كتب:علي عبدالسادةيعلق قياديون في دولة القانون والعراقية أزمة تأخير تسمية حقائب الامن على شماعة "التروي من أجل المهنية". بمعنى انهم يخشون من وزير ضعيف يتولى المهام بينما يواجه فراغا مقلقا يخلفه الامريكيون نهاية العام الجاري.
لكن الحقيقة التي تقف وراء صفقة موعودة بين الفريقين تقضي باعتماد سياسة "السلة الواحدة" لا يبشر بأن الامور ستجري على ما يرام، فالتوافقات، كالعادة، تسجل حضورها بقوة كحل اسهل لأزمة البحث عن الكفاءات في زحمة تصفية ما تبقى من حصص حكومة 2011.وبينما ينشغل المفاوضون الباحثون عن السلة الامنية الواحدة، يشعر الرأي العام المحلي، ومعه اوساط شعبية واسعة، بالقلق جراء الوكالة المرهقة التي يتصدى لها نوري المالكي في الوزارات الثلاث.محللون ومراقبون يسألون:"كيف يكون اداء الاجهزة الامنية بينما المالكي، ومنذ الحادي والعشرين من كانون الاول الماضي، يعمل رئيسا للوزراء وقائدا عاما للقوات المسلحة ووزيرا للدفاع والداخلية والامن الوطني؟".هذا استفهام يأخذه الرأي العام على محمل الجد، ويرى ان لا مفر من ربطه باخفاقات امنية تفاقمت مع حرب الكواتم التي حصدت أكثر من عشرين ضابطا في اجهزة امنية مختلفة.ويعلق النائب عن الائتلاف الوطني، القاضي وائل عبد اللطيف، على ذلك بالقول ان الحكومة الجديدة هي حكومة زعامات سياسية، ويرى ان رؤساء الكتل السياسية دخلوا سلة الحكومة ضاربين وعود المهنية والتكنوقراط عرض الحائط، وان وزراء الامن الجد لن يخرجوا عن هذه القاعدة بل سيؤكدونها مجددا.وفتحت حوادث الاغتيال الباب امام تكهنات لم يكن أقلها مطمئنا، مصادر سياسية تقول ان فصيلا سياسيا انتقم من رئيس الوزراء لعزله عن التشكيلة الحكومية الجديدة، وانه، الفصيل، انتقم لعدول المالكي عن وعد الشراكة.مخاوف تبرز الى سطح الامن العراقي، بينما يغيب وزراء الأمن عن مكاتبهم ومواقع عملهم، اخر التقارير الصحفية تفيد بان جماعات مسلحة مرتبطة بجهات ودول أقليمية طورت سلاحا جديدا ليكون أكثر تأثيراً ليتضمن خاصية الانفجار والتشظي.هناك أيضا ملف الاختراقات، ففي الوقت الذي يؤكد فيه عضو اللجنة الامنية في البرلمان السابق عادل برواري للمدى ان الاجهزة الامنية مخترقة من قبل "بقايا البعث" والقاعدة، فأن حادثة محاولة اغتيال قائد كبير في جهاز مكافحة الارهاب تعزز الشكوك بوصول الاختراقات الى مستويات عليا في قيادة القوات المسلحة.وكان مسلحون مجهولين قد أطلقوا السبت الماضي النار من اسلحة كاتمة للصوت باتجاه مدير مكتب جهاز مكافحة الإرهاب برئاسة الوزراء العميد الركن حاتم سعدون في قضاء التاجي، ما أسفر عن مقتل أحد عناصر حمايته وإصابة اخر بجروح خطرة.وتعزز حقيقة الاختراقات حين تؤكد مصادر امنية ان مدير أفواج ميسان العقيد صادق الحلو، اغتيل في باب أحد الفنادق قبل شهرين في بغداد، من قبل عناصر حماية ضابط كبير في الشرطة الاتحادية مستخدما هويات وعجلات الداخلية وبتوجيه من جهة سياسية لديها ذراع عسكري".وقيل إن الاغتيالات تمت من خلال استغلال الجماعات الخاصة للأجهزة الأمنية والتي مكنتها من الحصول على معلومات على الضباط الذي تم اغتيالهم، كما لم يستبعد المسؤولون المحليون في بغداد ضلوع القوى الأمنية نفسها في تلك العمليات؛ إذ اتهمت اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد عناصر في الجيش والشرطة بتنفيذ عمليات الاغتيال بالأسلحة الكاتمة للصوت.القاعدة، الى جانب ما يسمى امنيا بالمجاميع الخاصة، عادت الى دورها التقليدي باستغلال النقاط الرخوة في العملية السياسية، وهي لن تفوت فرصة ذهبية كالتي يوفرها فراغ وزراء الامن.فتنظيم ما يسمى بدولة العراق الاسلامية في الموصل نشر اعلامه ومنشورات جديدة في قرى جنوب الموصل امس، وبحسب مصادر في الشرطة فان الاجهزة الامنية اكتشفت شعارات كتبت على ابرز الجدران في شوارع بلدة (العين وصفية) حملت تهديدات تتوعد العناصر الامنية من ابناء المنطقة.ورغم حصيلة المخاوف الامنية المرتفعة في ظل فراغ ما تبقى من حقائب الحكومة، يؤكد قائد عسكري رفيع المستوى في الجيش العراقي انه لا يشعر بغياب الوزير.يقول القائد الذي فضل عدم الكشف هويته في اتصال مع المدى:"هناك سياقات عمل تأخذ مداها بالشكل الطبيعي، ولا نشعر باننا ننتظر احدا ليجلس على كرسي الوزير".القاضي عبداللطيف يرى انه لا خوف على وزارة الدفاع مثلا، وتحديدا على عملها الميداني، فهناك قادة للاركان ولقطعات الجيش المتنوعة، لكن التنظيمات المسلحة وعلى رأسها تنظيم القاعدة، لا يفهم الا ان هناك وزارة بلا رأس وعليه استغلال الوضع، ما يعني ان عملية تأخير ترشيح الوزراء ليست في مصلحة احد.وبينما يجري هذا، يبدو ان الحكومة العراقية ستبقى تتشكل، وهي تعمل. التوافقات والمنهج الذي وزعت فيه الحصص بين الفرقاء وصلت الى مناصب دون الوزراء. تقول مصادر مطلعة للمدى انه في حال حسم المالكي وشركاؤه الحقائب الامنية الثلاث، فانه سيبدأ لاحقا البحث في "عائدية" جهاز مكافحة الارهاب. وياتي هذا التبشير باستهلاك المزيد من الوقت، بينما يحضر الفرقاء مرشحين لاجهزة حساسة اخرى، ومنها المخابرات.
العراقية والقانون يتبادلان "رفض المرشحين"..وعدوى الزعامات تصيب حقائب الأمن
نشر في: 10 يناير, 2011: 08:18 م