بغداد / المدىلم يعد خافيا على احد من ان المساحة الواسعة من الحرية بعد سقوط النظام السابق قد لعبت دورها في إطلاق العنان لفوضى عارمة في ممارسة كل ما يخطر على البال.وخصوصا فيما يتعلق بالنشر والصحافة.....وكل ذلك باسم الحرية والديمقراطية . واليوم يحل علينا ضيفا ولكنه ليس بالضرورة عزيزا على قلوبنا لما يسببه من مشاكل أخذت تتفاقم بشكل ملفت للنظر.هذا الضيف هو الصحافة الالكترونية والمواقع التي انتشرت بشكل مخيف دون رقابة على ما تنشر فانقلبت في بعض الأحيان إلى وبال.
قبل كل شيء لا بد من القول ان هذا الكلام لا يخص الصحافة الالكترونية البناءة الملتزمة التي سواء كانت الكترونية أو مطبوعة فهي تعمل بجدية عالية وحس مرهف بالمسؤولية .إننا نتحدث عن مواقع يديرها شلة ممن آثروا البقاء متخفين في خارج العراق ليمارسوا دورا هداما على البلد وكأن الذي يحصل في العراق لا يكفيه. إننا نتحدث عن ظاهرة الفضائح التي تمارسها بعض المواقع (التعبانة) كما يطلق عليها بالعراقي وهي اختصت بما يسمى بالصحافة الصفراء نظرا لرداءة المادة المقدمة والتهويل العاطفي الذي يطغى على مادتها . مواقع عديدة انتشرت كالسرطان وبتسميات عديدة وغيرها يديرها شلة من المتعكزين على الصحافة ويقتاتون على فتات من يدفع لهم .بعبارة أخرى ان هؤلاء بهذا العمل غير المسؤول يدنسون اسم الصحافة .هذا ما يؤسف له. ونحن نتساءل الم يحن الوقت لكي نؤسس لثقافة صحفية ملتزمة ذات نقد بناء تعمل على الحث على المواطنة والعمل الصالح ؟ هناك في العراق نخبة خيرة من الصحفيين والإعلاميين الذين يديرون دفة الصحافة والإعلام بشكل كفوء. وهناك خامات ممتازة من الشباب الذين يتدربون على خطى الإعلاميين القدامى وهذا شيء يجعلنا نشعر بالأمان .لكن سمات التهويل والمبالغة أحيانا واللجوء إلى إثارة العواطف التي بدأنا نلاحظها مؤخرا هي أولى الأشياء المرفوضة لان الإعلام يعتمد على الحقائق ويترك الخيار للجمهور من اجل الحكم. ولا بد أن نقر بوجود إعلام معارض وهذا أمر صحي أيضا لان ذلك من شأنه أن يجعلنا ننظر إلى الحقائق من عدة أوجه. والعراق الواقف الآن على مفترق الديمقراطية ينبغي ألا يلجأ الإعلاميون فيه إلى الفوضى والتنكيل بدافع الحرية والديمقراطية.نقول ذلك لان تاريخنا الإعلامي حافل بالأسماء الرنانة  في مجال الإعلام  ولدينا العشرات من أمثال محمد حسنين هيكل يعملون في الساحة الإعلامية ولا تزال تدفعهم غيرتهم العراقية وأخلاقهم المهنية إلى الكتابة البناءة.والخطر اليوم ربما يأتي كما ذكرنا في البداية من الصحافة الالكترونية التي بقي اغلبها دون وازع تعمل كيفما تشاء على الرغم من انها صحافة المستقبل بعدما أصبح العالم قرية صغيرة.فيجب أن تخضع هذه الصحافة لنفس ضوابط الصحافة المقروءة. أما المعضلة وكل المعضلة فتكمن في المواقع الصفراء التي تستغل التقنية الحديثة لبث سمومها على كل ما لا ترغب به فأصبح الأفراد والمؤسسات والدولة والنظام والمفاهيم كلها أهدافا لها.هذه هي الفوضى بعينها.إن الدول والمؤسسات تقف اليوم عاجزة عن ردع هؤلاء إلا باستخدام سلاح الإهمال رغم ان تحديد هوية بعض المواقع وإحالة أصحابها إلى المحاكم تواجهه مؤسسات لا تعرف حدا أو فضاء لحرياتها ومسؤوليتها ولا تقف حائلا دون إدانة مثل هذه المواقع  بدافع الحريات الصحفية والإعلامية التي أصبحت عكازا يستند عليه مثل هؤلاء أشباه الصحفيين للتنكيل بكل شيء . يجب أن تكون هناك مراجعة لمفاهيمنا الحديثة وما يجري على الساحة أحيانا يجعلنا نشعر بالخجل .تصوروا مثلا ان موقعا ذاع صيته مؤخرا مثل ويكيليكس يترك كل وثائقه الحكومية الغاية في السرية وفضائحه الدولية الهائلة والاتفاقيات السرية بين الدول ومحادثات الحد من الأسلحة الإستراتيجية وتقرير مصير بعض الدول واللقاءات الحساسة بين رؤساء الدول ثم يأتي ليتحدث عن موظف بسيط في شركة عراقية تقدم خدمات عامة للناس. هذا ما تفبركه المواقع الصفراء التي استغلت فضائح ويكيليكس لتنسب قضية أخرى لهذا الموقع  وهذا افتراء وتشويه سمعة. أليس في ذلك كثير من الوضاعة وسوء استخدام،أليس هذا مشينا وينم عن نفس ضعيفة .انه يثير السخرية والضحك في اغلب الأحيان. لكن هكذا أصبح الحال في عصر الانفلات لكن لابد من ضوابط تحد مثل هذا الهراء والسذاجة .