متابعة/ المدىأصبحت عمليات إطلاق النار في المناسبات بشكل عشوائي في العراق، تقليدا شعبيا لا يمكن الاستغناء عنه على الرغم من النداءات الكثيرة، الرسمية والشعبية، التي تستهجنها وتطالب بمنعها وردعها، ولكنها في استمرار وتواصل وازدياد، وطالما يكون هناك العديد من الضحايا الذين يتساقطون بسببها وتمتلئ بغيرهم المئات من المستشفيات، وهذه العادة ليست لها مناسبة خاصة فهي في الأفراح تمارس وفي الأحزان، أي في الأعراس تجد الأسلحة تبرز وتعلن عن وجودها بلعلعة الرصاص،
وفي المآتم تحضر بقوة كنوع من التباهي لاسيما في التشييع للموتى، بل إن الفوز في مباراة كرة قدم أو الخسارة فيها أصبحت سيان في إطلاق العيارات النارية الكثيفة وهي التي تدعو إلى دراسة هذه الحالة والوقوف على إرهاصاتها.وبحسب تقرير لوكالة إيلاف، فقد طالبت وزارة الصحة العراقية مرارا بإصدار تشريعات تمنع إطلاق العيارات النارية أثناء الاحتفالات والمناسبات لتسببها بحدوث إصابات خطيرة بين المواطنين ودعت في أكثر من مناسبة المسؤولين في الدولة ورجال الدين إلى ضرورة توعية المواطنين بمخاطر تلك العملية، وضرورة استعمال الطرق السلمية للتعبير عن أفراحهم واحتفالاتهم، فيما كانت وزارة الداخلية تصدر قراراتها للحد من هذه الظاهرة وتهدد باعتقال المخالفين ومصادرة أسلحتهم، ولكن دون جدوى، فيما كانت وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة تحذر من خطورة الإطلاقات النارية العشوائية خاصة تلك التي تكون بسبب انتصارات المنتخب العراقي حين تمتلئ الشوارع بحشود المحتفلين، وقد اخبرني احد الضباط في الوزارة أن الوزارة أصدرت قرارا بمنع إطلاق العيارات النارية في المناسبات وهددت باعتقال مطلقيها ومصادرة الأسلحة سواء كانت مرخصة أو غير مرخصة عبر مفارزها المنتشرة، بعد الحوادث الكثيرة التي تسببت بها هذه الاطلاقات، ولكن من الصعب على الوزارة متابعة ذلك لأسباب عديدة منها كثرة المطلقين من داخل البيوت لاسيما في المناطق الشعبية كما أن المفارز لها واجباتها، وأضاف: لكننا نتمنى أن يكون هنالك وعي بخطورة الظاهرة السيئة التي تؤذي الآخرين سواء بالموت أو الإصابة.ويقول الشاعر ابراهيم زيدان أن ظاهرة إطلاق الأعيرة النارية هي:" أسوأ عادة موروثة، لان أجدادنا اعتادوا في أفراحهم وأتراحهم أن يطلقوا الرصاص لإعلام الآخرين بوجود مناسبة لديهم، وانتقلت هذه العادة بشكل كبير حين كان صدام حسين يطلق الرصاص من مسدسه وبندقيته بالمناسبات، حتى صارت لغة الرصاص هي المعبر الوحيد عن الفرح والحزن، وحين سادت عسكرة المجتمع في زمن صدام صار منظر المسدس والبندقية أمرا مألوفا واليوم صار الوضع أسوأ بكثير، فغياب القانون الرادع وراء هذه المظاهر السيئة التي يذهب ضحيتها الأبرياء بسبب رصاصهم الطائش".وأضاف: اليوم نعيش غيابا حقيقيا للدولة وهذا يعني تحصيل حاصل فقدان القانون الذي يتجسد بوضوح في غياب الأمن والنظام، كما قلت لك، هو يجسد ظاهرة المجتمع المتخلف وللأسف، إننا أبناء حضارة وأمة علمت الأمم الدرس الأول في القانون، فالمواطن وحتى وهو يطلق النار في الأفراح إنما يتنفس من خلاله لأنه عاش دهورا مقموعا ومهمشا. أما الصحفي محمد كاظم من وكالة الأخبار العراقية فقال: من وجهة نظري مهما كانت المناسبة وأي كان نوعها لان الفرح والتعبير عنه له 100 طريقة وليس بالضرورة هذه الطريقة العدوانية والخطرة، التعبير عن الفرح والحزن حالة لا إرادية ترتبط بسلوك الإنسان و أخلاقة وما أثار انتباهي هي الاطلاقات النارية (طلقات الرشاش) فيعتقد البعض أن إطلاقها هي وسيلة للتعبير عن الفرح وعند بعضهم هي مقياس الرجولة في حين لا يعرف هذا الشخص بان إطلاق الرصاصات يؤدي إلى مشاكل كثيرة تؤثر على الناس وعليه، وهذه المشاكل تشكل مصدر إزعاج للناس الساكنين وغير المحتفلين يعني هناك ناس كثيرون يتضررون بهذه الاطلاقات العشوائية، وعليه لابد من الالتزام بالتعبير عن الحب والفرح بالطرق الحضارية والجميلة وليس بهذه الطريقة العدوانية ومحاسبة الغير على هذه التصرفات العدوانية والتي تنم عن جهل وعدم تطور.أما الإعلامية سرى الراوي فقالت: أنا اعتبر إطلاق العيارات النارية ظاهرة غير حضارية وهي دليل على عدم وعي الشخص لان الفرح والحزن لا يترجم باطلاق العيارات النارية، فهناك أمور كثيرة نستطيع من خلالها أن نعبر عن مشاعرنا سواء في الحزن أو الفرح، فهناك من يعتبرون العيارات النارية تعبيرا عن فرحهم لذلك يطلقونها، أما في الحزن فهم يعتبرون العيارات النارية هدفه انتشار خبر الوفاة وهذا حسب اعتقادي أسلوب غير صحيح لان ضرره أكير من نفعه إن وجد فيه نفع. وأضافت: أنا اعتقد أن للإعلام دورا مؤثرا في هذه القضية وعلينا كإعلاميين أن نقوم بمساندة السلطات من اجل التنبيه إلى السوء الذي تجلبه هذه الظاهرة واعتقد أن قتل إنسان جريمة حتى وان كان القائم بإطلاق النار لا يدري فهذا لا يعفيه من المسؤولية أمام الله.وقال الصحفي غانم عبد الزهرة: إنها جزء من العادات والتقاليد العراقية ولان العراق يغلب عليه الطابع العشائري فيعتبر امتلاك المواطن العادي لسلاح ناري في منزله مبعث فخر وعز ودلالة على شجاعته، ويستخدم السلاح في مناسبات الأفراح والأحزان لإطلاق العيارات النارية ابتهاجا أو حزنا والمعروف لدى العشائر العراقية أنها تطلق العيارات النارية عند تشييع جثمان زعيم العشيرة أو أي شخص مهم فيها تعبيرا عن مكانته
العيارات النارية العشوائية.. تقليد عراقي يقتل العشرات من الناس
نشر في: 24 يناير, 2011: 05:52 م