي وهي انتهاء اعتباره خارقا للقانون الدولي وإلغاء برنامج "النفط مقابل الغذاء" ، بالإضافة لإلغاء القيود المفروضة على التسلح الواردة في قرارات صدرت في حينها لتحد من تسلح النظام المباد بأسلحة تهدد أمن واستقرار المنطقة .وهذه النقطة بالذات مهمة جدا في سعي العراق لتكوين وتشكيل جيش قادر على مواجهة الجماعات الإرهابية التي تسعى لتقويض أسس الدولة وبنائها الديمقراطي ومحاولة جر البلد لاستنزاف موارده عبر العمليات التي تقوم بها مجاميع تنظيم القاعدة بين الحين والآخر . وبالتالي فإن هذه القرارات تمثل تحولاً جديداً في نظرة العالم لبلدنا من أنه لم يعد يشكل خطرا على أمن واستقرار المنطقة .وهي في نفس الوقت تعني عودة قوية للعراق إلى الساحة الدولية وتفعيل دوره في الكثير من المحافل سيما وأنه عاش فترة طويلة في عزلة دبلوماسية وثقافية وعلمية أثرت كثيرا على تقدمه ورقيه ، وعانى البلد حتى بعد سقوط النظام المباد من شبه عزلة بموجب الكثير من قرارات مجلس الأمن التي ظلت سارية المفعول وأثرت على الكثير من مفاصل الحياة في العراق .ولكن يبقى السؤال الأخير ما هي مكاسبها للشعب العراقي في المرحلة الحالية ؟ هذا السؤال في أجابته بعض القلق كون الكثير من شكاوى التعويضات التي رفعت من قبل أشخاص وشركات وحتى دول تأثرت جراء الغزو الذي قام به النظام المباد للكويت في الثاني من آب عام 1990 ، بإمكانهم تقديم شكاواهم واستحصال التعويضات بطريقة تجعل من الأموال العراقية المودعة تتعرض للملاحقات القانونية، وهذه مشكلة كبيرة يجب تداركها قبل انتهاء المدة التي منحها مجلس الأمن الدولي للعراق في تجاوز إشكالياته مع الآخرين سواء بصفتهم الشخصية أو المعنوية ( أفراد وشركات ودول ).أما الجانب الثاني منه والذي يتمثل باستمرار العراق بتسديد تعويضات تشكل 5% من وارداته النفطية للكويت حيث سدد العراق حتى الآن 27 مليار دولار، وتبقى بذمته ما قيمته 25 مليار دولار تحتاج لعشرين سنة قادمة كي تسدد في حال بقاء أسعار النفط كما هي عليه الآن، علما بأن هذه النسبة التي فرضت بعد حرب تحرير الكويت كانت فيها أسعار النفط لا تتجاوز 40$ وكان العراق في حينها لا ينتج أكثر من مليون ونصف المليون برميل يومياً ، بينما نجد الآن بأن أسعار النفط تقترب من 90$ ، وبالتالي فإن الكثير من الطروحات التي يجب أن يتبناها المفاوض العراقي في هذا الميدان حول نسبة الـ 5% هذه وأن يؤخذ بنظر الاعتبار ارتفاع أسعار النفط مستقبلا أو ارتفاع الإنتاج العراقي خاصة في ظل طرح مناقصات استثمارية في هذا المجال من شأنها أن ترفع الإنتاج العراقي لأربعة ملايين برميل يومياً.ورغم إن مسألة تسديد التعويضات للكويت ليست محل خلاف بين الطرفين ، إلا إن الوضع الدولي الآن ومحاولة المجتمع الدولي مساعدة العراق لبناء دولة حديثة واقتصاد متين يتناسب وعملية التحول الكبيرة في الاقتصاد العراقي ، تتطلب دعما دوليا لمواجهة التحديات الكبيرة التي يعيشها البلد والشعب العراقي .ومع هذا فإن ما تحقق من شأنه أن يدعم بناء دولة قادرة على النهوض وتجاوز تداعيات الماضي والمضي قدماً في ترسيخ الأمن والسلام في المنطقة .
العراق والمرحلة المقبلة
نشر في: 19 ديسمبر, 2010: 05:11 م