TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > تلويحة المدى :مقدمات تأسيسية لأنطولوجيا فوتوغرافية عربية (3)

تلويحة المدى :مقدمات تأسيسية لأنطولوجيا فوتوغرافية عربية (3)

نشر في: 14 يناير, 2011: 06:42 م

 شاكر لعيبيالمبدأ الذي يتوجب التزامه عند كتابة أنطولوجيا فوتوغرافية في العالم العربي هو فحص (تاريخ التصوير الفوتوغرافي) في هذا العالم وليس (تاريخ دخول التصوير الفوتوغرافي) فيه. إن الفارق كبير بين القضيتين. الأول يشدّد على الرواد المحليين في حين يرى الثاني إلى دخول التصوير الفوتوغرافي على يد المصورين الغربيين والأمريكيين في بلداننا. لكن هناك من المصورين الأوربيين من عاش جل حياته وعايش،
 بل اندمج تماماً في الحياة الاجتماعية والثقافية العربية، في مصر خاصة. هؤلاء القلة من المصورين يندرجون لا محالة في السياق الثقافي العربي وتاريخه الفني. عندما نذكر هنزلمان Hanselmann (المسيو هنزلمان المصوّر الشهير بشارع قصر النيل) كما يُشار إليه في الصحافة المصرية وقتذاك، وبدر [الهندي] المصوراتي (بميدان العتبة الخضراء بأول شارع أزبك، نمرة 1) كما يقول الإعلان عنه في المجلة المشار إليها ذاتها، وشارل (بشارع عبد العزيز) وزولو Zullo (بشارع قصر النيل نمرة 34) وبدرجات أقل كوفلر ثم النمساوي إيمانويل زولا  Emmanuel Zola، فإننا نرى أنهم رغم أصولهم الثقافية غير المصرية قد أقاموا واندغموا في الحياة الثقافية والاجتماعية المحلية وصاروا جزءاً منها، بل صوّروا مظاهرها وما بدا لهم مهمّاً فيها. بعضهم احتفل بتظاهراتها الأكثر حميمية ووطنية مثل احتفائهم بتمثال نهضة مصر الشهير لمحمود مختار والتشديد على تصوير القائد الوطني سعد زغلول. لقد كرّس هؤلاء المصورون جل حياتهم وأعمالهم للواقع المصري ولم يهتموا بالماضي البعيد المتمثل مثلاً بآثار مصر القديمة مثلما فعل غيرهم من المصورين الأوروبيين حتى من المقيمين في مصر، لذا فهم يشكلون روّاداً من بين رواد التصوير الفوتوغرافي المحلي العربي.يتوجب نظرياً، في هذا الإطار، إدراج لينيرت Lenhert أيضاً، وكنا من أوائل من نبّه عنه وكتب حوله في كتابنا الصادر عام 1992 (الشرق المؤنث)، لكن وفرة الكتابات عنه وتوفرها بالعربية والفرنسية اليوم تجعل المرء يعدل عن هذه المهمة. وهنا نرى مرة أخرى أن منهجاً لا يكتب (تاريخ دخول التصوير الفوتوغرافي) في العالم العربي وإنما تاريخ ممارسته المحلية وتوطينه في الثقافات الوطنية عليه أن يلتفت قليلا أيضا إلى مصورين أجانب اشتغلوا بهذا المنحى، من باب التكريم في الأقل. في بلدان مثل تونس وليبيا تصير الإشارة إلى التصوير الإيطالي الأول في البلد (ليبيا) أو بعض المصورين الفرنسيين المقيمين فيه (تونس) استجابة لدواعي السياق الذي ظهر به التصوير المحلي وليس تاريخا للتصوير الأوروبي في ذينيك البلدين. ففي غياب شبه تام لمصورين محليين ليبيين حتى سنوات الأربعينيات من القرن المنصرم يبدو أن التسجيل والتوثيق ظل مقصورا على الإيطاليين واليونانيين وهم ممن لم يُدرسوا حتى اللحظة كما دُرِسَ المصورون الأجانب في القدس مثلاً. بينما يشكّل مصورون فرنسيون مقيمون في تونس جزءاً من عملية التشكل البطيء المتراكم للمصورين المحليين التونسيين بدون شك. من هنا الإشارة إليهم. كل هذه الاعتبارات لا تبدو ضرورية في بلد مجاور آخر هو الجزائر حيث الوفرة في المراجع التي تؤرخ للمصورين الأوربيين وحيث تأثيرهم في تشكيل التصوير المحلي لا يبدو كبيرا. إن المراجع المكتوبة القليلة الموجودة اليوم عن التصوير الفوتوغرافي في العالم العربي، تفضح نفسها بنفسها كونها ليست فقط غير كافية، إنما مبتسرة. إذ أن هناك مرجعين لم يجرِ العمل عليهما: الصحافة المحلية في البلدان العربية جميعا في بداية القرن العشرين، وهي كلها منسية ومهملة من طرف الباحثين لكنها تمدّ بمعلومات في غاية الأهمية عن روّاد التصوير الفوتوغرافي، وثانيهما اللقاءات الشخصية الحميمة بمصورين مخضرمين ما زالوا أحياء، منسيين هم أيضاً. لذا فإن واحدا من المراجع الضرورية المتوفرة هي الصحافة المصرية الأقدم من بين جميع الصحافة في العالم العربي، خاصة مجلتي (اللطائف المصوَّرة) و(المصوّر). كما أن اللقاءات الشخصية الأولية ببعض المصورين العرب القدامى، تظل نبعاً متجدداً لمعطيات جديدة عن ريادات مجهولة ما زلنا في طور استثمارها. علينا الإشارة هنا إلى أن (دخول الصورة الفوتوغرافية في الصحافة اليومية) في الصحافة الأوربية قد وقع خلال شهر آذار من عام 1880 بينما تأخر في الصحافة العربية إلى عام 1908.سوسيولوجياً، ما هي العلاقة بين الصورة السينمائية والصورة الفوتوغرافية الثابتة؟ هذا سؤال مطروح هنا لأنه يتعلق فحسب بالطبيعة التفاعلية للصورة، أي بعملية نشوء ونمو وتلقي التصوير الفوتوغرافي. إن بداية دخول السينما في بعض البلدان العربية تصير دليلاً على الكيفية التي يقع فيها توطين الممارسات الجديدة رويدا رويدا في بلدان موسومة بالنزعات العائلية والقبلية أو الريفية والصحراوية مثل العراق وليبيا واليمن التي يتوجب الإشارة إلى دخول السينما فيها بصفته توطئة لقبول الممارسة الفوتوغرافية لاحقاً. نلاحظ أن مصر وبلاد الشام والمغرب العربي قد اصطدمت، كل لسبب مختلف منذ بداية القرن الثامن عشر، بل السادس عشر بالنسبة للمغرب، بتيارات الحداثة الأوربية والتقت بالرسم والتصوير من بين ما التقت به: حملة نابليون على مصر، العلاقة الجغرافية والرحلات السفارية بالنسبة للشمال الأفريقي، والتبني الفرنسي للأقليات المسيحية ومن ثم لجميع بلاد الشام تقريباً. يقدّم المغ

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram