TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الشرق الأوسط وضغط الشعوب

الشرق الأوسط وضغط الشعوب

نشر في: 2 فبراير, 2011: 05:26 م

إيمان محسن جاسمميدان التحرير في العاصمة المصرية القاهرة يمثل الآن قلباً نابضاً خاصة وإن مظاهرات مليونية تنتظر هذا الميدان ، فمصر كل مصر الآن تضع حملها وأحمالها في ميدان التحرير ، الذي قد يقود للتغيير ،فكيف يمكن أن ننظر للتغيير في مصر ؟ وهل ستتأثر منطقة الشرق الأوسط  بهذا التغيير ؟لم يكن التغيير في مصر هو الأول من نوعه في الألفية الثالثة ، فقبلها حصل تغيير كبير في العراق هو الأول من نوعه ، ثم التغيير في تونس الذي ربما لم يأخذ بعده المحوري في المنطقة العربية ، والآن التغيير قادم في مصر بفعل الانتفاضة الكبيرة للشعب المصري .
التغيير الذي سيحصل في مصر لن يضر بالدول الديمقراطية في المنطقة ومنها العراق ولبنان بل بالعكس من الممكن أن يساهم في استقرارها أكثر وأكثر  ويحجّم كثيرا من دور الكثير من الدول المشابهة للنظام المصري في أن تدسّ أنفها في الشؤون الداخلية للدول الديمقراطية التي يعتبرها البعض من هؤلاء ( حالة شاذة ) وشنّوا حرباً بغضاء عليها استخدمت فيها الأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة وكواتم الصوت وغيرها .والتغيير في مصر سيعيد رسم خارطة جديدة للشرق الأوسط خاصة في الوطن العربي حيث ستعكف الكثير من النظم السياسية الحاكمة لإعادة قراءة مستقبل علاقتها مع شعوبها بما في ذلك دول الخليج العربي ، والذي يتابع التطورات سيجد بأن هذه الدول الخليجية الأكثر اهتماما بالشأن المصري لأسباب عدة أهمها بأن استثمارات خليجية كبيرة جدا في مصر وهذا ما انعكس على بورصة أسواق الخليج نفسها التي قدرت خسائرها حتى اليوم أكثر من 15 مليار دولار وربما أكثر ميادين الاستثمارات الخليجية في مصر هي ميادين السياحة والفنادق ، وهذا ما تم ملاحظته من خلال الأفواج الكبيرة من هؤلاء الخليجيين الذين غادروا القاهرة بسرعة هرباً من الأحداث ، خاصة وإن الكثير من المصريين يشعر بأن نظام الخصخصة الذي اتبعه النظام المصري أدى إلى بيع المال العام لأثرياء سواء مصريين أو خليجيين وهي أنّ المشاريع التي بيعت يجب أن تعود للشعب المصري .أما بخصوص الصراع العربي – الإسرائيلي فإن مصر ومنذ اتفاقية كامب ديفيد  لم تعد ذات قوة إقليمية من شأنها أن تساهم في ميزان القوى بل بالعكس أصبحت مصر أكثر قساوة على القضية الفلسطينية ولكن ما يخشاه الإسرائيليون هو اتفاقية الغاز الموقّعة مع مصر ، وبعكس ذلك فإن أية هواجس خوف لا تستملك تل أبيب تجاه حالة التغيير التي ستحصل في تركيبة نظام الحكم في مصر .غربياً ، أوروبا وأمريكا تتجهان لدعم حكومة جديدة أو نظام جديد من شأنه أن يحدث إصلاحات واقعية وليست تغييرات شكلية بالأسماء والرتب العسكرية ، وهذا الإصلاح يبدو قريباً جدا خاصة في ظل تفويض الكثير من أحزاب المعارضة المصرية محمد البرادعي للتفاوض حول ذلك، وهذا ما دفع البرادعي للنزول إلى ميدان التحرير في إشارة تبدو واضحة جدا بأنه يحاول رسم مستقبل مصر بعيداً عن الحزب الحاكم .ومع كل هذا فإن القوى الشعبية إن صح التعبير التي تقود التظاهرات في مصر لا تقبل بأنصاف الحلول ولن تجد أمامها سوى حل واحد يمكن قبوله ويتمثل بتغيير نظام الحكم والانتقال نحو التداول الديمقراطي للسلطة في بلد كبير كمصر لا يمكن حكمه لعقود من الزمن عبر حزب واحد ومعارضة هامشية توضع أحيانا كثيرة في نفس الإطار مع الحكومة ، لاسيما إن عملية التغيير والإصلاح باتت مطلبا شعبيا قبل أن تكون مطلباً للأحزاب وهذا ما يجعل من التظاهرات تأخذ طابعا شعبيا كبيرا أكثر مما هي حزبية  ، وهذا ما يجعل الكثير من المخاوف الغربية تتبدد حول احتمالية سيطرة الإسلاميين على الحكم في هذا البلد الذي يشكل محورا مهما في صراعات الشرق الأوسط . والشرق الأوسط الذي تخوف من الإصلاحات ومشروعها الأمريكي يجد نفسه الآن تحت ضغط الشعوب التي  على ما يبدو إنها تصنع تاريخا جديدا للمنطقة ولكن هذه المرة على حساب الحكام والأحزاب المتفردة بالسلطة منذ عقود طويلة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram