TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > عكّاز يطفو فوق الماء

عكّاز يطفو فوق الماء

نشر في: 20 ديسمبر, 2010: 05:24 م

طالب المحسنفي مسرحيته (أيولف الصغير) تحدث الكاتب هنريك أبسن عن صبي ساقه مبتورة ويستعمل عكازاً ، ترك منزله وبحثت عنه أمه الى ان اتاها الخبر الصادم..... عكاز يطفو فوق الماء....هذا الخبر قد يكون لا معنى له لكن لامه ( أم أيولف الصغير في المسرحية) فهو الخبر الصاعق ، انه يفيد بان أيولف الصغير الآن تحت الماء ، تسحقه الامواج الى قرارها المظلم .اليوم التعامل مع سحق الإنسان وصل من الجرأة لان يسوق انه ( عكاز يطفو فوق الماء )
 وعليك كما يريدون هم التعامل وردة الفعل مع ما يناسب العكاز فحسب، غير آبهين بالضحية التي يدفعونها بعيداً إلى القعر .  هامش الصراع على الحريات المدنية وحركة الشارع ونشاط المثقفين رجالا ونساءً من اجل الحفاظ على مكاسب الشعب وهي نتاج نضال دؤوب  ومضن خاضته أجيال متعاقبة ، يحاول بعض حديثي النعمة بكل مستوياتها الإجهاز عليها وتحويلها الى رصيد في جيوبهم التي لن تمتلئ ، انهم يخدعون الشعب وتحويل أنظاره عن الضحية التي يحاولون دفعها الى الاعماق السحيقة وإظهار الموضوع ليس اكثر من عكاز فحسب.إن كل حركة الشارع العراقي  المدني  يختزلها البعض وبقصد ، انها بسبب الخمر ومن اجل ذلك راحوا يحشرون قوى دينية لتعضيد موقفهم وكأن مثقفي العراق هم مجموعة مدنيين عشوائيين مدمنين اشتكت المدينة والمدينة منهم وتحول جوهر الصراع من موضوعة الحريات المدنية الى قنينة خمر أي عكاز، وفي اللحظة ذاتها  يتوعدون النشاط المدني ويتعجبون لحراكه.إن الأم في مسرحية أيولف الصغير قد كبدها رؤية العكاز الطافي لأنها  تعرف معناه بشكل حقيقي يثقب القلب ، وكذلك المثقفين العراقيين لن ينظروا للعكاز ولكن لظلال هذه الصورة المؤلمة ، القاهرة التي تستحق التمعن وكشف كل أبعادها .ان تحويل الاختلافات في الرؤية المدنية لتفسير الدين ، لا يخلق أجواء مناسبة للحلول ، وان صدام كان رائداً في هذا المضمار حينما قمع المرأة بحد السيف لكي يظهر نفسه شريفا على حساب اعناق الاخريات بل انه خاض حربا دامية لثماني سنين حرص فيها على أن يرتدي زي الاسلام  بل سمى حربه القادسية الثانية باعتبارها امتداداً للقادسية الاولى ايام الفتوحات الإسلامية، واطلق على نفسه عبد الله المؤمن وقد التفت حوله منظمات إسلامية شتى كانت بغداد محط رحالهم ، ويفتون له ويشدون من أزره ....ثم حربه  مع  العالم وأيضاً كالعادة احتمى بستار الدين واعتبر حربه حرب الإيمان كله ضد الباطل كله وقد غنى له المطبلون ، أذكر هذه (لا...لا...لا والله والعباس...توكع زلم فوك الزلم لمن يشيب الراس ... هاي الكاع ما تنداس ) وكلنا بالطبع يعرف نتيجة هذه الحرب وما جرى لهذه (الكاع) وهؤلاء المطبلين.إذن فقصة العراقيين مع استخدام الدين قصة طويلة بل يكاد العراقيون اعرف الشعوب بها، لذا بيع الماء في حارة السقايين ليست تجارة مربحة على الاطلاق وان زج الدين يعطي مؤشرا في غاية الخطورة وهو ان لا امل يرتجى حينما تطل اي مشكله اذ سيكون الطريق سالكاً لدفع الدين الى الواجهة. ان الدين وشيوخه اسمى من ان ينخرطوا في حوار الاطراف المدنية، انهم راعون لهذا البلد، يتوسمون السلم الاهلي والمجادلة بالحكمة والموعظة الحسنة. آه يا أم أيولف الصغير ، ان كل دموعك وآلامك ما زال البعض يعتبرها عكّازاً فقط جاء طافيا فوق الماء

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram