بغداد/ مشرق عباسلم يعد عبد الحليم الزهيري، القيادي الأبرز في «حزب الدعوة"الذي قاد مفاوضات تشكيل الحكومة، موجوداً في الصورة السياسية اليوم. انسحب الشيخ ذو العمامة البيضاء الى الظل بعدما نجح في تجديد ولاية رئيس الوزراء نوري المالكي عبر حركة مكوكية داخل العراق وخارجه
حقق خلالها ما اعتبره البعض «مستحيلاً»، مثل إقناع مقتدى الصدر بدعم المالكي، وإلغاء الخطوط السورية الحمر عليه.وقادة الظل في العراق، من الذين يمكن تعريفهم بأنهم يتحركون خارج قيود المناصب ويديرون النزالات السياسية الكبرى، يُعَدّون على أصابع اليد. كان أبرز الناجحين منهم في اختبار مفاوضات تشكيل الحكومة الأخير، بالإضافة الى الزهيري، كبير مستشاري رئيس الجمهورية فخري كريم، الذي تظهر الصور الرسمية مشاركته الفعالة والمباشرة في أهم اجتماعات تقاسم السلطة في أربيل وبغداد إثر «مبادرة بارزاني». ويتحدث بعض السياسيين عن محسن الحكيم، الشقيق الأصغر لعمار الحكيم، باعتباره رجل ظل أيضاً، يدعم سياسات وتوجهات «المجلس الاسلامي الاعلى"في الداخل والخارج من دون الظهور في الصورة.ولعل قرار زعيم «القائمة العراقية"وحركة «الوفاق الوطني"إياد علاوي إعادة هيكلة حركته بالكامل بعد انسحاب راسم العوادي، الذي اعتبر للسنوات الماضية اقرب مساعدي علاوي، يعكس افتقار «العراقية"الى قيادات أزمة من وزن الزهيري وكريم والحكيم.وعلى الرغم من ان الكاتب حسن العلوي حاول أداء هذا الدور عبر فتح منافذ في علاقات علاوي بالمالكي، الا ان نشاط العلوي العلني وارتباطه بمصالح «العراقية"وصراعاتها المعلنة، لم يتح له التأثير بشكل فاعل في أزمة تشكيل الحكومة، فيما كان دور رجل الأعمال العراقي المقرب من علاوي، خميس الخنجر، داعماً لوحدة «العراقية"من الداخل بحسب المصادر، ولم يكن له تأثير في حشد الدعم الخارجي لها او فتح منافذ في علاقاتها مع الأطراف الأخرى.ويشترك الزهيري وكريم بخاصية الحرص على ان يكونا خارج الاضواء، على الرغم من ان الاخير يترأس ادارة «مؤسسة المدى» التي تصدر مطبوعات اعلامية عدة وتتصدى لحملة من اجل ضمان الحريات.والزهيري، ذو الخلفية الدينية، كان قاد بتفويض يقول المطلعون انه «كامل» من المالكي، فريقاً سياسياً بهدف وحيد هو ضمان بقاء منصب رئاسة الحكومة بيد «حزب الدعوة»، والمالكي على وجه الخصوص.والمفاوضات الطويلة كشفت ان رجل الظل في «الدعوة"يملك خطوط وصل مع كل الاطراف الداخليين والخارجيين بشكل غير متوقع لشخصية لا تظهر إلا نادراً اعلامياً. وبالإضافة الى علاقة خاصة بايران سمحت بإعادة إحياء تحالف الصدر- المالكي الذي بدا مستحيلاً، كان الزهيري قد حرص بعد لقاء مع الرئيس السوري بشار الاسد على تأكيد نهاية حقبة التوتر بين البلدين، ما اعتُبر ضمناً إشارة الى إنهاء الخط الاحمر الذي وضعته دمشق على المالكي. وجولات الزهيري الخارجية، التي شهدت لقاءات مع كبار المسؤولين، لم تشمل سوريا وتركيا وايران والاردن ومصر فقط، بل معظم دول الخليج العربي ايضاً. وما يمكن ان يجمع فخري كريم الذي أدى دوراً مشابهاً في مرحلة تشكيل الحكومة لصالح تجديد ولاية رئيس الجمهورية بالزهيري، ان الرجلين يتمتعان بشبكة علاقات استثنائية مع كل الاطراف الداخليين ومع دول الاقليم ايضاً. وما يُشكل عاملاً حاسماً في تكوين قيادات الظل، حسب المطلعين، هو عدم تلمس نزعة لدى تلك الشخصيات لنيل المناصب السياسية كثمن للخدمات التي تقدمها، في حين ان حضورها المعنوي قد يكون أحياناً اكثر ثقلاً من الحضور الرسمي. عن جريدة الحياة اللندنية
قادة الظل العراقيون سهّلوا تشكيل الحكومة
نشر في: 8 يناير, 2011: 06:24 م