TOP

جريدة المدى > الملاحق > شعب يحب الإنفاق!

شعب يحب الإنفاق!

نشر في: 24 ديسمبر, 2010: 05:28 م

في السادس من كانون الثاني من كل سنة، يحتفل اليونانيون بعيد الغطاس بمراسم مليئة بالرمزية والأمل، حيث يقوم رجال الدين في جميع أرجاء البلاد بإلقاء صليب في المياه، ثم يقوم بعض الشبان بالغطس في محاولة لاستعادته، بعد ذلك يتلقى الفائزون بركة رجال الدين. وفي النهاية يعود الجميع إلى منازلهم ومعهم كمية من تلك المياه المقدسة على أمل أن تكون السنة الجديدة خالية من المشاكل.
وفيما تقترب السنة الحالية من نهايتها  تغوص اليونان في الديون وعجز الميزانية تماماً مثلما يغوص الصليب في الماء، ولذلك فإنهم يرون ان رئيس حكومتهم  باباندريو سيكون بحاجة إلى أكثر من المياه المقدسة حتى يمكِّن البلاد من تخطي سنة 2011.مباشرةً بعد تولي باباندريو السلطة في شهر  تشرين الأول الماضي كشفت حكومته الاشتراكية بأن الوضع المالي لليونان أسوأ بكثير مما صرحت به الحكومة السابقة. فالعجز لعام 2009 بلغ نحو 13 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، علماً أن الحد الأقصى للعجز في منطقة اليورو هو 3 في المئة فقط. والمخاوف  تتنامى من أن تؤدي الأوضاع المالية الخطيرة في اليونان إلى إصابة بقية دول أوروبا بالعدوى، لذلك يبدو أن الأزمة اليونانية أصبحت بمثابة اختبار حاسم للعملة الأوروبية. وفي  احدى اعداد صحيفة «فايننشال تايمز» الاخيرة ، قال أرنب داس وزميله نورييل روبيني، الذي كان من أبرز الذين تنبأوا بالأزمة المالية العالمية: إنه ما لم تقم أوروبا بوضع أسس قوية للتعامل مع مشاكل كل دولة على حدة، فإن «الشكوك بشأن قدرة الاتحاد النقدي والاقتصادي على الاستمرار ستعود مع كل أزمة؛ وعاجلاً أم آجلاً سوف تجد هذه الشكوك ما يبررها».ومعظم اليونانيين يعتبرون أن النظام الضريبي المعمول به وتضخم القطاع العام، الذي يُعتبر القطاع المريض في البلاد، هما المسؤولان عن المشاكل الحالية التي تعاني منها اليونان. ففي هذه الدولة التي لا يتجاوز عدد سكانها الـ11 مليوناً، هناك نحو 850 ألف موظف في دوائر الدولة، حيث يستمتع العديد منهم بيوم عمل من السابعة والنصف صباحاً حتى الثانية والنصف بعد الظهر. «ينبغي على الدولة تغيير عقلية الموظف في القطاع العام»، كما يقول المستثمر والاقتصادي تيموس ميليساريس، . أما يوانيس ستورناراس، مدير الأبحاث في مؤسسة «الأبحاث الصناعية والاقتصادية» الاستشارية المستقلة، فيقول: «ما نحن بحاجة له في القطاع العام يرتقي إلى حدود الثورة»وقد أصدرت وكالة «مودي» للتصنيف  مؤخرا تقريراً قالت فيه إن اليونان مرشحة، إلى جانب البرتغال، لمواجهة «موت بطيء» مع ازدياد اعتمادها على دخلها المحلي من أجل تسديد ديونها. ومع تواصل ارتفاع تلك الديون، فإن البنوك اليونانية مرشحة لمواجهة المزيد من المشاكل، حيث يقول ميليساريس: «الأمر أشبه بوجود قنبلة بين أيديهم؛ ففي حال واصلت أسعار الفائدة صعودها، فإن تلك القنبلة ستنفجر».مع أن اليونانيين يبذلون كل ما بوسعهم لتغيير أنماط حياتهم، إلا أن حقيقة أنهم يحبون الإنفاق قد تكون نعمة في نهاية المطاف. كيرياكوس سارانتيس، مدير إحدى الشركات، يقول: «اليونان دولة فقيرة لكن مواطنيها أغنياء؛ إنه لأمرٌ غريب». وهذا صحيح، فبالرغم من الركود الاقتصادي، فإن أرفف المحال داخل أسواقها كانت دائماً شبه فارغة. لكن يبدو أن الأمور بدأت تتغير؛ للمرة الأولى منذ عقود يبدو أن اليونانيين بدأوا يستوعبون أنه يتحتم عليهم العيش ضمن حدود معينة. وقد أظهر الاستفتاء الأخير الذي أجرته صحيفة «إثنوس» المحلية أن 73 في المئة من اليونانيين مستعدون لتقديم تضحيات من أجل التغلب على الأزمة. وتعليقاً على ذلك يقول جورج هارفالياس، رئيس تحرير الصحيفة المذكورة: «اليونانيون يعلمون أن أيام الرخاء قد ولت إلى غير رجعة».

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

اشتعال أزمة سوريا وتركيا.. ورومني يدعم تسليح المعارضة
الملاحق

اشتعال أزمة سوريا وتركيا.. ورومني يدعم تسليح المعارضة

  دمشق / BBCبعد أيام من سقوط القذائف السورية عبر الحدود إلى تركيا، ما يزال التوتر وأعمال القتل، تتصاعد على جانبي الحدود، في وقت أعلن فيه مقاتلو المعارضة قرب السيطرة على معسكر للجيش النظامي...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram