أربيل /آكانيوزبالرغم من أن قانون المطبوعات في إقليم كردستان الصادر في عام 1993 ينص بوضوح على عدم وجود رقابة على النتاجات الفكرية والثقافية التي تطبع في الإقليم، غير أنه تم قبل يومين سحب مجموعة شعرية من الأسواق إثر ضغوطات مورست على بعض الجهات.وأثار هذا الإجراء استنكار الأدباء والمثقفين في الإقليم
 الذين عبروا في الوقت نفسه عن تخوفهم من أن تكون الخطوة بداية لمرحلة "تقييد فكري" في الإقليم، يلجأ إليه أصحاب الفكر الديني عند صدور أي مطبوع أو كتاب لا يتماشى مع توجهاتهم.وكان الموقع الالكتروني الرسمي لعلماء الدين الإسلامي الكردستاني قد أفاد يوم الخميس الماضي، أن الجهات المعنية في إقليم كردستان قامت بسحب مجموعة شعرية باللغة الكردية للشاعر قوباد كوليزادة من أسواق الإقليم بعد ضغوطات مورست للوصول إلى هذا الغرض. ولم يشر الموقع إلى الجهة التي أمرت بسحب الكتاب، إلا أن قانون المطبوعات في كردستان لعام 1993 ينص على أن سحب أي كتاب من الأسواق يجب ان يكون بأمر قضائي. ويشدد رئيس اتحاد أدباء الكرد فرع دهوك حسن سليفاني، على أن سحب الكتاب يعد تراجعا للديمقراطيات واحترام الثقافة في إقليم كردستان، ومخالفة صريحة لقانون المطبوعات.ويقول سليفاني لوكالة كردستان للأنباء إن "سحب أي كتاب أدبي أو ثقافي من الأسواق يعد تراجعا عن الديمقراطيات واحترام الثقافة، لاسيما وان برلمان إقليم كردستان صادق على قانون المطبوعات والذي ينص في إحدى فقراته على أنه لا رقابة على المطبوعات".ويؤكد أن "القانون لا يسمح باتخاذ هكذا إجراء، ولا يستطيع برلمان كردستان تجاوز القانون إلا عبر إصدار قانون آخر وبجلسة علنية وتنشر في الصحف وحين ذلك سيكون للمثقفين والفنانين والأدباء موقف من ذلك أيضا". ويدعو سليفاني، وهو شاعر وله مجموعات عدة باللغتين الكردية والعربية، إلى احترام الخصوصيات الثقافية وحرية الفكر والتعبير والرأي، معتبرا أن "النص الأدبي يتحمل آلاف التأويلات، لماذا يصر الآخرون على تأويل النص على أهوائهم، وهذا يعد تدخلا في الشأن الثقافي في الإقليم وتراجعا عن الحريات". ويرى رئيس اتحاد أدباء الكرد فرع دهوك أن "هذه الخطوة تعطي صورة سلبية عن الوضع في إقليم كردستان الذي كانت صورته مشرقة قبل سنوات". وتمنى سليفاني أن "تتدخل الجهات السياسية لمنع الجهات التي تحاول السيطرة على فكر المثقف أو الأديب بأن تضع حدا لهم من خلال الحفاظ على الحرية والآفاق الفكرية في الإقليم". والكتاب الذي تم سحبه من الأسواق هو للشاعر قبادي جليزاده ويحمل عنوان "ستيان الثلج مليء بالزرازير".وأثير موضوع الكتاب لأول مرة في خطبة الجمعة بمسجد محمد فوزي بأربيل عاصمة الإقليم في السابع من الشهر الجاري بعد أن حصل الخطيب مسعود كاني كورده على نسخة منه قبل توزيعه في الأسواق.وتهجم الخطيب على الشاعر، متهماً إياه بـ "الاستخفاف بالله".غير أن دار "آراس" التي قامت بطباعة الكتاب رفعت دعوى قضائية على الخطيب المذكور بتهمة "سرقة" نسخة من الكتاب قبل أن يتم توزيعه في الأسواق. ويقول الشاعر والصحفي إسماعيل برزنجي لـ(آكانيوز) إن "سحب الكتاب يعتبر تدخلا سافرا في شؤون الشاعر، وما ورد في الكتاب ليس كما تصوره خطباء الجوامع وتحدثوا بها عبر المنابر". ويضيف "أنا من أحد الكتاب الذين هاجموني قبل سنوات بعد أن كتبت في زاويتي في صحيفة (خبات) بشأن عدم التفريق بين الطالب والطالبة في المدارس، فهاجموني من منابر المساجد".ويشدد برزنجي على أن "هذه الخطوة تمثل بداية خطرة للغاية، لأن المجتمع الكردي منفتح، ومتسامح ومتحضر"، مشيرا إلى أن "المرحلة التي نمر بها في إقليم كردستان نحتاج إلى حوار ثقافي وحضاري، وحوار تسامح بين كافة مكونات المجتمع". وكان مدير مؤسسة آراس للطباعة والنشر بدران أحمد حبيب، قد اتهم يوم الخميس برلمان إقليم كردستان بانتهاك قانون المطبوعات في الإقليم بعد أن مارس ضغوطات لسحب الكتاب من الأسواق. وقال حبيب لـ(آكانيوز) إن "برلمان كردستان هو سلطة تشريعية وليست تنفيذية، ومن المستغرب ان تحل لجنة الأوقاف بالبرلمان محل حكومة إقليم كردستان وتتدخل في شؤون المثقفين، كأن السلطات التنفيذية هي من صلاحياتها".وأوضح ان "خطوة البرلمان هذه، هي انتهاكٌ للقوانين التي وضعها بنفسه، لأن قانون المطبوعات لعام 1993، ينص على إمكانية سحب الكتب بقرارٍ من المحكمة فقط". بدوره، يعتبر الشاعر كريم دشتي سحب الكتاب بداية لدكتاتورية فكرية وإجراء "تعسفيا" لا ينسجم مع قانون حرية التعبير في الإقليم. ويقول لـ(آكانيوز) "لا بد من أن يكون الشاعر والمثقف حرا في اختيار موضوعاته، وسحب كتاب شعري، يعد إجراء تعسفيا وغير قانوني ولا ينسجم مع قانون حرية التعبير في إقليم كردستان". ويشير إلى أن "هناك أطرافا تريد أن تقف في وجه ما يعبر عنه الأدباء والشعراء، وهي بداية لدكتاتورية فكرية في الإقليم، ولابد من ان نحاول خلق جسر للتواصل والتفاهم مع هؤلاء".