بغداد/ اياس حسام الساموكعبر مختصون في الشأن القانوني عن امتعاضهم من استمرار تطبيق قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل سيما التي تتعلق بقمع الحريات العامة.وانتقد برلمانيون المشرع العراقي كونه لم يضع معايير محددة لمفهوم النظام والآداب العامة الذي يختلف وفق طبيعة المكان والزمان مما جعله يخضع لتقدير صاحب القرار.وتشير التقارير إلى أن عدد قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل للفترة ما بين تولي حزب البعث لسلطة في 1968 حتى سقوط النظام السابق في 2003 بلغت 13500 قرارا الأمر الذي أثر سلبا على النظاميين القانوني والقضائي، وان طبيعة هذه القرارات كانت تشريعية فضلا عن أنها لا تخضع للرقابة من قبل السلطات التشريعية في البلاد حينها.
إحصائيات لعمل البرلمان السابق أكدت أن ما تم معالجته خلال الدورة السابقة لا يتجاوز الـ 29 قرارا فضلا عن آن بعض التشريعات كانت تعالج في طياتها بعضا من هذه القرارات، ففي سنة 2006 لم يسن أي قانون يلغي قرارا لمجلس قيادة الثورة في حين كانت التي تليها هي أعلى السنوات حيث بلغ عدد قوانين المعالجة للقرارات المذكورة 23 قانونا أما في سنة 2008 ثلاثة قوانين، وفي 2009 قانون واحد والسنة السابقة قانونيين فقط.مراقبون شددوا لـ"المدى" على وجود خلل في النظام التشريعي العراقي ففي ظل النظام السابق لم يكن هنالك تشريع صحيح ولا حتى رقابة لها، وأوضحوا أن ما تم معالجته من قرارات لمجلس قيادة الثورة المنحل هو أمر يتعلق في المصالح الشخصية، فقانون الجنسية رقم 26 لسنة 2006 الغي في المادة 17 منه قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 666 لسنة 1980 المتعلق بإسقاط الجنسية، كون اغلب البرلمانيين كان النظام المباد قد اسقط عنهم الجنسية لاسباب مختلفة وجعل الحق لكل من اسقطت عنه طلب استردادها.بيد أن مجلس النواب عجز عن سن أي قانون يلغي من خلاله أي اثر من آثار تقييد الحريات التي شنها النظام المباد خلال الحملة التي سميت حينها "بالإيمانية" لغرض اسلمة الشارع لأجل أجندة معينة، سيما قرار رقم 82 لسنة 1994.يشار إلى أن مؤسسة "المدى" للإعلام والثقافة والفنون تسعى من خلال مؤتمرها القانوني الذي يعد الأول من نوعه بالتعاون مع مجلس القضاء الأعلى لأجل البحث في اطر النظام القانوني العراقي ووضع التوصيات والعمل من اجل إنهاء جميع قرارات مجلس قيادة الثورة سيء الصيت.منسق اللجنة التحضيرية للمؤتمر وثاب السعدي شدد لـ"المدى"على عدم مقدرة البرلمان ولا الحكومات التي عقبت إسقاط النظام المباد على إصلاح الخلل الموجود في النظام التشريعي من خلال وضع فلسفة واضحة تجاه تطوير المنظومة القضائية في العراق.وأكد السعدي على حاجة البلاد إلى معالجة شاملة لجميع قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل خلال 35 سنة والحل لا يكون من خلال الإلغاء فحسب، كون الأمر يسبب أخطاءً جسيمة، فهو يحتاج إلى سن قوانين تلغي هذه القرارات وتعمل وفق مبادئ العدل والأنصاف، موضحا أن جميع المعالجات في المرحلة السابقة كانت جزئية تتفق مع وجهة نظر الأحزاب المسيطرة على المشهد السياسي.ولفت السعدي إلى أن النظرة الأحادية لدى السلطة التشريعية هي خاطئة بل ينبغي أن تكون شاملة من اجل حل جميع الإشكاليات، فمعالجة القانون بطريقة فردية هو أمر خاطئ.من جانبها أكدت الكتل السياسية عزمها إزالة جميع آثار قرارات مجلس قيادة الثورة من خلال ثورة للتشريعات يمكن سنها خلال هذه الدورة البرلمانية حتى تكون عبارة "استنادا إلى قرار مجلس قيادة الثورة المنحل" في خبر كان.النائب عن التحالف الوطني حسين الاسدي اتهم اللجنة القانونية في البرلمان السابق بأنها كانت مسيسة وغير فعالة فالأمر ملقى على عاتقها بالدرجة الأساس لإلغاء قوانين مجلس قيادة الثورة المنحل.وأضاف الاسدي في تصريح لـ"المدى" أن المناكفات السياسية التي حدثت ومازالت تحدث هي السبب الرئيسي في عدم تأدية البرلمان لواجبه التشريعي من اجل القضاء على جميع القرارات التي كانت تصدر في ظل النظام المباد، مؤكدا تشكيل لجان خاصة للبحث في قضيتين مهمتين الأولى تتعلق بالمواد الدستورية التي بحاجة إلى سن قوانين وهي 55 مادة أما المسألة الثانية فهي تتعلق بالنظر في قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل وإلغاء ما يجب إلغاؤه وتعديل ما ينبغي تعديله.وأردف الاسدي أن رئاسة البرلمان تعتزم التخلص من هذه القرارات التي وصفها الاسدي بالظالمة، موضحا انه لا يمكن النظر في هذا الموضوع دون حسم رئاسات اللجان والتي توقع الاسدي أن تتم مطلع الأسبوع القادم.وفي السياق ذاته تثير مسألة النظام والآداب العامة مشكلة أخرى في فهم الأسباب الموجبة للمواد الدستورية والتشريعية وكيفية تطبيقها، كونها تختلف باختلاف الظرفين المكاني والزماني لتطبيق ما أمر به المشرع، فضلا عن هذا الأمر يخضع لرغبة صناع القرار.ويعلق الاسدي قائلا "إن الكثير من المواد الدستورية والقانونية فيها غموض والسبب في ذلك هو القصور الذي كان موجوداً في المشرع العراقي حينها، الأمر الذي جعل النظام والآداب العامة تخضع لمن يسيطر على القرار، مبينا أن الأمر لا يمكن تحديده بنص معين فالمجتمع المدني الموجود في بغداد يختلف عمّا هو موجود في الأنبار والنجف، مبينا أن الأمر مختلف بين محافظة وأخرى ففي مكان ما نجد أن المدنية هي التي تسيطر على المشهد وفي آخر نجد العشائرية وهنالك مناطق نجد الجانب الديني وهكذا باختلاف المناطق".وتابع الاسدي أن فهم النظام والآداب العامة يختلف أيضاً من شريحة إلى أخرى، فالتيار العلماني يفسره وفق ما هو يراه، والتيار الديني يفسره وفق العقائد
العراق يعتمد 13500 قرار لمجلس قيادة الثورة المنحل..والبرلمان لم يعدل سوى 29 منها
نشر في: 31 يناير, 2011: 07:41 م