TOP

جريدة المدى > كلام اليوم > الوجه الآخر للمحاصصة الطائفية

الوجه الآخر للمحاصصة الطائفية

نشر في: 1 فبراير, 2011: 09:23 م

كل الخطاب الدعائي الانتخابي الذي سبق انتخابات التاسع من آذار 2010، والذي تبنته كل الكتل السياسية دون استثناء، بما في ذلك الخطاب الديني، كان متوجها لفك الارتباط بين مشروع بناء العراق الديمقراطي المدني الجديد، والمحاصصة الطائفية التي استولت وسرقت منجز التغيير عام 2003 وأرسلت رسائل غاية في السلبية للمتغير العراقي من الدكتاتورية إلى نظام ديمقراطي جديد ودولة مدنية تقوم على أساس المواطنة وحقوق الإنسان التي اقرها الدستور الذي صوّتت عليه الملايين.
هذا الخطاب على ما يبدو انقلب على نفسه وغرّد أصحابه في فضاءات أخرى غير المعلن عنها، لتصطف المحاصصات السياسية والعشائرية والحزبية والاقاربية والولاءات الشخصية والمناطقية جنبا إلى جنب مع المحاصصة الطائفية في تقاسم الدولة والحكومة والناس والمستقبل! في نفس الوقت الذي غيّب فيه دور المواطنين تماما وتحديدا الكفاءات المتميزة منهم داخل العراق وخارجه، وهو تغييب، من وجهة نظرنا، متعمد وقسري، جرى تحت ضوء الشمس لصالح السياسي الحزبي الضيق من مختلف الكتل. الذي نعتقده أن هذه الكتل السياسية تتعامل مع عملية بناء الدولة، التي ادعوا الرغبة في بنائها، من منطلقات ضيقة جدا وعقلية ارثية تقاسمية، كانت رسائلها للمواطن كارثية بكل المقاييس، وهي نوع من الرسائل الشديدة الخطورة لما لها من اثر في تغير المزاج الشعبي العام من وجهته الايجابية إلى إشاعة روح الملل واليأس والندم من مجمل العملية السياسية الجارية في البلاد.نستغرب مع المواطنين أن لا تجد النخب السياسية الفائزة والحاكمة الآن من كل الشرائح الاجتماعية كفاءات مؤهلة لقيادة البلاد ومنحهم المناصب الحكومية في مؤسسات الدولة ليستطيعوا من خلالها خدمة المواطن والبلاد بصورة صحيحة وحقيقية، من غير المعقول أن تقف هذه القوى عاجزة عن إيجاد شخصية ملائمة لوزارة، فلائحة الكراسي وشخصياتها أمام الرأي العام، تشير من دون شك إلى أن معظم الشخصيات الوزارية والمناصب الأدنى منها هي بيد أشخاص بعيدين كل البعد عن الاختصاص كما أنهم لا يمتلكون المؤهلات الإدارية الكافية لقيادة مؤسساتهم، والأدلة كثيرة وواضحة وشفافة! وان اختيارهم جرى وفق معايير لا تمت للمهنية بصلة ولا بالخطاب الدعائي الانتخابي الذي أكد قيادة التكنوقراط للمؤسسات الحكومية.أمام هذا المشهد نرى الكثير من الكفاءات العراقية على قارعة الطريق أو أنها في أماكن لا تليق بإمكاناتها العلمية والأدبية والإدارية، واستكمالا لهذا المشهد المؤسف والمحزن معا نرى أيضا الكثير من الكفاءات المتنوعة الاختصاص تأتي من بلاد المنافي حاملة معها إمكاناتها ومشاريعها لتطوير البلاد، فتصطدم بالآلية السياسية والإدارية والمحاصصاتية التي تدير شؤون البلد فتعاود رزم حقائبها والعودة من حيث أتت محملة بالخيبة واليأس!والمؤسف جدا أن القوى التي ادعت أنها صاحبة المشروع الوطني العراقي الوحيد وأنها تمتلك سفينة نوح للإنقاذ، قد انخرطت في مشروع التقاسم والتقسيم، ليس على أسس الكفاءة وإنما وفق معايير لا تحركنا خطوة إلى الأمام بقدر ما تعيدنا خطوات وخطوات.لقد كان بإمكان المواطنين هضم المحاصصة وسلبياتها لو أنها قامت على أساس المفاضلة بين الكفاءات بين مختلف المكونات الاجتماعية والسياسية والاثنية حتى، لكن الذي حصل أمام الجميع أن صناديق الاقتراع قد جرى سرقة مضمونها وتم الانقلاب على مبادئها بمجرد شم رائحة الكراسي وامتيازاتها وجرى التملص من كل الوعود التي قيلت للناخبين وأدخلتنا هذه النخب القائدة إلى نفق البحث عن منقذ من المحاصصة الطائفية والسياسية ومن مشاريع الدكتاتوريات الصغيرة المنتشرة والمعششة على كراسي مجالس المحافظات ومن المساومات السياسية التي وصلت إلى حد التنازل عن كل المعلن مقابل إغراءات الكراسي اللعينة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل المراجعة في حياة حزب مناضل

هل المراجعة في حياة حزب مناضل "عيب"؟!

شهدت الحياة السياسية، خلال السنوات العشر من عمر "العراق الجديد"، تساقط آمالٍ وتمنيات، خسر تحت ثقلها العراقيون رهانهم على أحزاب وقوىً وشخصيات، عادت من المنافي ومن خطوط النشاط السري، ولم تلتزم بمواصلة سيرتها النضالية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram