اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > لا الحكــم ولا الكنيـسـة

لا الحكــم ولا الكنيـسـة

نشر في: 11 يناير, 2011: 05:20 م

فريدة النقاش من يتأمل ظاهرة انفجار الغضب القبطي نتيجة توالي أحداث الفتنة الطائفية في السنوات الأخيرة منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي، أو العدوان على الكنائس دون رادع حقيقي ، خارج خطابات الشجب والإدانة والطبطبة على قادة الكنيسة الأرثوذكسية ، سوف يلاحظ نمو اتجاهين يزدادان قوة خاصة بين الشباب الغاضب من أقباط ومسلمين..
الاتجاه الأول يرفض سلوك الكنيسة التي تواصل سياسة المساومات الكلامية وتأييد الحزب الحاكم ودعوة الأقباط للتصويت له ولمرشحيه في كل الانتخابات، رغم أن الحزب لم يحرص ولا مرة واحدة على تقديم عدد ملائم من المرشحين المسيحيين وتأكد هذا الرفض عندما بدأ نيافة الأنبا يؤانس سكرتير البابا يلقي كلمته أثناء تشييع جنازة ضحايا الحادث، مستهلا هذه الكلمة بشكر الرئيس (حسني مبارك)، حتى انفجرت جموع المسيحيين رافضين ذلك وصارخين لا.. لا.. لا.. واستمر هذا المشهد لدقائق قبل أن تتم السيطرة عليهم كما يقول يوسف سيدهم رئيس تحرير جريدة وطني الذي كان حاضرا.ويبين هذا المشهد وغيره من مشاهد رفض تواجد الوزراء والمسؤولين في سرادقات العزاء، حقيقة الاتجاه الثاني وهو فقدان الثقة في الحكم بعد أن كانت الكنيسة قد علمت المسيحيين أنه أي الحكم هو ملاذهم الوحيد ضد صور العدوان عليهم والتميز ضدهم، فهو نفسه الحكم الذي لم يحاسب شخصية كبيرة وعضوا في الحزب الحاكم يعتبره أهالي نجع حمادي هو المسؤول الأول عن التحريض على مذبحة العام الماضي في كنيسة نجع حمادي حين قتل مصلون بعد صلاة العيد، وقيل إن نائب الحزب الحاكم قام بحماية المعتدين الذين لم يصدر أي حكم ضدهم حتى الآن، بما يلقي علامات استفهام حول إمكانية وجود نزعات تطرف ديني لدي بعض القضاة.ويشير الاتجاهان معا إلى توجه حركة الغضب المسيحي اتجاها سياسيا عقلانيا وديمقراطيا يضع الأمور في نصابها، ويدرك أن للتمييز ضدهم جذورا اجتماعية واقتصادية وثقافية عميقة تتبلور في سياسات النظام، ويكتفي هذا النظام بطمأنتهم كلاميا دون أي إرادة سياسية فعالة لإزالة الأسباب الحقيقية للتمييز ضدهم، سواء في دستور البلاد الذي ينص على أن دين الدولة هو الإسلام، ومبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع أو في مناهج التعليم وتوجهات الإعلام، أو الاجتياز للوظائف العامة الذي وإن كان القانون يمنع التمييز فيه إلا أن هذا التمييز تجري ممارسته عرفيا، وهناك مطلب بسيط تطرحه القوى الديمقراطية منذ سنوات لإصدار قانون ضد التمييز جنبا إلى جنب إصدار قانون البناء الموحد لدور العبادة الموجود في مجلس الشعب منذ سنوات طويلة.ومن جهة أخرى سوف يؤدي تفاعل هذين الاتجاهين بالإضافة لتطور الحركة الديمقراطية العلمانية في البلاد إلي استعادة المسيحيين تدريجيا إلى صفوف الكفاح الديمقراطي على أساس مبادئ المواطنة والعدالة والمساواة وليس على أساس الدين.فكفاح المسيحيين على أساس الدين - رغم أن التمييز ضدهم يتم لأسباب دينية - وابتعادهم عن النضال الحزبي الديمقراطي القائم على أساس المواطنة، يمنح شرعية ضمنية لانقسام البلاد على أساس ديني، ويزيح إلي الخلف الأسس غير الدينية للانقسام الطبقي، والأسباب الحقيقية التي جعلت نظام الحكم منذ عهد الرئيس السادات في مطلع سبعينيات القرن الماضي يلجأ لإشهار سلاح الدين وتديين الصراع الوطني والاجتماعي بقصد تشويهه وتصريفه في اتجاه غير الاتجاه الأساسي له أي ضد الإمبريالية والصهيونية من جهة، بعد أن تصالح السادات معهما على أسس مجحفة، وضد الاستغلال والفساد والاستبداد السياسي من جهة أخري بعد اختيار طريق السياسات (الليبرالية الجديدة) القائمة علة المصطلح الزائف أي تحرير الاقتصاد وإجبار البلاد عبر العنف ماديا ومعنويا على السير في طريق اقتصاد حر بلا ضوابط، أخذت الملايين الفقيرة تدفع ثمنه على مر العقود في شكل تدهور تعليم الفقراء وصحتهم وزيادة قاعدة البطالة وإلهاء الفقراء والعاطلين بالشعارات الدينية مسلمين ومسيحيين، والإعلاء من شأن الانتماءات الأولية من العشيرة والقبيلة والأسرة والدين على شأن الانتماءات الأعلى للوطن والطبقة.وليس أدل على ذلك من التشجيع المريب الذي تمنحه السلطات لجلسات الصلح العرفي في النزاعات قفزا فوق القانون واحتقارا له، باعتبار أن دولة القانون والنظام هي الدولة الحديثة التي لا دين لها لأنها كيان اعتباري ورمزي يعبر عن كل مكونات الأمة.إن خروج قطاعات كبيرة من المسيحيين من قبضة النظام الأبوي سواء ممثلا في الكنيسة أو الدولة سوف يكون إيذانا بدخول معركة الديمقراطية والعدالة في البلاد إلى مرحلة متقدمة لأن قوى جديدة هائلة تضاف لها، وسوف يكون عنوان المرحلة علمانيا بامتياز، وسوف تزداد مكوناتها ثراء بخروج المسيحيين من شرنقة الاضطهاد الديني أو الرد عليها بالاحتماء بالكنيسة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram