إيمان محسن جاسملم يجد خطاب الرئيس المصري ليلة السبت 29/1 صدى في الشارع المصري الذي وجد في كلمات هذا الخطاب ما جعله يدرك جيدا بأن الرئيس يحاول أن يؤكد بأنه ما زال الرجل القوي في بلد مريض ، ومرض مصر اقتصادي بالدرجة الأولى ومن تداعيات هذا المرض وجود الأمية ، الفقر ، الفساد بكل أنواعه ، الحكومة المصرية هي حكومة رجال أعمال .
وهذا ما يجعلنا ندرك لماذا خرج شباب العشوائيات ليكونوا النسبة الكبيرة من المتظاهرين في القاهرة ، وهؤلاء أبناء العشوائيات يمثلون نسبة كبيرة جدا من مجتمع القاهرة الذي اختفت فيه الطبقة الوسطى ، ومن يقول بأن في مصر طبقة وسطى فهو لا يعي جيدا، رغم إن صباح اليوم السبت 29 يناير/ كانون الثاني يتداول البعض كلمة ( أعي ) هذه الكلمة التي قالها الرئيس مبارك في خطابه ، سمعت رجلاً كبير السن يٍسأل ( أيه معنى أعي ؟) ، ولما عرف بأن معناها أعرف مشاكلكم وسأسعى لحلها ، عاد وسأل وأيه معنى أسعى ؟ شيء أشبه بالنكتة أو الفزورة لكنها مؤلمة .ما يمكن لنا كمتابعين أن نستشفه من الحالة المصرية بأنها تمثل صحوة مجتمع للانتفاض على الأوضاع التي يعيشها ، وهذه الصحوة خارج سياقات تركيبة المجتمع المصري المعروف عنه بأنه شعب سهل ترويضه ولم يكن له مشاكل مع كل الأنظمة التي توالت على حكم مصر بما فيها حكم محمد علي وأولاده ، لكن من الواضح جدا بأن الشباب المصري استفاد كثيرا من حرية الاتصالات في السنوات المنصرمة وهنا لا ننكر بأن حكومة مصر عمدت إلى بعض الإصلاحات في مجالات الحرية في السنوات الماضية لكن هذه الإصلاحات رغم أهميتها إلا إنها لم تلامس أشياء مهمة في مقدمتها مسـألة الانتخابات ، تداول السلطة ، وهذا بحد ذاته أثار حفيظة الشارع المصري أو الشباب المصري إن صح التعبير.وربما كل من تابع جمعة الغضب المصرية يمكن أن يكتشف سطوة الحكومة والحزب الحاكم على جميع المؤسسات عبر تعطيل شبكتي الهاتف المحمول وخدمات الإنترنت ، لكن الكهرباء لم تنقطع ! وهذا ما يؤكد أن حكومة مصر حكومة رجال أعمال عبر سطوتها في تعطيل خدمات الاتصالات بشكل كامل في عموم مصر وربما أرادوا من هذا أن لا تتكرر التجربة التونسية في مصر .الشيء الآخر الذي لفت الانتظار هو ترك المتظاهرين يحرقون ما يشاء لهم حرقه من أجل امتصاص نقمتهم وغضبهم وربما بعض رجال الحكومة في مصر أرادوا اتباع هذه الستراتيجية في مواجهة المتظاهرين خاصة وأن أية عملية عنف تستخدم ضدهم ستكون على شاشات الفضائيات وتسبب أحراجا كبيرا لحكومة لا تنقصها الإحراجات على الصعيدين المحلي والعالمي .لكنني ومن خلال المتابعة وجدت بأن الإعلام المصري يركز على حالة واحدة هي وصف التظاهرات بأنها أعمال شغب ، فيما وجدنا رئيس تحرير الأهرام أسامة سرايا يتهم الأخوان المسلمين بالوقوف وراء أعمال الشغب هذه ، وباعتقادي الشخصي إن الخطاب الإعلامي الرسمي المصري فشل في أن يكون مصدرا للمعلومات حتى للصحف المصرية ذاتها خاصة في ظل غياب تام لأي مسؤول مصري منذ العاشرة من صباح الجمعة حتى الساعة الأولى من فجر السبت حتى سادت الكثير من الشائعات في شوارع القاهرة بأن المسؤولين المصريين ربما غادروا البلد لجهات مجهولة .لكن الشيء اللافت للنظر بأن الشعب يراهن على الجيش ، وهذه المراهنة يتفق عليها المثقف والجاهل ، الرجل والمرأة ، الشاب والكهل ، وربما أقول ربما سيعمد الرئيس المصري لإناطة مهام كثيرة للجيش في الأيام المقبلة وبالتأكيد سيختار أسماء تحظى بقبول الشارع المصري .ومع هذا فإن مطالب الكثير من طبقات الشعب المصري تتعدى حدود تشكيل حكومة جديدة فهي تريد إعادة الانتخابات لمجلس الشعب ، تعديل الدستور ، عدم ترشيح مبارك لولاية سادسة ، وهذا ربما ما يرفضه الرئيس مبارك ما لم يكن له رأي آخر .
مصر وخطاب الرئيس
نشر في: 29 يناير, 2011: 04:43 م