اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > من شخصية مصر

من شخصية مصر

نشر في: 4 فبراير, 2011: 04:37 م

عواد ناصرما الذي يحدث في العالم العربي ؟ وكيف وصلت الأمور لهذا الأمر ؟ وما هي المعالجات التي من شأنها أن تمتص غضب الجماهير ؟تاريخ مصر هو تاريخ من الخطوط المفتوحة على بعضها، رغم تقاطعها واتجاهاتها نحو جهات متباينة، فالكثير من ضحايا الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وهم كثيرون من معتقلي سجون طرة وأبي زعبل والواحات وغيرها، لم يكرهوا عبدالناصر، بل أن الكثيرين منهم عبّروا عن تقديرهم لقائد ثورة 23 يوليو (تموز) 1952،
رغم اختلافهم معه، ومنهم مفكرون ومثقفون وفنانون يساريون وديمقراطيون.rn.. وإذ تسبب نظام عبدالناصر بالهزيمة الكبرى بعد حرب 5 حزيران (يونيو) 1967، وما ترتب على تلك الهزيمة من فضيحة قومية فاقعة، خرجت تظاهرات مليونية (أيضاً) تسامح عبدالناصر على خطيئته وتطالبه بالعودة رئيساً بعد أن أعلن عن تنحية إثر تلك الهزيمة!عبدالناصر الذي سلب الشعب المصري أهم ما ينبغي أن يتمتع به شعب حر: التفكير المستقل من دون دكتاتور محبوب مثل جمال عبدالناصر الذي لم يصبح رئيساً لمصر عبر انتخابات حرة، مباشرة، سريّة، بل وفق ما اخترعته الأنظمة "الثورية" العربية من "شرعية ثورية" حكمت شعوبها لعقود طويلة، من الأحفاد المعاصرين لتولي الرئيس السلطة حتى الأجداد الذين شارفوا على الموت والرئيس لم يزل يصبغ شعره ويقود البلد من كارثة إلى أخرى.مفكرو ومثقفو مصر، من ضحايا عبدالناصر، عبّروا عن احترامهم له، لأسباب مختلفة، لكن من بين أهم تلك الأسباب هو وطنيته ونزاهته، لكن الوطنية والنزاهة ليستا سبباً وحيداً يجعل من الحاكم حَكَماً عادلاً.الباحث الراحل جمال حمدان في كتابه (شخصية مصر – أربعة أجزاء) أشار إلى الطابع المائي لروح مصر وشعبها بوجود النيل هبة خضراء، وهذا ما يجد انكاسه في علاقات المصريين اللغوي والتعبيرية المتسامحة، وحتى المبالغة، في تمجيد بعضهم البعض، ولو ظاهرياً، لكن بلد الرافدين (نهران لا واحد) لم يهب العراقيين روحاً مائية، فهل القاعدة التي لا تخلو من شواذ؟نوع المكان والزمان المصريين: الجغرافيا والتاريخ، حسب حمدان، صاغ شخصية إنسانية متنوعة، فترى في مصر الكثير من أشكال الاختلاف والتناقض: الرقة والصعوبة والثورة والتسامح والغليان والتداعي الحر في لحظة انفكاك عجيبة من أي إرث سابق.ثمة في مصر تفاعل الصحراء الشاسعة والبحر الصاخب والنهر المنساب، وهي آسيوية أفريقية عربية عربية إسلامية قبطية، طلع منها الشاعر اليوناني قسطنطين كافافي اسكندرانياً، وأحمد شوقي، شاعر الملوك مغنيا للحرية، بل الثورة، وعبد الحليم حافظ ربيب عبدالناصر، الدكتاتور الثوري بأعذب أغاني الرومانس العربي في القرن العشرين ولم يزل.تلكم بعض ملامح التنوع/ التناقض في الشخصية المصرية، على أن التنوع والتناقض ظاهرتان لا تنفصلان، بل تتنافذان وتسقي إحداهما الأخرى بما ينتج مزيجاً إنسانياً رحباً.منذ سقوط الملك فاروق على أيدي "الضباط الأحرار" ومراكز القوى الحكومية تسلم السلطة لمراكز قوى حكومية بمعزل عن أي إرادة شعبية حرة تجد تعبيراتها في انتخابات حرّة ونزيهة، فالتحرر من الاستعمار الأجنبي لم يؤد إلا إلى الاستبداد الثوري.الشعب المصري ظل أسير كاريزما عبدالناصر وقوة خطاب مزدوج: تشهيري، شعبوي، مثّله الإذاعي الشهير أحمد سعيد وتنظيري قومي مثّله محمد حسنين هيكل وما يتراوح بينهما من بروباغاندا لم تزل متفشية حتى اليوم، وستتفشى لعقود مقبلة.ليس غريباً أن نرى على فضائية عربية الشاعر أحمد فؤاد نجم، قبل يومين أو ثلاثة، وهو ينظّر لشيوعية الإمام علي، ويعبر عن إيمانه الإسلامي ويؤدي الشهادتين، بل يضيف إليهما الثالثة: أشهد أن علياً وليّ الله، ويستشهد بنصوص سليمة من القرآن الكريم والحديث، من دون أي نص أجنبي ماركسي أو لينيني أو غيفاري وهوالذي كتب للثائر الأرجنتيني مرثية جميلة في ستينات القرن المنصرم.. فإذا نحن إما شيوعي إسلامي!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram