زهير كاظم عبود تشكل المحاكمة العادلة عمودا أساسيا تستند إليه دولة القانون ، وتشكل هاجسا ومطلبا نصت عليه اللوائح والاتفاقيات الدولية ، واعتبر الالتزام بمعاييرها العادلة شرطا من شروط تأسيس دولة القانون وحقا من الحقوق الأساسية التي أكدها الدستور.كما أن من بين أهم الأهداف التي ينظمها قانون أصول المحاكمات الجزائية الوصول إلى العدالة عبر مراحل وإجراءات التحقيق والمحاكمة ، واعتماداً على المساواة بين الأفراد التي أكدها الدستور ونصت عليها القوانين ، وتطبيق الضمانات التي أكدها الدستور العراقي في حماية الحرية الشخصية ونص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بشكل عام والاتفاقيات والمعاهدات الدولية الموقعة من قبل العراق بشكل خاص ، وعدم تقييد تلك الحرية إلا وفقا للضوابط والنصوص التي أكدها القانون .
ويسعى كل إنسان لنيل العدالة في جميع الشرائع والقوانين باعتبار أن هذا الأمر حق أساسي ومرتبط بقيمته الإنسانية ، بالنظر لكون النصوص التي وردت ضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي صادقت عليها جميع الدول باعتبارها نصوصا دولية متفقاً عليها تسعى في سبيل حفظ حياة وكرامة وحقوق الإنسان من الانتهاكات ، ان تلزم الحكومات بإجراء المحاكمات العادلة والمحايدة والمنصفة للبشر ، دون أي اعتبار، حيث تنص المادة العاشرة منه على ما يأتي: (( لكل إنسان ، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، الحق في أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة، نظراً منصفاً وعلنياً، للفصل في حقوقه والتزاماته وفي أية تهمة جزائية تُوجَّه إليه)) .فإن الإنصاف والعدالة والحياد والمساواة من بين أبرز الصفات التي يتوجب على المحكمة أن تتصف بها ، وما عليها من ضوابط العمل القضائي أن تلتزم بها . أما نصوص العهد الدولي فقد أكدت المادة 14 على ما يأتي: ((من حق كل فرد أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قِبَل محكمة مختصة مستقلة حيادية منشأة بحكم القانون)) . ومن أجل أن تتوفر القناعة بوجود محاكمة عادلة لابد من توفر عدد من الشروط الأساسية ، سواء التي يتم تطبيقها في مرحلة التحقيق أوفي مرحلة المحاكمة ، ومن أجل أن يتم هذا التطبيق لابد للمحكمة من أن تلتزم بجميع النصوص التي وردت كضمانات أساسية للمواطن في باب الحقوق والحريات للمواطن في الدستور والقوانين الأخرى ، وأن تكون هناك هيئة قضائية مستقلة تتمسك بتطبيق القوانين بأمانة ، وأن تكون قرارات تلك الهيئة قابلة للتمييز والتدقيق من قبل هيئة قضائية أخرى . وسعياً لتحقيق المحاكمات العادلة ينبغي أن تتوفر الضمانات الكفيلة بحماية الحقوق في مرحلة التحقيق ، واعتمادا على المبادئ العامة التي وردت في الدستور ، من أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته ، وأنه لا عقاب على فعل او امتناع إلاّ بناء على قانون ينص على تجريمه وقت ارتكابه ، وأن حق الدفاع مقدس ومكفول في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة ، ولا يجوز إيقاع عقوبات لم ينص عليها القانون ، وأن للمتهم حق الصمت ، وتتم إحالة المتهم على المحكمة المختصة عند توفر الأدلة الكافية للإحالة ، وأن تتم محاكمته محاكمة قانونية عادلة وعلنية ، وغيرها العديد من تلك المبادئ التي تتم اعتمادها في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة ، حيث أن لكل فرد أن يتم معاملته معاملة عادلة في الإجراءات القضائية . ومن بين أهم المعايير في المحاكمة العادلة توفر الضمانات القانونية لأطراف القضية الجزائية ،هذه الضمانات وردت ضمن نصوص الدستور والقوانين الجزائية ، العقابية منها أو التنظيمية ، ومن بين أهم تلك الضمانات استقلالية القضاء ، والمحاكمة العلنية ، وطرق الطعن بالقرارات القضائية ، وسرعة إنجاز وحسم القضية .واعتماد الدستور نظرية الفصل بين السلطات يؤكد استقلالية السلطة القضائية وتخصص كل سلطة بما أنيط بها من مهام ، ومع وجود التعاون والتنسيق والانسجام والتكامل بين السلطة التشريعية والتنفيذية مع السلطة القضائية ، ومن هذه السلطات تتشكل السلطات الاتحادية ، إلا أن مسألة تحقيق العدالة في الأحكام والقرارات منوطة حصرا بالقضاء ، ولا سلطة عليه غير سلطة القانون ، حيث لم يجوّز الدستور لأية سلطة أخرى التدخل في القضاء أو في شؤون العدالة . إن تعزيز الحق والعدالة في المحاكمة العادلة وفقاً للمعيار الذي نصت عليه النصوص التي تنظم عمل المحاكم واختصاصاتها وأنواعها، وإن تطبيق المحكمة لتلك المعايير والتزامها بتوفير تلك الضمانات يجعل من تلك المحاكمات التي تجريها تصب في مجرى العدالة. وكما ذكرنا سابقا إن الإجراءات التي يتم تطبيقها في مرحلة التحقيق قبل المحاكمة باعتبارها تشكل مرحلة تعد جزءاً من موجبات المحاكمة ، حيث تنتهي القضية إما بغلقها والإفراج عن المتهم أو براءته لعدم توفر الأدلة ضده ، أو أن الأدلة لاتكفي لإحالته إلى المحكمة المختصة وبالتالي يتم غلق التحقيق والإفراج عنه ، أو أن تتوفر القناعة والأدلة التي تكفي لإحالته للمحاكمة على المحكمة المختصة والتي ستلتزم أيضاً تطبيق تلك المعايير في مرحلة المحاكمة. والمعيار الذي تلتزم به سلطات التحقيق:1. المساواة أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو الدين أو المذهب الديني أو العقيدة أو الرأي .2. إن لكل مواطن الحق في الحياة والأمن والحرية ولا يجوز الحرمان من هذه الحقوق أو تقييدها إلا وفقاً للقانون وبناء على قرار صادر من جهة قضائية مختصة ، وأنه لا يجوز التوقيف في غير الأماكن المخصصة لذلك . 3. حق التقاضي مصون ومكفو
معيار المحاكمة العادلة
نشر في: 31 يناير, 2011: 05:18 م