TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الإرهــاب فــي الإسـكـنـدريـة

الإرهــاب فــي الإسـكـنـدريـة

نشر في: 4 يناير, 2011: 05:32 م

إيمان محسن جاسمهل يسعى تنظيم القاعدة لتفريغ مصر من أقباطها ؟ وكيف يمكن أن نتصدى لهذه التوجهات؟ وما هو دور الحكومات العربية ؟سيارة مفخخة تنفجر أمام كنيسة القديسين في الأسكندرية المصرية وتودي بحياة عدد من المصريين أغلبهم أقباط ، لا جديد في هذا بل والجديد المهم يتمثل بتصعيد الاستهداف لأقباط مصر الذين يقال إنهم يمثلون أكثر من عشرة ملايين مصري ، أي بحدود 12% من الشعب المصري . نسبة عالية بالنظر لكونهم أقلية لكنهم بالتأكيد أقلية كبيرة ، قبل هذا الحادث كان الرئيس المصري وبموجب الدستور الذي يعطيه حق تعيين 10 نواب في مجلس الشعب قد منح 7 مقاعد منها للأقباط  ويبدو هذا اهتمام رسمي كبير جداً بالأقباط .
الجديد في الأمر هو أن مصر تشهد أول مرة منذ عام 1993 حادث تفجير سيارة مفخخة استهدفت رئيس الوزراء آنذاك عاطف صدقي ، وهذا يعني في ما يعنيه بأن ثمة تكتيكاً جديداً تستخدمه الجماعات المتطرفة في مسعاها لتأزيم الأوضاع ما بين المسلمين والمسيحيين في الشرق ، وبالتأكيد فإن هذا الأسلوب أي أسلوب تفجير السيارات معتمد من قبل القاعدة سواء أكانت القاعدة في شبه جزيرة العرب أو غيرها من الأماكن ، نقول رغم هذه الأدلة خاصة وإن تنظيم القاعدة هدد مسبقا باستهداف أتباع الكنيسة في مصر وأعلن ذلك في أكثر من بيان، إلا إن البعض في مصر يحاول أن يوجه أصابع الاتهام لإسرائيل في هذا العمل ويحاول ربط هذا الاتهام بما يعرف بالصراع العربي الصهيوني منذ عام 1948 وحتى الآن على الرغم من إن الصراع انحصر الآن بين الفلسطينيين والإسرائيليين فقط بعد أن أقام بعض العرب علاقات ووقعوا اتفاقيات سلام مع تل أبيب . وعلى ما يبدو فإن الغاية من هذا إبعاد الشبهات عن تنظيم القاعدة التكفيري والذي لا يتردد مجرموه عن تفجير ناطحات سحاب من أجل إشباع الغريزة الإجرامية المستوطنة فيهم .ما أريد أن أقوله هنا بأنه بعد انتهاء الحرب الباردة تحولت جميع الصراعات في العالم من صراعات أيدولوجية وقومية بين دول تتحارب على الحدود إلى صراع الهويات داخل الدولة الواحدة ، فها هو الجنوب السوداني يتجه نحو الانفصال وتأسيس دولة مسيحية بعد أن عانى هذا الجنوب بولاياته العشرة من استبداد الشمال كما يقولون . فيما نجد صراع الهوية بدأ في أوروبا في العقد الأخير من القرن الماضي عبر تفكيك الاتحاد السوفيتي ومن ثم جمهوريات يوغسلافيا الاتحادية وآخرها إقليم كوسوفو  ، وبالمقابل شهدنا عودة ألمانيا الموحدة ذات الهوية الواحدة. وبالتالي يمكننا أن ندرج عملية استهداف أقباط مصر من قبل تنظيم القاعدة تحت مسميات صراع الهوية ومحاولة تفريغ الشرق من المسيحيين،هذا الصراع الذي تحاول خلايا تنظيم القاعدة في شتى بقاع العالم أن تشعله، وهنالك من يمدها بالتنظير الفكري والدعم المادي بطريقة أو بأخرى مما يجعلها تقوم بعملياتها الإجرامية بين الحين والآخر .ولكننا حين ننظر للتنوع الكبير جدا في مصر يتبادر إلى أذهاننا سؤال مهم جداً وهو هل يمكن تفريغ مصر من الأقباط ؟ بالتأكيد هذا لا يمكن  نظرياً لكن عمليا ممكن أن يحصل في بضع سنوات إذا ما ظل تنظيم القاعدة ينفذ أجندته التي ربما تربط بأجندات مخابرات عربية وإقليمية ودولية غايتها صناعة أزمات لبلدان مثل مصر ، يجب علينا أن لا نستبعد هذا مطلقا خاصة وإن ما تسرب من وثائق الخارجية الأمريكية عبر موقع ويكيليكس  يؤكد بشكل أو بآخر ارتباطات هذا التنظيم وعمليات تمويله المادية .الغريب في الأمر إن هذا التنظيم لم يجد كما يقول المثل العامي ( العين الحمرة ) ولم يتم التصدي له بطريقة صحيحة وبناءة ، وكل ما جرى للمعتقلين الذين تم ضبطهم بالجرم المشهود خاصة في العراق ، تم إطلاق سراحهم وكأنهم لم يرتكبوا أية جريمة تذكر ، وأطلق سراحهم بصفقات سياسية ، أما في إيران فأطلق سراح 16 قيادياً منهم نهاية عام 2010  بصفقة بين النظام الإيراني وحركة طالبان . وبالتالي يظل هذا التنظيم موجوداً بل ويعزز من وجوده خاصة  وإن الكثير من منظمات حقوق الإنسان في العالم تتخذ من سجونهم مقرات لها لمتابعة توفير الخدمات الإنسانية لمن يقتل الإنسان .ما أريد أن أقوله إن حادثة الإسكندرية لن تكون الأخيرة بل هي بداية  إن لم يكن هنالك ردع عربي حكومي لهذا التنظيم ، والردع هذا يتمثل بتجفيف المنابع الفكرية والمادية للإرهاب والذي لا يمكننا أن ننكر بأن جذوره تمتد فينا نحن العرب  الذين ما زلنا لا نحترم الإنسان ولا نحترم قدسية هذا الكائن البشري الذي جعله الله خليفته في الأرض .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram