ترجمة/ عادل العاملالكتاب/ نظرية مقاولة الفن المؤلف / تاكاشي موراكامييُعد تاكاشي موراكامي، كما يقول كاي إيتوي في مقاله هذا، فناناً نجماً، و مصمماً، و مستشاراً بالنسبة للفنانين الشباب. و هو، بعد نشره كتابه حول (نظرية مقاولة الفن)، مؤلف ناجح أيضاً. ففي هذه السيرة الذاتية لمقاول فنٍ إبداعي، يشرح موراكامي الكيفية التي انتقل بها من العدم قبل ثماني سنوات إلى فنان مليونير اليوم
(حيث بيعت لوحته، نيرفانا، بأكثر من مليون دولار في نيو يورك عامَ 2006)، و الطريقة التي يمكن لفنانين يابانيين آخرين بها تحقيق الشيء نفسه. فوفقاً لموراكامي، يُعد عالم الفن الياباني متخلفاً بشكلٍ لا يمكن تصديقه إلى حدِّ أنك إذا أردتَ أن تكون فناناً محترفاً، فيجب أن تنسى كل ما يتعلق بمؤسسة فن البلد و تقتحم سوق الفن الغربي. و للقيام بذلك، مع هذا، فإن عليك أن تكون مسلَّحاً بستراتيجية عمل جيدة. و كما يقول موراكامي في كتابه " من أجل الثبات أمام الفنانين الغربيين، قمتُ بتحليل آلية الفن الغربي. كما أنني صقلتُ مهاراتي في التعامل الإبداعي، و أنا أضع فرضياتٍ و أختبرها ". و إذا كان حفنة فقط من الفنانين اليابانيين قد أصبحوا ناجحين دولياً، فهذا ببساطة لأن الأكثرية لا يمتلكون ستراتيجية كالتي يمتلكها هو. و الكثير من أوجه عالم الفن الياباني تجعل الفنان موراكامي غير سعيد. و هو يتفجَّع تكراراً قائلاً إن الفنانين اليابانيين لا يفهمون أن صناعة الفن، و ينبغي أن تكون، نشاطاً تجارياً. فأنت، كما يقول، لا تستطيع أن تُبدع قطعةً فنية ما لم تكن عارفاً كيف تصنعها و تبيعها. و غالباً ما يُنتَقَد موراكامي لكونه " متلهِّفاً للمال "، لكنه لا يهتم لذلك ــ فالفنانون الذين لا يتقبَّلون الجانب التجاري من عالم الفن يخشون من أن نتاجهم الفني سيتكشَّف عن كونه فناً عديم القيمة، كما يقول. و في كتابه هذا، الذي نُشِر باللغة اليابانية فقط لحد الآن، يبيِّن لنا موراكامي كيف أنه يعتبر من المهم جداً إيضاح الفِكَر التي وراء عمله.. بالانكليزية. فترجمات معظم مقالات القائمة اليابانية، المعمولة في الغالب بواسطة ياباني ناطق بالانكليزية حسبَ زعمه، هي ترجمات فظيعة في نظره. و هو نفسه، كما يقول، " حساس جداً في انتقاء مترجمين لمقالاتي. و تلك هي الكيفية التي أنقل بها فِكَري عَبر البحار ". و يكشف كيف أنه كان لديه خمسة أو ستة مترجمين يعملون بالمقالات الانكليزية التي على الكاتالوغ الخاص بـ " الولد الصغير: فنون ثقافة اليابان المتفجرة "، و هو المعرض الذي نظّمه لـ (جمعية اليابان). و قد نقّحوا مسودات ترجماتهم أكثر من خمس مرات. و من دون ذلك الجهد الكبير الذي بُذل على النصوص المصاحبة، فإن المعرض كما يرى ما كان ليحصل على مثل ذلك الاستحسان الوفير.إن نقص الانتباه إلى مثل هذه الأمور الصغيرة أحد الأسباب الكامنة وراء افتقار الفنانين اليابانيين للنجاح في بلدان ما وراء البحار، كما يكتب موراكامي، الذي يعزو الافتقار لتاريخ فن معاصر محلي إلى " المجتمع اللا طبقي " الذي شرعت اليابان في إقامته بعد استسلامها غير المشروط في نهاية الحرب العالمية الثانية. ففي ديمقراطية ما بعد الحرب، أصبح الجميع متساوين، أو في الأقل هكذا صوّر لهم الوهم واقع الحال ــ و قد ظل 90% من اليابانيين، لوقتٍ طويل، يعتبرون أنفسهم " من الطبقة الوسطى ". أما في وقتنا هذا، فإن عقلية (إن جميع اليابانيين من الطبقة الوسطى) هذه تتغير منذ حين، في وجه تنافسيةٍ جديدةٍ تعقب 13 عاماً من الركود. مع ذلك، فإن النقطة الأساسية، في رأي موراكامي، أنه قد تقرر بعد الحرب " أن الفن ينبغي أن يكون شيئاً يمكن لأي واحد أن يقدِّره بدرجةٍ متساوية "، و كانت تلك غلطة ــ فالفن، في الغرب، ليس لكل واحد: إنه هواية غالية للغاية ". و من دون طبقة محددة الذات و ذات امتياز بعد الحرب، كما يرى موراكامي متفجعاً، " فشلت اليابان في خلق سوق فنٍ للأثرياء ". (و قد حصل في وقت أكثر قرباً لنا، في فترة ازدهار الثمانينات، أن اليابان شهدت حشوداً من الأغنياء جداً يستثمرون في مجال الفن، لكن ذلك لم يستمر طويلاً بما يكفي لخلق سوقٍ مسنودة).و مع إن موراكامي يبيع أعمالاً له بمئات الآلاف من الدولارات في المزاد، فإنه لا يعتبر عمله الفني " غالياً جداً ". فالأمر، على حد تعبيره، يتطلب قدراً كبيراً من المال و الوقت من أجل إبداع شيءٍ جديد، فكرة جديدة، و الواحد لا يستطيع الاستمرار في أن يُبدع فناً من دون حسٍ بعملٍ تجاري أو تدبير management.و كي نفهم لماذا يستحق عملٌ فني مليون دولار، كما يقول، فلا بد أن نعرف أن جمهور الفن الغربي مختلف تماماً عن ذلك الذي في اليابان. فالغربيون لا يهتمون لانطباعات الانبهار بجمال اللون الغامضة، كما يفعل اليابانيون. إنهم " يستمتعون بـ ' الحيَل' و ' اللُّعَب ' في الفن ". و هذا هو السبب في أن على الواحد " أن يجل لعمله الفني سياقاً في تاريخ الفن العالمي ". و بالتالي ما هو سر موراكامي؟ أولاً، إنه أوجد مكاناً لثقافات خاصة معاصرة ــ مثل المانغا، و أفلام الرسوم المتحركة، و ألعاب الفيديو ــ في تاريخ الفن الياباني. ثم
موراكامي و أهمية السوق في ازدهار الفن
نشر في: 15 فبراير, 2011: 04:57 م