ترجمة: لطفية الدليمي تجلس مارغريت أتوود الكاتبة الكندية في صالون بيتها العتيق طراز القرن الثامن عشر قرب ساحة (سان جيمس) في لندن، توحي بذكائها المتقد ورقة ملامح وجهها الشبيه بوجه طائر وبعينيها الزرقاوين المشعتين وشعرها الجعد المتمرد،
توحي بعقل لايزال متوهجا عشية عيد ميلادها السبعين ووراء حضورها البارع كروائية تكمن امرأة عرافة من رائيات المستقبل..أصدرت مارغريت نحواً من أربعين كتابا مابين الرواية والقصص القصيرة والشعر والنقد الادبي وتاريخ المجتمع وقصص الاطفال وكتبت السيناريو والمسرح ، وعرفت أتوود عالميا عبر الترجمات العديدة لرواياتها حول العالم وفي مقدمتها رواية (حكاية خادمة) ورواية (عين القطة) اللتان وصلتا الى القائمة القصيرة لجائزة البوكر ، كما فازت روايتاها (العروس السارقة) و(الياس غريس) بجائزة جيلر الكندية المرموقة ، ونالت جائزة صحيفة السنداي تايمس للتفوق الادبي كما قلدها نادي الآداب الأميركي وسام الشرف وحازت رتبة فارس في الآداب من فرنسا وهي أول فائزة بجائزة لندن للأدب ، ولدت مارغريت اتوود في 1939في مدينة أوتاوا وترعرعت في شمالي مقاطعة كيوبك واونتاريو واخيرا في مدينة تورنتو وتنقلت بين عدد من المدن الكندية والأمريكية والأوروبية ، ونالت جائزة مدينة دبلن للأدب الرفيع وحظيت بتقديرات شرفية عالية كما منحت شهادات شرف من جامعات كندية عدة ودرجة دكتوراه فخرية من جامعة أوكسفورد البريطانية العريقة ..وتعيش مارغريت الآن مع صديقها الروائي غريم غبسون في مدينة تورنتو ..نشأت أتوود وسط بيئة علمية فوالدها كان عالم أحياء يملك مركز بحوث في غابات شمال كيوبك لدراسة سلوك الحشرات وكان المركز يستقطب أعداداً من الخريجين المهتمين بالبحوث البيولوجية وترعرعت وتعلمت القراءة في الغابات ، تتذكر تلك الحقبة من طفولتها : (كانت حولنا نحو ستة منازل في غابة لا تصلها السيارات ولا الكهرباء ، وهناك بدأت قراءاتي المبكرة بقصص الصغار المصورة (الكوميك) ..وكابنة لعالم حشرات كندي مرموق بدأت الفتاة وفي ما بعد الروائية الشهيرة تهتم بمصير كوكب الارض ، وظهر اهتمامها في معظم رواياتها وكتبها الأخرى بالأوضاع الاقتصادية للعالم وأحوال المناخ الخطيرة التي تهدد الأرض بكارثة محتملة ،rn- ولكن هل جعلها عملها الروائي تبدو كعنصر ناشز وسط علماء الأحياء ؟ تضحك اتوود وتقول : كنت أنا واخي من المبرزين في العلوم ، وكلانا كان متميزا في الأدب الانكليزي ، لكننا مضينا كل في اتجاه مختلف ، كان والدي عالم الأحياء - قارئاً عظيما للأدب يقرأ القصص والشعر والتاريخ ، و عموما كان علماء الأحياء قراء ممتازين للأدب ، فلا يمكننا القول بأن كوني روائية يجعلني غريبة عن عائلة علماء البيولوجيا ، نحن من ملتهمي الكتب النهمين ، لقد كنت في طفولتي أقرأ وأقرأ وأواصل قراءة كل ما يقع تحت يدي حتى ما يكتب على علب حبوب الإفطار (السيريال) دون تمييز بين أمر تافه وآخر ، الأهم أن أقرأ دون توقف ،ليس ثمة قطيعة بين العلم والرواية فكلاهما يطرحان أسئلة متماثلة : ماذا لو ؟ ولماذا ؟ وكيف تسير الأمور ؟ ولكنهما يركزان على مناطق مختلفة من حياتنا على هذه الأرض ، قد تكون التجارب العلمية قابلة للتكرار ، لكن سؤال الأدب لن يطرح على النحو الآتي : لماذا أكتب نفس الكتاب مرتين ؟ أرجو ان لا تقعوا في الخطأ وتحسبوا روايتي (أوريكس وكريك) رواية مضادة للعلم ..العلم طريقة وأداة من ادوات المعرفة ، شأنه شأن جميع طرق المعرفة وأدواتها ، ويمكن أن يساء استخدامه ، و أن يباع ويشترى ، وهذا ما يحدث غالبا و ذلك لا يعني أن العلم بحد ذاته أمر سيئ ، الكهرباء على سبيل المثال ، إنها شيء محايد .. يؤسف مارغريت أتوود واقع عالمنا المعاصر وهي تحدد القوة المحركة للعالم -إن القوة المحركة لعالمنا هي قلب الإنسان وهذا يعني العواطف (ييتس ووليم بليك وجميع الشعراء العظام فكروا بقوة القلب والعاطفة ، وحدثونا عنهما) لكن أدواتنا التي تحرك حياتنا الآن تغيرت وأصبحت الكراهية المفرطة هي و القنابل والمدن المخربة من يتحكم بمسيرة عالمنا .. الرغبة والعاطفة&
مارغريت أتوود:الرغبة والعاطفة وليس الحجر والقرميد من يعيد بناء عالمنا المخرب
نشر في: 1 فبراير, 2011: 05:41 م