حسين عبد الرازقاختار الإرهاب الدقيقة العشرين من بداية عام 2011 ليوجه ضربته الغادرة لوحدة الشعب المصري، مستهدفاً اغتيال أكبر عدد من الحاضرين للقداس المقام بكنيسة القديسين مار مرقس والأنبا بطرس بمنطقة سيدي بشر في الإسكندرية احتفالاً ببداية رأس السنة الميلادية والذين كان يربو عددهم على 1000 مصري مسيحي، وأسفر الانفجار الذي وقع بين المتجمعين أمام الكنيسة، والذي ترجح أجهزة الأمن قيام انتحاري به بعد أن كانت الأنباء قد نسبته إلى سيارة مفخخة، أسفر عن 21 شهيداً و69 جريحاً بينهم ٨ من المسلمين،
وكرد فعل طبيعي تظاهر مئات المسيحيين الذين تجمعوا أمام الكنيسة وشاهدوا جثث الشهداء وأشلاءهم ودماءهم في المكان، وهم يهتفون »بالروح بالدم نفديك يا صليب«، ورشق بعض الغاضبين منهم المسجد المواجه للكنيسة بالحجارة مما أدى لتهشيم زجاج واجهته، وحدث اشتباك بينهم وبين قوات الأمن التي هرعت إلى المكان واستخدمت الهراوات وقنابل الغاز لتفريقهم ورشق بعض الشباب المسلم الذين كانوا يقفون خلف قوات الشرطة أثناء الاشتباكات المتظاهرين بالحجارة.وصدرت عشرات البيانات التي تستنكر الحادث وتؤكد الوحدة الوطنية وتدين الساعين لإحياء الفتنة الطائفية بين مسلمي ومسيحيي مصر، لا فرق في ذلك بين رئيس الجمهورية الذي وجه بياناً في منتصف نهار السبت أول يناير/ كانون الثاني 2011 عبر التليفزيون والإذاعة مستنكراً هذا الفعل الإرهابي، أو أمين الحزب الوطني أو رئيس حزب التجمع ورئيس حزب الوفد وأحزاب المعارضة عامة، أو مجالس ورؤساء النقابات المهنية أو العمالية أو منظمات المجتمع المدني، أو بابا الأقباط أو شيخ الأزهر أو مفتي الديار المصرية، ورجحت أجهزة الأمن ورئيس الجمهورية وعديد من المراقبين والمعلقين، وقوف تنظيم القاعدة وراء هذه العملية الإرهابية، مشيرين إلى أن تنظيم القاعدة في العراق الذي يحمل اسم »تنظيم دولة العراق الإسلامية« كان قد وجه تهديداً لمصر عقب هجومه الإجرامي علي كاتدرائية السريان الكاثوليك في بغداد في 31 أكتوبر / تشرين الأول الماضي ومقتل 53 من المسيحيين العراقيين، باستهداف »أقباط مصر وقتلهم جميعاً وتدمير جميع نصارى المنطقة« ما لم يفرج البابا شنودة خلال 48 ساعة عن »السيدتين وفاء قسطنطين وكاميليا شحاتة« والتي يزعم إسلامهما واحتجاز الكنيسة لهما في أحد الأديرة وإجبارهما علي العودة إلى المسيحية. وبصرف النظر عن كون هذه الجريمة الإرهابية نتيجة الاحتقان وأوضاع داخلية أم تنفيذاً لمخطط خارجي تقف وراءه قوى أجنبية سواء كانت القاعدة أو إسرائيل في أقوال وتحليلات أخرى، فالمؤكد أن أي مخطط خارجي لا يحقق النجاح في أي بلد كان ما لم تكن هناك عوامل داخلية تستغلها وتستند إليها القوى الخارجية، والفتنة الوطنية في مصر والتي اتخذت بعداً طائفياً ظاهراً منذ أحداث »الخانكة« عام 1972 والتفجيرات الطائفية أعوام 1975 و1976 و1977، وأحداث الزاوية الحمراء عام 1981 وتحديد السادات لإقامة البابا شنودة في مذبحة سبتمبر، وبلوغ الفتنة قمتها في أحداث قرية الكشح عام 1998 وتكرارها عام 1999 و 2000، والعنف الطائفي في قرى محافظة المنيا في نفس الفترة، وصولاً إلى انفجار الفتنة الطائفية في الإسكندرية عام 2005 وأحداث قرية بمها بمحافظة الجيزة 2007، تقف وراءها أسباب وممارسات يتحمل الحكم القائم مسؤوليتها.فهناك تمييز ضد الأقباط في مصر سواء على المستوى القانوني أو الواقعي... بداية من تولي الوظائف العامة حيث لا يوجد قبطي واحد يحتل موقعا رئيسيا في القوات المسلحة أو الشرطة، ولا يوجد قبطي واحد في جهاز المخابرات العامة أو مباحث أمن الدولة، أو رئيسا لجامعة حكومية أو مديرا لمنطقة تعليمية أو محافظا »قبل تعيين قبطي محافظا لقنا«، ولا يسمح بقبول الأقباط في كليات جامعة الأزهر غير الدينية »الطب والهندسة والصيدلة وطب الأسنان والترجمة« بينما تفتح أبوابها لطلاب مسلمين غير مصريين من 90 دولة أجنبية وبينما تقبل المدارس القبطية المنتشرة في مصر طلاباً أقباطاً ومسلمين دون تفرقة، وتتجاهل مناهج التاريخ في المدارس المصرية الحقبة القبطية في التاريخ المصري والتي تقترب من 700 عام - من عام 70 ميلادية إلى عام 641 ميلادية- ويعاني الأقباط صعوبات جمة في بناء الكنائس أو ترميمها، وهناك اختراق لعناصر أصولية متطرفة لأجهزة الإعلام الرسمية تتعامل مع الأقباط باعتبارهم كفاراً.وشهد عام 2010 سلسلة من الأحداث الطائفية، بدءاً بجريمة نجع حمادي ليلة احتفال الأقباط بعيد الميلاد المجيد وقتل ٦ مسيحيين وحارس مسلم، ورغم إلقاء القبض على الفاعلين فما تزال القضية منظورة أمام القضاء ولم يوقع أي عقاب على المتهمين، وتوالت أحداث الفتنة التي وصلت لأول مرة إلى مرسى مطروح التي شهدت اشتباكات بين مسلمين وأقباط في مارس/ آذار الماضي، وإحراق عشرة منازل ومتجر ومخزن مملوكة لأسرة قبطية من قرية النواهض، والمصادمات بين الشرطة ومتظاهرين أقباط كانوا يحتجون على قرار بوقف تشييد كنيسة في العمرانية بالجيزة، وأدت الصدامات إلى سقوط قتيلين وإصابة 67 شخصاً وحبس 156 من المتظاهرين.واستمرار هذه الأوضاع والممارسات يهدد وحدة الوطن وتماسكه، وهناك جهود جماعية عديدة للتصدي لهذه المشكلة، من أهمها تقرير لجنة تقصي الحقائق الذي أعد
مؤتمر للوحدة الوطنية
نشر في: 4 يناير, 2011: 05:30 م