اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > أسئلة الحداثة وإشكاليات بناء الدولة العراقية

أسئلة الحداثة وإشكاليات بناء الدولة العراقية

نشر في: 13 فبراير, 2011: 05:27 م

علي حسن الفوازتعيش الدولة العراقية الجديدة الكثير من الرهانات والتحديات، خاصة ما يتعلق بهوية هذه الدولة، وطبيعة علائقها بمشروع التحديث، وبناء النموذج المدني، إذ تعيش هذه الحداثة اغترابها عن الكثير من يوميات الدولة السائدة، ومنها ما يتعلق بالاغتراب الثقافي في البيئة العراقية الصراعية والذي ظل خاضعا لتوصيفات شتى، والى جدالات تتصارع في ما بينها حول إشكاليات الهوية والحداثة والجماعات والمعنى المدني الحاضن للدولة.  فضلا عما يتعلق بإعادة توصيف مؤسسات هذه الدولة على ما وفق ما تقتضيه شروط وسياقات الحداثة التي تتطلب أساساً وجود المؤسسات الحقيقية، ومنظومة من الحقوق والحريات والقوة الاقتصادية الكافلة، فضلا عن الجهود والإمكانات الفاعلة  والتنميات البشرية التي تؤمّن بنيات التربية والتعليم والحقوق والخدمات والاتصالات والاقتصاد الحر..
 الحداثة في هذا السياق ستبقى مشروع سؤال دائم، وإغواء دائم..هذا السؤال الغاوي هو الذي يمنحها القدرة على الإثارة، مثلما يمنحها الاستعداد لتجاوز ذاتها ونصها وحتى تاريخها، وربما يجعلها في نوبة دائمة من عمليات فحص لسياساتها وأوهامها التي كثيرا ما أنتجت لنا أزمات وحروبا وهزائم. فكيف يمكن لنا أن نواجه مشروع الحداثة دونما أسئلة؟ وكيف لنا أن نمنحها قدرة دائمة على إنتاج فعل التجاوز الذي نعاني مشاكله العميقة؟ مشروع الحداثة في سياقه التوصيفي هو مشروع التنوير ذاته الذي ينبغي ان يقوم على تأصيل قيم الحرية والعدل والحق والعقل في النظام الاجتماعي والاقتصادي والثقافي للدولة، وتأمين موجهاتها القانونية والمادية،  وتعزيز الوعي بجدوى صناعة ظاهرتها السياسية والحقوقية التي غابت الكثير من مظاهرها منذ عقود، ولم تترك لنا سوى شكل غائم لدولة شائهة، عاطلة، دولة تعودت من مراحلها الجمهورية على استيعاب الثوار والانقلابيين ومنظري الايدولوجيا دائما، لكنها لا تقبل بالبناة العضويين ورواد الفعاليات المدنية، دولة تتمدد أفقيا دونما حدود، لكنها ترفض ان تصنع وعيها العمودي الذي يراقب وينظم ويسيطر على أزمات الفراغ في الأمكنة والفكر والعلاقات.مشروع الحداثة بمعناه المؤسساتي أيضاً هو الغائب عن الكثير من  إجراءاتنا، والحاضر بهوس في تجاذبات النظرية الأدبية ومناهج البحث والدرس، مثلما هو العاطل أيضاً عن فعاليات تنمية الحراك السياسي وشروطه، مثلما هو أيضاً المثير للشكوك عند البعض، وكأن مفهوم هذه الحداثة  قرين بأزمة التاريخ القديم الذي ظل يتهم المجددين بالتجديف، والابتداع، وبالتالي الوقوع في فخاخ الفتنة والزندقة والكفر.. فكيف نقرأ خطاب الحداثة وشروطها، خاصة في ما ينحني على مشروع الدولة الجديدة الذي يواجه سلسلة من التحديات التاريخية، بدءا من تحديات الهوية، وأقصد هنا الهويات التي تخص مكونات المجتمع العراقي الطائفية والدينية والقومية المتصارعة بصمت منذ قرون، والخاضعة الى توصيفات قسرية لسلطة المركز والجماعة والطائفة، وانتهاء بتحديات السلطة القهرية التي صنعت لها خلال عقود أنماطاً من الحاكميات المرعبة، والمؤسسات الامنية الشرسة، والتي جمعت تحت مهيمنها القوة والثروة والإعلام، وهو ما جعلها اخطر نمط للسلطة/المركز  القائمة على اساس(طرد)الاخرين من نسقها، او اجبارهم للخضوع الى استيهامات قوة الرمز والايديولوجيا والعسكر والعائلة، وبالتالي اصطناع اشكال ايهامية مقابلة للمؤسسات والهويات العمومية التي تتماهى مع ادلجة السلطة، ومع مشروع حداثتها المصطنع والقائم على اساس(علمنة)قاصرة، تقوم من خلال عزل انماط الخطاب الديني المغاير، والايهام بالصراع مع الاصوليات، مقابل اعتماد اشكال من الثقافات السرية التي تتماهى مع(نمط طائفي)معين، تضع في خدمته الكثير من الوسائل والامكانات والمدارس ونظم التعليم الابتدائي والفقهي، وبما يجعل هذا النمط جزءا من السلطة ذاته، وجزءا من مشروعها.مشروع الدولة..التوصيف والظاهرتوصيف الدولة هو اول المظاهر التي تعنى بسيرورة هذه الدولة، لان مفهوم السيرورة يضع السياق الحاضن للقوى الاجتماعية التي تمثل مجتمع الدولة السياسي، وطبيعة علائقها بالقوى المجتمعية التي تشكل ظاهرة الامة، خاصة وان العراق بالمعنى السياسي دولة حديثة، حاولت ان تؤصل مفهوم الأمة منذ مراحل نشأتها الاولى عام 1921، والتي وضع اسسها الملك فيصل الاول، لكن تعقيدات الجماعات العراقية، والطبيعة المعقدة للصراعات مع السلطة التي تمردت على النسق المتخيل للدولة الفيصلية هو الذي قاد مجتمعها السياسي للتمترس خلف نخب معينة، وخلف نمط من العسكرتاريا، وكذلك خلف نمط من القوى التي ورثت التعقيدات الصراعية الطائفية للدولة العثمانية، والتي تحولت في ما بعد الى عوامل تعويق إنتاج ظاهرة الدولة الحديثة، والانخراط في صراعات وجبهات بدأت مع الصراع العسكري والسياسي بين جعفر العسكري وبكر صدقي، وانتهاء بالصراع بين فريقي الوصي وفريق القوى القومية التي قادها الكيلاني ومجموعة الضباط  المعادين للانكليز والقريبين من الالمان، والذي انتهى بفشل حركة مايس 1941، وهو الذي قاد في مراحل لاحقة الى إنتاج قوى سياسية وحزبية رايديكالية انتهت هي الأخرى الى إنتاج المزيد من الصراعات مع الدولة التي حاولت الدفاع عن نفسها من خلال إقامة المزيد من الاتفاقيات مع انكلترا، والتي أدّت أيضاً الى مزيد من الصراعات والانتفاضات الشعبية التي أسقطت معاهدة بورت سموث، ونجاح القوى اليسارية لفرض وجودها في البرلمان العراقي مع انتخابات عام 1954 والتي دعت الملك والأمير عبد الإله الى إسقاط الحكومة، وهو ما ادّى أيضاً الى نشوء جماعة(الضباط الأحرار)الذين أنهوا أول ظاهرة عراقية للدولة المدنية، وبدء مرحلة الجمهوريات العسكرية التي اصطنع تراكمها المزيد من الد

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram