محمود النمر لماذا أطلق عليها هذه التسمية ،كأنها جسد أنثوي مثير يغوي من يراه ،لهذه الرؤية شهوة اختراق مملكة النحل المكتنزة بالشهد ،ولكن الدخول الى عالم الفلسفة ليس سهلا ً بل متعب الى حد انك تسعى دون توقف الى المعرفة والاستنتاج والاسئلة التي تحاول ان تجد لها اجوبة وهي رحلة عسيرة مجهدة ولكنها تمنحك في ما بعد الرؤية
والاستشراف والتقصي ومعرفة المسكوت عنه، لأنك تقدر ان تميز بل تقدر ان تدس رأيك بعد الحصيلة الكبيرة التي حصدتها من قراءة في عالم الفلسفة ،ولكن هناك سؤال يطرح نفسه بقوة الفلسفة ومقدرتها وعنفوانها وطروحاتها، هو هل تقدر ان تطرح بعداً فلسفيا ًيمكن ان تثبت به اكتشافا نظريا ًوتسجل فيه سبقاً فلسفياً في طرح نظرية او احباط رؤية فلسفية أخرى او تفكيكها كما يقول – جاك دريدا – الذي عمل على تفكيك النص وعبور منطقة الحداثة وأحدث في حينها ضجة مابين مؤيد ومعترض على ذلك.rnمنذ قرون عديدة لم تطرح امة العرب فيلسوفا بعدما كانت الفلسفة ديدنها الذي لاتكل عنه وكانت بحرا للعلوم الاخرى ومرتعا ً خصباً للقاصي والداني يقصدها طلاب العلم من كل حدب وصوب ،واذا اردنا ان نسمي الاشياء بمسمياتها الصحيحة ، ان ملحمة كلكامش هي اول صرخة وجودية وفلسفية في التقصي ومعرفة هذا العالم المجهول، وما وجود الآلهة وتسميتها إلاّ هي مثابات معرفية لاستقصاء المعلومة حتى وان طغت على تلك المحلمة صفة الادب او المثولوجيا .وحتى قبل ظهور الاسلام كانت أشعار (أمية بن الصلت) أسئلة وجودية وفلسفية تنم عن وعي متقدم مدرك لما يدور من حوله .وبعد ظهور الاسلام كان الكثير من الفلاسفة العظام الذين بلغت آراؤهم الفلسفية حدا من الجرأة مثل الفارابي والجاحظ وابن رشد وابن خلدون وحتى الامام ابي حنيفة النعمان والجنيد والحسين بن المنصور الحلاج الذي مات مصلوبا من اجل افكاره الفلسفية التصوفية في ذات الخالق، وغيرهم كثيرون دفعوا الثمن غالياً ، لكنهم لم يتركوا هذا الامر .لقد ازدهرت الطروحات الفلسفية في زمن المأمون كما ازدهرت الترجمات في شتى المجالات ، لذلك كانت بغداد محطة للمستشرقين الذين جاءوا من اصقاع العالم في سبيل المعرفة ، ولكنها بقيت تراوح في مكانها حينما اصطدمت بالمقدس الذي لايمكن مناقشته في كل شيء ان كنت على خطأ او صواب، وهذا ما ادى الى نكوص في عالم الفلسفة العربية والاسلامية ،وهروب الثقافة الفلسفية الى الغرب وإفلاسنا تماماً من الآراء في هذا العالم المتمرد على ماهو مؤلوف ، لذلك اتكل القارىء العربي والمثقف على الاراء الفلسفية الغربية منذ سقراط وافلاطون وارسطو مرورا بجميع اسماء الفلاسفة الى ان نصل الى غادامير او جاك دريدا او بول ريكور وغيرهم .بالرغم من غياب الرأي المعرفي الواعي وغياب الاصوات التي تستقرىء فلسفة الوجود او ان تطرح افكارها النيّرة في جميع مجالات الحياة حتى نقدر ان نتقدم خطوات ولو تكن تلك الخطوات هي متابعة ذلك الاثر القديم ولكن لابد من الفعل والحركة والبحث من ان نضع الحقائق او ان نقولها كما هي حتى نفتح آفاقا ً جديدة في ثقافتنا الفلسفية التي غابت تماما ً،ولا تظهر إلاً أن نمتلك عنصر الشك والقلق والثقافة التي تحتوي هذا العالم الفسيح، عندها تستحوذ عليك شهوة الكتابة التي تقودك بتودد الى عالم الفلسفة التي تمثل العقل الذي لا يؤمن بالمطلق وتتحرك عند شهوة النزوع الى عالم الفلسفة ، فالماء الراكد في البركة لايتفاعل مع خاصية الحياة.
شـهـوة الفلـسـفـة
نشر في: 9 يناير, 2011: 05:27 م