نجاح الجبيلي عرف مسعود دهنماكي بصورة واسعة لعدة سنوات كونه المدافع الشديد عن القوانين المحافظة التي تحد من حرية النساء والمجتمع. على أنه في السنوات الأخيرة ظهر كونه "مايكل مور" إيران إذ أخرج فيلماً وثائقياً عن القضية المحرمة المتعلقة بالبغاء كما صنع فيلما عن كرة القدم كمجاز للصراع السياسي.
وقد وجه كل من الإصلاحيين والمحافظين على حد سواء نقدهم الصارم للسيد دهنماكي لإخراجه فيلمه الأول "الفقر والبغاء"، فكان المحافظون غاضبين لأن أحدهم لم يلق الضوء على الأمراض الاجتماعية الخارجة على الإسلام فحسب بل لأنه بدا متعاطفاً مع ضحايا البغاء. واعتقد الإصلاحيون إنه يبالغ بشكل مقصود في تضخيم المشكلة كي يخلق قضية ضد تيسير الشريعة الإسلامية. وفي لقاء معه في مكتبة وسط طهران قال السيد دهنماكي أن كلا الطرفين وقعا في الخطأ ورفض الرأي القائل إن آراءه هي دليل على تحوله الراديكالي وقال:"كنت دائماً أهتم بالعدالة في المجتمع، وكان ثمة وقت اعتقدت فيه أن الناس هم المشكلة. لكن ذلك كان خطأ، فالمشاكل الحقيقية هي حكامنا الذين اعتادوا على الفساد ولم يستطعوا أن يحققوا وعود الأيام الأولى للثورة عن العدالة الاجتماعية والمساواة".أشار النقاد إلى نقاط الضعف العديدة في فيلم السيد دهنماكي الأول وليس من المفاجئ أن الفيلم لم يحصل على إجازة لتوزيعه، وبدلاً من ذلك وزعت نسخ مهربة بصورة واسعة وتم عرض أجزاء من الفيلم من قبل تلفزيون المعارضة في القنوات الفضائية.وفي الفيلم يلتقي السيد دهنماكي العديد من البغايا وزبائنهنّ فيتكلمن عن القصة نفسها المتعلقة بالفقر والحاجة إلى إعالة عوائلهنّ. وتقول امرأة تبكي بصوت عال وقد غطت وجهها لتخفي هويتها:" نحن أختان نعمل وبالكاد نحصل على ما يكفي لشراء الطعام ودفع الإيجار". وتضيف وهي تكفكف دموعها:" أحياناً أحلم بالحصول على الدجاج أو طعام جيد، في الأقل مرة كل اسبوع. لقد اشتغلت في بيوت أصحابها لديهم الكثير من المال إذ أنهم يرمون الطعام في النفايات. وكنت دائماً أحسد الناس الذين يأكلون طعاماً جيداً". امرأة مكسوة بشادور تقليدي من رأسها إلى أخمص قدميها قدمت نفسها كونها أماً لابنتين. قالت إنها فكرت بقتل نفسها وابنتيها في العديد من المرات بسبب ضنك العيش لكنها لم تمتلك الشجاعة على اقتراف ذلك. وتحدثت امرأة شابة أخرى عن أبيها المريض الذي يحتاج إلى عملية جراحية وقررت بناتها الأربع اختيار إحداهنّ بالقرعة للذهاب إلى دبي إذ يدفع إلى البغايا هناك الكثير من أجل الحصول على المال الكافي للعملية. فوقعت القرعة على البنت الصغرى التي رجعت من دبي محطمة. فالمرأة التي تفقد عفتها قبل الزواج في العائلة التقليدية في إيران تفقد شرفها وفرصتها في الزواج الطيب. وفي السيارة التي يقودها السيد دهنماكي إلى بيتها من المحطة انخرطت في البكاء قائلة: أن أخواتها قد خدعنها. ولكي يقنع هاتيك النساء بأنه لا يحمل تهديداً لهن غيّر السيد دهنماكي مظهره المحافظ وحلق لحيته ونزع ملابسه الفضفاضة ذات الأكمام واستبدلها بـ"تي شرت" وبدأ يسوق سيارة للأجرة للعثور على صيده. يقول:" في إحدى المرات قالت إحداهنّ إنها تطلب 200 ألف ريال(22 دولاراً) لتقديم نفسها فقلت لها أعطيك مليون ريال إذا حكيت قصتك بدلاً من ذلك فوافقت وعرفتني على باقي صديقاتها أيضاً". ويعتقد السيد دهنماكي (40 سنة) بحاجة إيران إلى التحديث ضمن قيود الإسلام المتشدد ولكن ليس على طريقة طاليبان. ويضيف:" إذا كنا ضد الإسلام الذي تبنته طالبان فيجب أن نكون قادرين على تقديم نموذج جيد للإسلام الذي نعتقد أنه أصل الرحمة والرأفة لكن يجب أن يكون ملبياً لحاجات العصر، لذا سيكون مقبولاً لدى شبابنا". مثله مثل العديد من مجايليه قاتل السيد دهنماكي ثلاث سنوات في الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) وكانت تجربة مخيفة وجرح ثلاث مرات ورأي الكثير من رفاقه يموتون ويبقى دافعه القوي هو محاولته الدفاع عن تضحياتهم. ما زالت تذكارات تلك الأيام هي الديكورات الوحيدة في مكتبه البسيط. العكازات التي استعملها مرة معلقة مع محفظة الكتب ومعها صور مؤطرة له مع رفاقه الذين قضوا في الحرب وبوسترات للجثث في المعركة. بعد أن انتهت الحرب ساهم دهنماكي في إنشاء ميليشيا إسلامية متطرفة عرفت بأنصار حزب الله معروف عنها هجومها على المساندين للديمقراطية لكنه تحرر أخيراً من سحر المسار الذي اتخذته الثورة وانفصل عن الجماعة بعد ثماني سنوات. إن العديد من المساندين السابقين لثورة 1979 قد غيروا آراءهم فيها عبر السنوات وأصبحوا إصلاحيين والتحقوا بحركة الرئيس السابق محمد خاتمي الذي أيّد الحريات الاجتماعية والسياسية المتزايدة. وقد أسس السيد دهنماكي صحيفتين أسبوعيتين صارت هدفاً للمحافظين للهجوم على الإصلاحيين الاجتماعيين والنساء غير المغطاة من الرأس إلى القدمين والتأثيرات الضارة للمؤثرات الغربية. لكن كلا الصحيفتين قد أغلقتا في السنة الأخيرة كجزء من إجراءات صارمة تستهدف أساساً المنشورات الإصلاحية. وقال مشيراً إ
مسعود دهنماكي مايكل مور إيران
نشر في: 9 فبراير, 2011: 04:32 م