اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > الموسم الدراسي يبدأ وقرطاسية الوزارة في المخازن!

الموسم الدراسي يبدأ وقرطاسية الوزارة في المخازن!

نشر في: 10 أكتوبر, 2012: 06:25 م

 بغداد/ صابرين فالح.. عدسة/ محمود رؤوف
انقضت العطلة الصيفية، وها قد حان وقت الالتحاق بالمدرسة، بما يعنيه من تغير في حياة كل أفراد الأسرة، وبقدر ما تحمله السنة الدراسية الجديدة من آمال وأحلام وتوقعات لكل من الأهل والتلميذ بقدر ما تحمله من صعوبات ومخاوف لكليهما ربما تصل إلى قلق العوائل بسبب ارتفاع أسعار الكتب والقرطاسية والأزياء المدرسية..
وهناك صعوبات تتجدد كل عام بدرجة تدهش الأهل أحيانا، فيتساءلون بحيرة ما الجديد؟! فقد التحق التلميذ بالمدرسة منذ أعوام وقد جرب الانخراط في الحياة خارج البيت.. ولكن رغم ذلك يظل انشغال التلميذ والطالب ما بين مخاوف الصداقات الجديدة والمناهج الدراسية ومدرسين جدد، وبين مخاوف الأهل، وخصوصا الأم من صعوبة توفير المناخ الملائم لأولادها، والمستلزمات الضرورية اللازمة لبدء عامه الدراسي الجديد، خصوصا في ظل الارتفاع الكبير في أسعار السلع الموسمية التي يستغل التجار حاجة الأهل الضرورية لها ليزيدوا من أسعارها بشكل قد يفوق قدرة الأهل على شرائها .
ما بين "البسطية" والمحال
فما هي معاناة ومشاكل بدء العام الدراسي الذي نعيش بداياته الآن؟
  للإجابة عن هذا التساؤل ، كانت لنا وقفة مع العديد من المواطنين لنعرف منهم وجه هذه المعاناة وسبل مواجهتها والتغلب على صعوباتها.
تقول أم محمد، وهي ربة بيت وأم لثلاثة من التلاميذ: أنها اضطرت  لشراء الملابس الجديدة وجميع المستلزمات المدرسية لأبنائها الطلبة برغم  ضعف إمكانياتها المادية، وأنها اعتمدت في عملية الشراء على "البسطيات" المنتشرة في سوق بغداد الجديدة، لافتة إلى أنها فضلت البسطية على المحال التجارية في التجهيز للمدارس برغم عدم وجود فرق كبير ما بينهما من ناحية الأسعار.
وأوضحت أنّ الارتفاع الذي تشهده معظم الاحتياجات اليومية يحول دون شراء الأهالي مستلزمات العام الدراسي الجديد لأبنائهم الطلبة.
وتقول سهى تحسين: بدأ العام الدراسي  وبدأت معه عودة الحركة والنشاط إلى مدارسنا بعد عطلة صيفية مرت بسرعة، لتبدأ مرحلة جديدة من العمل وكذلك معاناة الأهل من خلال تأمين المستلزمات المدرسية من ألبسة وأحذية وحقائب وكتب ودفاتر وقرطاسية وبقية مستلزمات الدراسة، فأسعار الملابس المدرسية (الزي الموحد)، مرتفعة قياساً بسنوات سابقة، ومتطلبات كل مرحلة تختلف عن الأخرى، تبعاً لنوعية اللباس والأحذية ومتمماتها، فالصدرية المدرسية لطالبة في الابتدائية وصل سعرها إلى 15 ألف دينار، ولن نتحدث عن أسعار بقية المستلزمات، فما بالك إذا كان عدد الأولاد أربعة أو خمسة وربما أكثر! ورغم أني موظفة الا أني مع هذا لم استطع توفير كل الاحتياجات الضرورية لأبنائي التلاميذ، واكتفيت فقط بالضروريات التي لا يمكن الاستغناء عنها.
الملابس والحقائب القديمة
أنوار إبراهيم أكدت أن هناك البعض من طلبة المدارس قد عزموا على دخول العام الدراسي الجديد بملابسهم وحقائبهم القديمة، والتي ربما كانت ممزقة ، فهم لا يستطيعون تبديلها بأخرى جديدة. كما أن هناك البعض الآخر من طلبة الثانوية أو طلبة الجامعات لم يسجلوا لهذا الفصل نظرا لعدم توفر أقساطهم الجامعية، وهذا الأمر يشكل مفارقة كبيرة في بلد كبلدنا ، فيه من الثروات الهائلة التي تجعلنا في مصاف الشعوب الغنية وليس مثل ما يحدث من عدم قدرة البعض منا على توفير ابسط الاحتياجات لأطفالهم في دراستهم لضعف إمكاناتهم المادية .
آمال حسن، وهي معلمة في مدرسة ابتدائية، تتحدث عن جانب آخر من معاناة الأهل حيث قالت: ان الشعور بالخوف والرهبة يسيطران على الأطفال، في بداية العام الدراسي،  لا سيما تلاميذ الصف الأول الابتدائي، وحتى الصف الثالث، بحيث رفض العديد منهم الذهاب للمدرسة، وأصروا على البقاء في البيت، وهذا همّ جديد يضاف إلى هموم الأم العراقية. فالخوف يتملك الطفل من لحظة دخوله ساحة المدرسة، وقد يلازمه هذا الخوف حتى الجامعة، إن لم يلق التشجيع والمعاملة الجيدة التي تساعده في التغلب على هذا الشعور الطبيعي، عند الكثير من الأطفال، ويجد الأهل في هذه الفترة نوعا من المعاناة في التعامل مع أطفالهم وكيفية إقناعهم بالذهاب للمدرسة، والمعلمات بدورهن يجدن أنفسهن في مواجهة مع هؤلاء الصغار الذين يعلو صراخهم في الأيام الأولى للمدرسة رافضين ترك أمهاتهم، وقد يستمر رفض الطفل الذهاب للمدرسة حتى بعد الصف الثالث الابتدائي ، نتيجة اعتياده على العطلة ورفضه الداخلي لما يترتب على بدء العام الدراسي من التزامات وأنظمة.
محنة القرطاسية
ويقول علي ستار "موظف": بداية العام الدراسي في كل سنة تتشكل أزمة إجبارية وصرخة ألم تتكرر في مطلع كل عام، فالأهالي يئنون من وطأة المصاريف الدراسية، بدءاً من القرطاسية والكتب وصولا إلى اللباس الموحد  ووسائل النقل، ونشاطات العام الدراسي كلها مصاريف، مجرد ذكرها يصبح كابوسا يؤرق أرباب العوائل العراقية. ويضيف علي، شهر أيلول تحول الى شهر خوف بامتياز من تحول معاناة العراقيين إلى واقع قد يدفعهم إلى عدم تأمين المدارس "اللائقة" لأولادهم، خصوصا في ظل السمعة "السيئة" للمدرسة الحكومية من دون أن يضطروا إلى إعلان إفلاسهم ورفع راية الاستسلام بعد أن انتشرت المدارس الأهلية في بغداد.
وترى أمل كاظم، وهي موظفة، أن مع بداية العام الدراسي الجديد، زادت الأعباء المالية الملقاة على عاتق العائلة العراقية، حيث ارتفعت أسعار الملابس والحقائب المدرسية والقرطاسية ولوازمها، وتزامن ذلك مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية الذي يعزى لسوء وشح مفردات البطاقة التموينية. مما بانت علامات الاستياء والامتعاض، لعدد كبير من أولياء الأمور من ارتفاع أسعار مستلزمات الدراسة، في المكتبات لدرجة أنها استنزفت ميزانيتهم الشهرية (والحبل على الجرار)، كما يقول أولياء الأمور. وذلك لبروز ظاهرة (تأخر المدارس)، في توزيع القرطاسية على التلاميذ، حيث لا يتم التوزيع إلا بعد شراء أولياء الأمور جميع احتياجات أبنائهم من القرطاسية مما يجعل العوائل تتحمل أعباء إضافية، فضلاً عن أن بعض المعلمين والمعلمات عادة ما يطالبون تلاميذهم باستخدام قرطاسيات من أنواع معينة غير التي توزعها التربية، لاسيما الدفاتر في الوقت الذي لا تستطيع الكثير من العوائل العراقية، التي لا يكفي دخلها المحدود لتلبية تلك الطلبات. وكما أن ارتفاع تكاليف الدراسة، لم تقتصر على الدفاتر والمستلزمات الدراسية وإنما تعدتها لتشمل الحقائب والملابس والنقل والملازم والدروس الخصوصية.
ترك المدرسة ولقمة العيش
أم زينة، اختصرت كل تلك المعاناة لتجعل أولادها يتركون الدراسة في المدرسة ويتحملون مسؤولية توفير قوت العائلة بأنفسهم، وعن ذلك تحدثت قائلة: زوجي مريض ولا يستطيع العمل فيوم يعمل، وأيام أخرى تمر وهو راقد في الفراش، وظروف العيش قاسية ولا نستطيع تحمل مصاريف المدرسة فلم نجد حلا إلا أن يترك أولادنا المدرسة ويساعدوا والدهم لكسب قوت العائلة.
فيحاء كاظم، ترى أنها على استعداد لتحمل معاناة تدبير لوازم الدراسة وتوابعها في مقابل أن تطمئن على أبنائها وهم ذاهبون الى مدارسهم وكلياتهم حيث أنها ام لأبناء في مختلف مراحل الدراسة أصغرهم في المرحلة المتوسطة وأكبرهم في الجامعة، وهي ترى أن الوضع الأمني غير المستقر هو أكثر ما يقلقها مع بداية كل عام منذ أكثر من عشر سنوات، فهي وحسب قولها، تعيش لحظات قلق وهواجس منذ خروج أولادها الى أماكن دراستهم وحتى عودتهم إلى البيت.
أما أم أحمد، وهي ربة بيت وأم لثلاثة من الطلبة، فأشارت إلى ضرورة توجه المتخصصين للتصدي لظاهرة سلبية أخرى في المدارس، تضاف إلى المعاناة التي يعانيها الأهالي، بجانب معاناتهم في توفير الاحتياجات الضرورية لأبنائهم التلاميذ من ملبس وقرطاسية وما شاكلها، وهي منع الإدارات من استيفاء مبالغ نقدية من التلاميذ بحجة توفير المستلزمات للمدرسة أو ترميمها، مضيفاً أن “أهم شيء يجب أن تلتفت إليه الحكومة وتمنعه بشكل نهائي هو محاولة بعض إدارات المدارس فرض جمع مبالغ مالية من الطلبة بحجة إعمار المدارس وتوفير بعض احتياجاتها”.
مشاكل الدروس الخصوصية
أسماء محمد، أم لأثنين من الطلاب في المراحل المنتهية لهذا العام، وهي ترى أن لوازم الدراسة وتوفير الملبس والاحتياجات الأخرى ليست هي العبء الوحيد علينا، فهناك مشكلة الدروس الخصوصية، التي يعاني منها أغلبية الأهالي، وخصوصا الذين لديهم طلبة في المراحل المنتهية، وهي المرحلة الفاصلة في حياة التلاميذ وتحديد مستقبلهم وخصوصا ممن كانوا في المرحلة الإعدادية. لذلك نجد أنفسنا ملزمين بتوفير مبالغ أضافية وكبيرة لغرض وضع مدرسين خصوصيين لأولادنا، في مادتين، وأحيانا أكثر، وهذا كله بسبب تقاعس المدرسين أحيانا عن أداء واجباتهم على الوجه الأكمل، وبما يحقق منفعة الطالب ونجاحه، أو قد يعود لجشع وطمع البعض منهم، فيلجأون للدروس الخصوصية وما توفره من عائد كبير لهم.
 وعن هذا الموضوع تضيف أسمهان يحيى، بأن الرواتب الضعيفة التي يتقاضها المعلمون والمدرسون هي في الغالب السبب وراء لجوء الكثير من المعلمين والمدرسين إلى الدروس الخصوصية، بسبب المعيشة وتكاليفها العالية التي باتت شكوى غالبية الناس، فزوجي أيضا مدرس، لكنه يعمل إلى جانب عمله الحكومي سائق تاكسي لكي لا يضطر الى اللجوء للدروس الخصوصية ومشاكلها .
ونوهت مدرّسة اللغة الانكليزية، سهى محمد، قائلة: وهل التقصير من المدرّس في المدرسة؟ فأنا على سبيل المثال، أعطي كل ما عندي لدرس المدرسة وأعطيهم أكثر من ذلك واجتهد أحيانا في إعطاء أسئلة خارجية، وحل أسئلة الامتحانات الوزارية، ومع هذا يطرق بابي بعض الطلاب قائلين لي؛ نريد درسا خصوصيا، وعندما اسأل عن السبب، هل هو التقصير في دروس المدرسة؟ يقال لي لا وإنما للاستفادة أكثر، لأن في الإعادة إفادة، كما يقول البعض منهم .
طلاب يفترشون الأرض
ولا بد لنا في هذا التحقيق أن نذكر الواقع البيئي في بعض مدارس بغداد والمحافظات الذي لا يمكن السكوت عليه ، ويهدد بانتشار الأوبئة والأمراض بسبب ضعف فعالية الصحة المدرسية وحركتها البطيئة في ظل عدم الاهتمام الحكومي فيها.
فهناك العديد من المدارس الابتدائية والمتوسطة صفوفها تضم عدداً كبيراً من الطلاب في غرفة صغيرة، وفي الأغلب يجلسون على الأرض، على مسافة  لا تبتعد عن  نصف متر عن  السبورة ..! كذلك هناك شكوى من  المدرسين والمعلمين، في أن اغلب المدارس الابتدائية والمتوسطة لا يوجد فيها كهرباء ولا ماء صالح للشرب، وهم يدرّسون طلبتهم ويخشون من سقوط السقوف المتهالكة، وبعض المدارس تشكو قلة الملاك التدريسي وفق بعض الاختصاصات المهمة.
إن كثرة شكاوى أولياء أمور التلاميذ، والتلاميذ أنفسهم والبعض من المعلمين والمدرسين، حول تردي الواقع البيئي في المدارس.. مسؤولية من؟ فهناك الكثير من الأموال التي رصدت لبناء وترميم المدارس الحكومية ورفدها بكل الوسائل التكنولوجية والصحية والبيئية، ولكن كل هذا كان حبرا على ورق ولم يتم على ارض الواقع، حيث بقيت المدارس القديمة بمعداتها وأجهزتها وأثاثها القديم وأبنيتها المتهالكة بدون أي ترميم او إصلاحات تنهض بها لكي تكون بيئة ملائمة للطلاب والتربويين مما دفع بالكثير من الأهالي إلى تسجيل ابنائهم في المدارس الأهلية وتحمل عبأ أجورها الغالية، والمبالغ بها في أكثر الأحيان، مضطرين بسبب واقع حال المدارس الحكومية. وقد لوحظ في الآونة الأخيرة انتشار القطع الدعائية التي تتحدث عن المدارس الأهلية، وهي تجربة ما زالت فتية وتحتاج إلى نضج اكبر، لأننا تعودنا كفالة الدولة العراقية لكل المراحل، مع العلم أن وزارة التربية توفر كافة التسهيلات للمدارس الأهلية، شرط مطابقتها للمعايير التي تعتمدها الوزارة.
وبعد كل هذا، لا يسعنا إلا أن نقول: كان الله في عون الطلبة وذويهم مع بدء كل عام دراسي جديد حيث أن المعاناة التي تصاحب بدء موسم الدراسة هي معاناة كبيرة لا يستهان بها وتثقل كاهل المواطن العراقي البسيط، الذي يعاني غلاء الأسعار وسوء الأحوال الأمنية واستشراء الفساد في كافة مرافق الحياة، لك الله أيها العراقي الصابر والذي ستستمر معاناتك ما استمر تجاهل المسؤولين لاحتياجاتك ومطالبك العادلة بحياة حرة كريمة، تستحقها بعد التضحيات التي قدمتها والمعاناة الجسيمة التي مررت بها، وكل عام وطلبتنا الأعزاء وذويهم بألف خير.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

طقس العراق.. أجواء صحوة وانخفاض في دراجات الحرارة

أسعار صرف الدولار تستقر في بغداد

تنفيذ أوامر قبض بحق موظفين في كهرباء واسط لاختلاسهما مبالغ مالية

إطلاق تطبيق إلكتروني لمتقاعدي العراق

"في 24 ساعة".. حملة كامالا هاريس تجمع 81 مليون دولار

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram