حسين علي الحمدانياليوم نتصفح العدد رقم (2003) من جريدة المدى , ربما لم ينتبه أحد لهذا ، ولم يدر بخلد القارئ الذي حرص على مطالعة المدى أنه يطالع اليوم العدد الذي يحمل رقما يعني فيما يعنيه أننا دخلنا ألفية المدى الثالثة. فماذا يعني لنا هذا ؟ وهل دخول ألفً جديدة يمثل إنجازاً للمدى أم تحدياً ؟أجد بأنه إنجاز وتحدٍّ في نفس الوقت .
الإنجاز يكمن في إن المدى ثبتت على نهج سارت عليه ، وابتدأنا نحن مع المدى منذ أعدادها الأولى كقراء نطالعها ونتحسس من خلال صفحاتها نبرة جديدة في الإعلام العراقي المستقل والحر، أحيانا كثيرة كنا نجد أنفسنا حين نتحدث عن الصحافة العراقية ما بعد 2003 نفرد للمدى ساحة خاصة ولا نجد هنالك ثمة مقارنة قد تحدث بينها وبين موجة الصحف التي اجتاحت البلاد بعد الإطاحة بالنظام الشمولي الذي حدد الصحافة وأطرها بإطاره الخاص, نقول بأن أية مقارنة بين المدى وعدد كبير جدا من "صحف الأنترنت" التي ملأت الشوارع ولم تجد من يطالعها لأنها عبارة عن صحف تستنسخ نفسها وتتشابه في ما بينها لأنها تنهل من مصدر واحد هو الأنترنت الذي ربما أتاح للبعض أن يصدر صحيفة ويملأ صفحاتها بأخبار ومقالات تدرج تحت بند " السرقات " وهذه الصحف كان عمرها قصيراً وانتهت وذهبت .كنا كقراء لجريدة المدى مررنا فعلا بالتغيير في المفاهيم والإطر والاستنتاجات والاستقراء الصحيح للواقع العراقي بعيداً عن المجاملات الكثيرة التي اعتادت عليها الصحافة العراقية في حقبة الشمولية ، وهذه المجاملات انتقلت للبعض في مرحلة ما بعد التغيير ولا زمت الكثير من الكتاب أو المحسوبين على الكتاب .لهذا فإنني ومن خلال جولاتي الكثيرة في البلاد وجدت إن المدى موجودة في كل مكان من محافظات العراق، وذات مرة سألت أحد أساتذتي عن سر وجودها في كل المحافظات ؟ فقال لي إنها جريدة النخبة ، فمن هي النخبة يا ترى ؟ ربما يتصور البعض بأن النخبة تعني حملة الشهادات التي تشوهت صورتها العلمية ذاتها مع ركوب موجة التزوير الأخيرة والتي ربما ستعزز من الأرقام العالية لأصحاب الشهادات في هذا البلد .بل النخبة التي أقصدها هم أولئك الذين أدمنوا القراءة اليومية والبحث عن الجديد من الخبر والتحليل القائم على الموضوعية والعلمية بعيداً عمّا أسميناها بالمجاملات التي اعتاد عليها البعض و ما زال .فعندما تكون جريدة المدى جريدة للنخبة فإن ذلك يعني إنها استطاعت أن تكون مؤثرة في صناعة الرأي العام وبلورة رؤية صحيحة في بناء الإنسان العراقي الجديد.وهنا يكمن التحدي الكبير ، هذا التحدي يكبر مع دخول الألفية الثالثة للمدى وينتظر منها القارئ المزيد في كل شيء من التحليل إلى الأخبار إلى الثقافة والملاحق التي تتميز بها المدى والتي تشكل علامة مهنية من شأنها أن ترتقي بالصحافة العراقية أبعد من حدودها المحلية .وربما التقدم التكنولوجي وتسارع نقل المعلومات والأخبار يضع أي مطبوع يومي أمام تحدي المواكبة ، وهذه المواكبة هي أحد أبرز مميزات جريدة المدى التي تحرص ومن خلال متابعتنا لموقعها الالكتروني نجد بأنها الجريدة الوحيدة في العراق التي تصدر عددا إلكترونيا يوم الجمعة، من أجل إدامة التواصل مع المتلقي سواء أكان داخل العراق أو خارجه ، وربما لا يعرف البعض بأن أعداداً كبيرة يطالعون المدى في خارج العراق عبر موقعها الإلكتروني .لهذا فإننا أمام حالة جديدة لم تألفها الصحافة العراقية من قبل سواء الرسمية منها أو غير الرسمية .لذا أجد بأن مسؤوليتنا جميعاً تحتم علينا أن نواصل عطاءنا للمدى كما واصلت هي عطاءها لنا واحتواءها لما نكتبه ، وألفية المدى الثالثة التي دخلتها بأمن وسلام هي ألفية العراق الجديد الذي أبصر النور مع الحرية والديمقراطية وأبصرنا جميعا مع العراق طريقاً جديداً يحفظ للكلمة الحرة رونقها وللإنسان كرامته وللمبدعين ألقهم .. ألفية مباركة لقراء المدى ومحبيها.
ألفية المدى الثالثة.. الإنجـاز والتحــدي
نشر في: 2 يناير, 2011: 05:16 م