الرواية: قدر ورغبةتأليف: كارلوس فوينتس ترجمة: ابتسام عبد الله"قدر ورغبة"، هي الرواية الجديدة لكارلوس فونتيس، ترجمت إلى الانكليزية من قبل إديث كرومان، وصدرت عن دار نشر راندوم. وفونتيس، 82 سنة، قدم أكثر من 20 عملاً ما بين الرواية والنقد، منها"غرينكو العجوز" و"المرآة المدفونة" و"موت أرتيموي كروز"
ويمتاز برؤية ثاقبة ومخيلة واسعة تتجاوز الأوضاع المحلية.وروايته هذه تقع أحداثها في المكسيك محللة المجتمع فيه عبر قرن أي منذ الثورة الدموية التي حدثت فيها وغطت الأعوام ما بين 1915-1920، حيث يعاني البلد من موجات متعاقبة من العنف.إن الرواية محاولة لا يجرؤ عليها غير كاتب له مهارة فوينتس في السرد، ولديه معرفة تاريخية واسعة وثقة عميقة بمقدرته. و"قدر ورغبة"، رواية فانتازيا، حسية فيها أحداث مشئومة وأساطير خاصة بالشعب هناك، وهي ساخرة بكآبة عبر تراجديا شعرية. ويقص لنا الحكاية رجل يدعى، جوزيه نادال، متوغلاً في التاريخ، عبر ذكريات تبرق أمامه قبل ان يغمض عينيه ويفارق الحياة، مستعيداً حياته مع رفيق حياته جيريكو، الذي يمثّل بالنسبة اليه الوجه الآخر للعملة.ويلتقي جوزيه بجيريكو أيام الدراسة. وبجيريكو كان صبياً نحيلاً، واثقاً من نفسه، يتميز بانف كبير يوحي بشجاعته. وتمتد صداقة بين الاثنين، يتقاسم فيها الشابان الحبيبات والمغامرات. وفي سن العشرين يفترق الاثنان، بصورة مؤقتة، فيجند جيريكو للعمل مع رئيس جمهورية المكسيك، أما جوزيه، فيعمل مع ماكس مونروي، أحد أقطاب صناعة الاتصالات في البلاد. قطبا الرواية هما، السلطة والتجارة، التوأمان الأسودان، يبدوان متباعدين عن بعضهما البعض في حين إنهما يعملان لهدف واحد، ويعكسان فسادهما المشترك، ويسيطران على البلاد.وفي رواية "قدر ورغب"، تلميحات وإشارات إلى الأوديسة، سندباد وسيرانو، كافكا وديفيد كوبرفيلد، وغيرهما من الأعمال الروائية التي تتناول القوى الحاكمة الفاسدة والتي تقهر الفرد الذي لا يقدر على مقاومة سلطتها، لأنها تتجاوز طاقته.إن المعرفة الواسعة المكتسبة لفوينتس، ليست للاستعراض هنا، فهو برواية،"قدر ورغبة"، يتجاوز الواقعية السحرية، السلعة التسويقية للأمريكيين الشماليين والتي جلبت الشهرة المدوية لكتاب أمريكا اللاتينية، في الستينيات فهو هنا ينسج عملاً أكثر ندرة وأسطورياً، وحلماً آسرا ومنطقياً.وفي الرواية شخصيات ثانوية من أصدقاء البطلين، إيرول وإبسبارزا ووالده، وهناك أيضاً الطيّارة لوشا زاباتا، المدمنة على المخدرات، وفيلو باتير، الراهب الذي يحاول زرع الخير في نفوس الشباب، قبل ان يفوت الأوان. ويلوح من الأفق، فوق الجميع، مثل بركان ثار، ميغويل أباريسيدو، رجل بمثابة ملاك ساقط، يحجز مرة إثر مرة.ويبدو أن الشخصية الأكثر حيوية في رواية فونتيس هذه، هي مدينة مكسيكو، حيث تدور الأحداث، كما في أعماله السابقة، وهي تومض بوهن في الأجواء السيئة للمدينة والزلازل والخراب، تضم أرواحا محطمة، يبدو صعباً على دانتي الاقتراب منها.ورواية فونتيس،"قدر ورغبة"، ترجمت بشكل جيد من قبل إديت غروسمان الى اللغة الانكليزية وهذه الرواية، مع رواية،"حرية" تشكلان نهضة للرواية الدالة على معنى،"الحرية"، في القرن الحادي والعشرين. ولكن بينهما تمعن رواية جوناثان فرانزين بمعنى الحرية بالنسبة للطبقة الوسطى في الولايات المتحدة الأمريكية، فإن رواية فونتيس،"قدر ورغبة"، أكثر تحدياً تدور حول "ان الحرية الوحيدة لا تحقق إلا بالكفاح من اجل الحرية"، خاصة في الدول التي يطلق عليها اسم،"النامية".عن/ لوس أنجلس تايمز
كارلوس فوينتس يتجاوز الواقعية
نشر في: 15 فبراير, 2011: 04:59 م