محمود النمر ضيف اتحاد الأدباء الباحث والكاتب د.حيدر سعيد للتحدث عن رؤيته حول الثقافة والمثقف الموسومة (نهاية المثقف) وأدار الجلسة الناقد علي حسن الفواز الذي قال في بداية حديثه: ان هذا التلمس العلمي للرؤى والمفاهيم والتصورات التي باتت تشكل امام المشغل الحقيقي او تحدياً حقيقياً في عناوين المثقف العراقي الجديد،
ولكن حتما هذه الطروحات وهذه الرؤى والأفكار التي تثير جدلاً واسعاً أمام واقعية الوظيفة التي يؤديها المثقف العراقي خاصة في اطار علاقته مع الدولة والبنى الحزبية والأيدلوجية وعلاقته مع القوى الجديدة الصاعدة مع المجتمع العراقي منذ عشرين سنة هناك قوى مسكوت عنها كانت تتشكل تحت السطح وألان ما بعد 2003 هناك قوى تشكلت على السطح فيها الكثير من العنف فيها الكثير من الرغبة لتدمير الاخر وعلاقتها الإشكالية المعقدة مع الآخر ،العلاقة التي يسيطر عليها الرعب والتغييب والإقصاء هذه القوى المتسلحة ايضا بايدلوجيات ربما لم تكن مشكلة داخل المنظومة السياسية او داخل المنظومة الدولتية واعتقد ان هذه الموضوعات هي التي ستشكل مسارا لخلافات متعددة .rn rnثم تحدث د. حيدر سعيد الذي أشار إلى الإبعاد المعرفية في ثقافة المثقف العربي والتطورات التي حدثت في بنية المثقف الجديدة من خلال مفهوم الثقافة الغربية الى الثقافة العربية وقال :ان مفهوم (المثقف)إذن مفهوم حديث في الثقافة العربية وغير اصيل ،أعيد بناؤه بعد الاتصال الكولونيالي بالثقافة الغربية ومع رحلة المفهوم من الثقافة الغربية الى الثقافة العربية ،رحل معه كل ما يحيط به من وظائف ومحتوى ،ولاسيما الطابع الرسولي للمثقف ،اذ نشأت طبقة المثقفين في الثقافة الغربية الحديثة بديلا عن طبقة الكهنوت ،توازيا مع تحول اجتماعي وثقافي وفكري كامل :صعود البرجوازية ،صعود الانسانوية ونسق القيم الحديث ،الثورة الصناعية ،المد العلماني ،ظهور العلموية والوضعية ولكن المثقف (الغربي) مع ذلك احتفظ بالمحتوى الرسولي للكهنوت ،وأصبح مبشرا بقيم التحول الذي تشهده المجتمعات البرجوازية ،اصبح مبشرا بقيم الأرض بدلا من المبشر السالف بقيم السماء.أما المثقف العربي فلم يكن وريث تحول اجتماعي ،بل لقد كان موضوعا في تعارض تاريخي او (لا تاريخية anachronism)عاشها المجتمع العربي والثقافة العربية بعد الحادث الكولونيالي افقدت هذه المجتمعات تطورها البنيوي وأفقدتها إمكانية ان تذوب في الآخر والتقدم والحداثة،لأن شعور هذه المجتمعات بالهوية وبعظمة الإرث الثقافي والخصوصية الثقافية لايزال ينتعش بقوة ،لا تاريخية وضعت هذه المجتمعات في اشكالية يبدو انها لم ولن تخرج منها الا بكتلة تاريخية ضخمة ذات توجه راديكالي وهو امر عسير وشديد التعقيد ....لا تاريخية أورثت هذه المجتمعات دماء ودمارا وحروبا وتوترات لاتزال تتنفسها .لم يكن المثقف في الثقافة العربية، كما المثقف الغربي مبشرا بقيم تحول اجتماعي بل كان مبشرا بنسق قيم اجنبية على هذه المجتمعات ،كان مشهدا لشيزوفرينيا حضارية ،او ل(نفس مبتورة)،بتعبير داريوش شايغان ،مشهدا لسلسة فصامات لا تنتهي :فصام بين تحديث وتنوير على مستوى الخطابات والنصوص وتراجع على مستوى المجتمعات ،فصام بين افكار الإنتلجنسيا وافكار المجتمعات ،فصام بين افكار المجتمع وبين طابع معيشتها المعتمد على التكنولوجياولذلك كانت تتكثف في المثقف العربي رسولية شديدة ،كان يبدو كأنه رسول السماء (سماء الغرب ربما) الى الارض المختلّفة ومجتمعاتها ،يصدق هذا الكلام على المثقفين الليبراليين المثقفين ،من قبيل طه حسين والزهاوي واحمد لطفي السيد وسواهم ويصدق على المثقفين الماركسيين وريثي فكرتي (تغيير العالم)و(المثقف العضوي)ويصدق كذلك على المثقفين مابعد الحداثيين الذين يؤمنون بالليبرالية الجديدة والعالم المعولم .
في اتحاد الأدباء ..الثقافة العربية بعد الحادث الكولونيالي
نشر في: 2 يناير, 2011: 05:04 م