ميعاد الطائيإذا ما أردنا أن نكتشف مدى النجاح الذي حققته التجربة الديمقراطية في العراق فعلينا النظر إلى مدى التطور الحاصل في إعادة العلاقات بالمجتمع الدولي وبدول العالم المختلفة من خلال السياسة الخارجية الناجحة بعد أن عانى العراق فترة طويلة العزلة وهو يعيش تحت طائلة عقوبات دولية عديدة.
فبعد ان أوفى العراق بالتزاماته تجاه دول الجوار والمجتمع الدولي وبعد نجاحه في إرساء الأمن في البلاد وإعادة العلاقات الدبلوماسية مع دول العالم ومد جسور الثقة ,بعد كل ذلك حقق العراق ما كان يصبو إليه منذ سقوط النظام الصدامي الفاشي وهو رفع العقوبات الدولية التي فرضها عليه المجتمع الدولي بعد اجتياح الكويت من قبل النظام المباد في 2/8/1990 .ويمكن للمتابع لجلسة مجلس الأمن الدولي التي انعقدت يوم 15 /12/2010 ان يكتشف الاهتمام الدولي بهذه القضية من خلال الدعم الأمريكي المتمثل بترؤس نائب الرئيس الأمريكي بنفسه هذه الجلسة، حيث كان للولايات المتحدة الأمريكية الدور البارز في إخراج العراق من طائلة هذه العقوبات تنفيذا لما اتفق عليه الطرفان العراقي والأمريكي من خلال الاتفاقية الأمنية والداعية إلى دعمها العراق في القضايا المتعلقة بالمجتمع الدولي وتخليصه من العقوبات المترتبة عليه .ولقد اتخذ مجلس الأمن القرار 1957 الذي يرفع القيود المفروضة بموجب القرارين 685 و707 المتعلقين بأسلحة الدمار الشامل والأنشطة النووية المدنية. وإقراراً بنجاح العراق في إغلاق العقود المتبقية في برنامج النفط مقابل الغذاء، اتخذ مجلس الأمن القرار رقم 1958 لإنهاء الأنشطة المتبقية من برنامج النفط مقابل الغذاء. واعترافاً بالتقدم الذي أحرزه العراق نحو إنشاء ترتيبات خلافة فعالة ومسؤولة لعملية انتقال صندوق تنمية العراق، اتخذ المجلس القرار رقم 1956، الذي ينهي الترتيبات اللازمة للصندوق في 30 حزيران/يونيو 2011.ومن الأهمية بمكان ان نذكر هنا ان مجلس الأمن قد صوت بالإجماع ليعكس رغبته بضرورة رفع العقوبات وان المجتمع الدولي بات مقتنعاً بان هذه العقوبات التي صدرت بحق العراق إنما جاءت في ظروف خاصة وجاءت لردع النظام الحاكم حينها. واليوم وبزوال الأسباب لا بد من رفع هذه العقوبات التي شكلت عبئا ثقيلا على الشعب العراقي منذ عام 1990 ولحد الآن نتيجة ممارسات النظام الدكتاتوري التي دفع الشعب العراقي ثمنها سنوات طويلة من الحصار الاقتصادي وحرمانه من التمتع بخيراته الوفيرة التي حباه الله تعالى بها ولينفرد النظام وأزلامه بالتمتع بهذه الأموال لتتسبب هذه السياسات المتهورة في تفشي الفقر والفساد بأنواعه في مجتمع كان يعيش تدنياً كبيراً في المستوى المعيشي .ولقد صوت مجلس الأمن الدولي بالإجماع على قرار ينص على إخراج العراق من طائلة البند السابع وإنهاء تفويض القوات المتعددة الجنسيات وحماية الأموال والأرصدة العراقية من المطالبات القانونية التي تراكمت منذ عهد النظام السابق لمدة ستة اشهر.كما قرر المجلس رفع الحظر عن نشاطات العراق النووية للأغراض السلمية مع إلغاء العمل ببرنامج النفط مقابل الغذاء ،كذلك إنهاء حصانة العراق من مطالب التعويضات بدءا من تموز المقبل .وهكذا لم يبق من هذا الملف سوى إكمال الملفات العالقة مع الجارة الكويت والتي شهدت الفترة الأخيرة مبادرات إيجابية من الطرفين لحل المشكلات بينهما وخاصة في ظل التغيير الكبير في سياسة العراق بعد سقوط النظام السابق ووجود حكومة تعمل على معالجة الموروث السابق من خلال إعادة بناء علاقات جديدة تعتمد الثقة ومراعاة مصالح الآخرين وعدم التدخل في الشؤون الداخلية .وفي الختام نقول انه على الحكومة في دولة الكويت الاستفادة من وجود الشخصيات السياسية التي تحكم العراق والتي لطالما عبرت عن استنكارها سياسات النظام السابق وخاصة في ما يخص اجتياح الكويت وعبرت عن تضامنها مع الشعب الكويتي ونتمنى ان يقوم الطرفان بإغلاق الملفات المتبقية من اجل بناء علاقات متينة يستفيد منها الشعب في البلدين الشقيقين.
السياسة الخارجية والعقوبات الدولية
نشر في: 20 ديسمبر, 2010: 05:25 م