TOP

جريدة المدى > منوعات وأخيرة > حدث في مثل هذا اليوم: حكومة الحفيد الثانية عام 1922

حدث في مثل هذا اليوم: حكومة الحفيد الثانية عام 1922

نشر في: 9 أكتوبر, 2012: 05:37 م

   ينتمي الشيخ محمود الحفيد إلى أسرة كردية عريقة في السليمانية، يرجع تاريخها إلى أكثر من سنة، وكان عميدها [الشيخ أحمد البرزنجي] يتمتع بمركز ديني ودنيوي كبير، في آن واحد، حيث كان بمنزلة الولي بالنسبة للشعب الكردي، فلما توفي جده [الشيخ أحمد]، خلفه ابنه [الشيخ سعيد]، ثم خلفه بعد وفاته الشيخ [محمود الحفيد]، الذي أخذ نفوذه في صفوف الأكراد يتصاعد، إبان الحكم العثماني.
ولما اندحرت الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، واحتلت بريطانيا العراق، حاولت تركيا أن تستميل الشيخ محمود الحفيد إلى جانبها، رغبة منها في إلحاق ولاية الموصل التي تشمل محافظات [الموصل، وأربيل، وكركوك ،والسليمانية] بها، إلا أن الشيخ الحفيد اتصل بالإنكليز، بصورة سرية وتعهد لهم بالسيطرة على الحامية التركية التي كانت ما تزال باقية في السليمانية، لقاء منحه امتيازات في إدارة شؤون المدينة، وتشكيل حكومة كردية برئاسته، على أن تكون تحت ظل الانتداب البريطاني.
رحبت السلطات البريطانية بعرض الشيخ محمود الحفيد، نظراً لما يتمتع به من مركز مرموق في صفوف الشعب الكردي، وقامت بإرسال مندوبين عنها من كبار الضباط لإجراء مفاوضات معه ، في تشرين الثاني، لتسهيل دخول القوات البريطانية إلى السليمانية، وقد استقبلهم الشيخ محمود الحفيد بحفاوة، وسلمهم إلى الحامية التركية، التي سيطرت عليها قواته.
وسارعت السلطات البريطانية إلى تعيينه حاكماً على لواء السليمانية،  كما عينت الميجر [نوئيل] مستشاراً له، وشكلت نواةً لحكومة كردية في منطقة كردستان العراق، والتي كانت قد أشارت إليها [معاهدة سيفر] وخاصة في المادة [ ٦٤ ] .
لذا أعلن الشيخ محمود في 21-5-1919 استقلال حكومته الكردية وطرد القوات البريطانية من منطقة نفوذه وألقى القبض على موظفيهم ولكن في نهاية الأمر أُسّر الشيخ الحفيد جريحاً في معركة دربند بازيان يوم 19-5-1919 فأُرسل الشيخ الأسير إلى بغداد ليحاكم أمام المحكمة العرفية العسكرية فحكم عليه بالإعدام شنقاً إلا أن حكمه الجائر هذا قد خفف لأسباب سياسية إلى سجن مؤبد ونفيه إلى الهند. لكن الأوضاع في كردستان لم تستقر بعد إبعاد قائد الحركة الكردية لذا قرر الانكليز إعادة الشيخ الحفيد إلى السليمانية، فعاد الى السليمانية في مثل هذا اليوم من عام 1922 وشكل حكومته الثانية في تشرين الثاني من تلك السنة، وأعلن نفسه ملكاً على كردستان واعترف الانكليز وحكومة الملك فيصل الأول ملك العراق بحق الكرد في تكوين كيانه السياسي وفق معاهدة سيفر التي كانت حينذاك سارية المفعول. إلا أن الانكليز نقضوا وعودهم التي قطعوها لملك كردستان واخذوا يعرقلون أُمور حكومته ولا سيما بعد زوال الخطر التركي على ولاية الموصل. ففكّر الشيخ الحفيد حينئذٍ بإجراء اتصالات مع الحكومة الروسية الاشتراكية السوفيتية ووجه رسالة تاريخية في 20-1-1923 بتوقيع ملك كردستان الى قنصل روسيا السوفيتية في تبريز بإيران، طالباً فيها العون العسكري والاعتراف بالحقوق القومية للكرد وتزويدهم بالسلاح والعتاد وإقامة العلاقات الدبلوماسية معهم . وعندما علمت بريطانيا بموضوع تلك الرسالة الموجهة الى روسيا أسرعت في القضاء على حكومة الشيخ محمود وقامت بقصف مدينة السليمانية في ربيع تلك السنة عدة مرات لإخراج قواته من المدينة، واجه الشيخ محمود القوات البريطانية والعراقية سنة 1926 مرةً أخرى ولكنه في هذه المرة ايضاَ اضطر إلى الانسحاب، بسبب عدم التكافؤ في القوى المحاربة ونوعية السلاح، إلى كردستان إيران ولم يتخل عن القضية الكردية بل جمع قواته مرة أخرى ليصطدم بالقوات العراقية المدعومة من بريطانياً في معركة (آوباريك) سنة 1931 لكن بسبب قلة أفراد قواته المقاتلة ونقص في السلاح والعتاد لم ينجح في محاولته الأخيرة ايضاً في سبيل إقامة كيان سياسي للكرد فتم أسره وإبعاده الى جنوب العراق ثمَّ جيء به إلى بغداد ليقيم فيها تحت الإقامة الجبرية. الاّ انه استغل قيام حركة رشيد عالي الكيلاني ضد الانكليز في 2 مايس 1941، فعاد إلى منطقة السليمانية ليستقر في قريته الخاصّة (داري كه لي) ولم يعدْ إلى بغداد مرةً أخرى إلى أن وافاه الأجل المحتوم في احد مستشفيات بغداد في 9-10-1956 ونقل جثمانه الطاهر إلى مدينة السليمانية ليدفن في الجامع الكبير بجوار قبر جد والده كاك احمد الشيخ.
رفعة عبد الرزاق محمد

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

رحلات التخييم في واسط: تنمية المواهب واستكشاف الحياة البرية

في النيجر.. على الزوجة الأولى استقبال ضرتها بحفل "مرح"

بيت المدى يستذكر الشخصية الوطنية واليسارية عبد الفتاح إبراهيم

بركة بازار: سوق خيري ينعش الموصل القديمة ويبرز إبداع النساء والشباب

ورشة وحيدة تحيي صناعة الدف التقليدي في الموصل

مقالات ذات صلة

رحيل فتى السينما الشقي حسن يوسف بعد رحلة طويلة مع الفن

رحيل فتى السينما الشقي حسن يوسف بعد رحلة طويلة مع الفن

 متابعة المدى توفي أمس الثلاثاء الممثل المصري الشهير حسن يوسف الذي كان أحد أبرز الوجوه السينمائية في حقبتي الستينات والسبعينات، عن عمر يناهز 90 عاماً. وكتب شقيقه محمد يوسف عبر حسابه على «فيسبوك»:...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram