ميعاد الطائيفي ذكرى دخول جريدة المدى الألفية الثالثة، وبمناسبة صدور العدد 2000 لابد لنا من ان نتوقف عند الدور المهم لهذه الجريدة والمؤسسة التي تواصل تألقها ومثابرتها في ترسيخ دعائم الإعلام الوطني النزيه والحر والذي يتفاعل مع الواقع ويدافع عن الحريات من دون اي تردد او خوف من مواجهة الانتهاكات التي قد تعرقل المسيرة الديمقراطية وتكبل حرية الكلمة .
ومنذ سقوط النظام السابق في 2003 وبعد توسع أفق الحرية في العراق انطلقت هذه الجريدة لتنفتح على فضاء الحرية ولتأخذ دورها الوطني في مساندة جميع الممارسات الديمقراطية وتقديم الدعم للمثقفين والكتاب والمنظمات الثقافية إضافة الى التطور الكبير الذي شهدته هذه الجريدة في التجديد والتقدم نحو الأمام عبر تغييرات إيجابية في عملها الفني والإداري مستفيدة من الخبرات المتراكمة عبر سنوات العمل المتواصل . ولقد كانت جريدة المدى إحدى وسائل الإعلام العراقية المهمة والمتميزة التي ساهمت في نجاح التجربة الديمقراطية التي كانت بحاجة لتوفر عناصر هذا النجاح وهي كثيرة أهمها: المساندة الإعلامية من وسائل إعلام تحمل على عاتقها الوقوف أمام المد الإعلامي المعادي لهذه التجربة حيث يلعب الرأي الحر والإعلام الصادق دوراً مهماً في بناء الفرد والمجتمع خاصة عندما يقوم بالدور المرسوم له كأقوى أدوات الاتصال الحديثة التي تساعد المواطن على تثقيف نفسه والوقوف أمام أحداث العصر والتواصل مع العالم والتفاعل مع الحدث من خلال الأفكار والرؤى والتحليلات التي يتبناها الإعلام الحر ويقوم بإيصالها إلى القراء . لذا أصبحت مهمة بناء إعلام وطني حر ومستقل من اشتراطات التحول الديمقراطي وبناء دولة القانون والمؤسسات، ومن الضرورة بمكان أن تسعى الحكومة العراقية والبرلمان إلى الاهتمام بهذا الجانب المهم ..ويسهل للمتابع للشأن الإعلامي ان يعرف أن الأنظمة الدكتاتورية تخشى من الرأي الحر والإعلام المنصف من أجل ذلك. ولأهمية دور الإعلام قامت تلك الأنظمة بالسيطرة على هذا الجانب من خلال فرض القيود وتحديد الحريات وإعطاء مقاليد التحكم لمؤسسات قمعية تراقب عمل المؤسسات الثقافية عبر سيطرة الأنظمة على وزارة الثقافة والإعلام وربط عملها وأهدافها بأهداف النظام التسلطي والدكتاتوري والذي يحكم معظم البلدان في المنطقة، والعراق إحدى هذه الدول التي كانت تعاني سيطرة الأنظمة وتضييق الحريات ومنع الرأي الحر وعدم الاستماع للرأي الآخر، ولكن بعد التغيير الذي طرأ على المشهد العراقي بعد سقوط النظام الدكتاتوري في 2003 وجد الإعلام نفسه أمام منعطف مهم وتاريخي حيث حصل على فضاء كبير من الحرية في التعبير عن الرأي والنشر وإصدار الصحف وإطلاق الفضائيات واستخدام جميع وسائل الإعلام بحرية كبيرة .وهكذا شهدنا جميعاً الدور الفعال لصحف عديدة كانت المدى في مقدمتها في هذه الفترة التي تعد تحدياً كبيراً للإعلام العراقي الذي وجد نفسه أمام مدّ إعلامي معاد يشكل خطراً على التجربة العراقية من خلال إشاعته الفتنة التي مازال يحاول زرعها بين أبناء الوطن الواحد ويحاول دائما إيصال صورة مظلمة ومأساوية إلى متابعيه عن حال العراق وشعبه، وان هذا الإعلام المعادي ما هو إلا امتداد طبيعي ووريث لوسائل الإعلام التي كانت إبان وجود النظام السابق الذي كان يقف في طريق حرية الشعب العراقي ويحاول الحيلولة دون تحقيق أحلامه في العيش بسلام . ولكن إعلامنا الحر الجديد وقف نداً لهذا المدّ المعادي وكانت العديد من الصحف قد وقفت أمام التحديات الكبيرة حيث واكبت التطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في العراق الجديد، وكان مطلوباً منها أن تكون إلى جانب الشعب العراقي وهو يواجه هذا الخطر، وبالفعل استطاعت الصحف الوطنية وإعلامها الناجح أن تساعد على محاربة الفتنة الطائفية من خلال أفكارها ومن خلال إرساء مفاهيم الوحدة والتسامح والتصالح وإفشال مخططات الغزو الإعلامي الذي كان يتعرض له العراق، فكان لهذه الأجهزة دور مهم في تحقيق المصالحة واستتباب الأمن من خلال المشاركة في بناء شخصية المواطن وتحصينه ضد الأفكار المعادية، وبث روح المواطنة عند المواطن العراقي من خلال نشر المفاهيم الوطنية وجعلها في مقدمة اهتمامات المواطن والدولة على حد سواء، ولقد شهدت الساحة الإعلامية العراقية تواجد الكثير من الصحفيين العراقيين المبدعين والإعلاميين أصحاب الأفكار الحرة الذين كان لهم الدور المهم في إرساء المفاهيم الجديدة على الساحة العراقية وشاركوا في إيصالها إلى القارئ عبر مقالاتهم وتقاريرهم وتحليلاتهم التي ساعدت المواطن العراقي على فهم واستيعاب الأحداث التي مرت عليه عبر السنوات الحرجة في عمر التجربة العراقية والتي لعب فيها الإعلام بكل وسائله دوراً فعالاً وساعد الشعب العراقي على الخروج من النفق المظلم الذي أراد البعض أن يحشره فيه. ونستطيع في النهاية ان نقول: ان الإعلام الحر في العراق كان ثمرة التجربة الديمقراطية في هذا البلد والتي لم تكن لتنجح لولا توفر كل مقومات النجاح وأهمها:وجود إعلام مهني وحر يدعم هذه التجربة ويساعدها على التواصل مع أبناء الشعب العراقي .نتمنى لإعلامنا الوطني المزيد من النجاح ونتمنى لجريدة المدى أن تواصل نجاحاتها وتألقها&
جريدة المدى والعدد 2000
نشر في: 28 ديسمبر, 2010: 05:37 م