اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الراحل رافد صبحي ..جرّاحاً وفناناً وإنساناً

الراحل رافد صبحي ..جرّاحاً وفناناً وإنساناً

نشر في: 16 فبراير, 2011: 05:10 م

بقلم قدّوري الصالحيكتب الأستاذ الفنان يوسف العاني، في جريدة المدى الغراء، العدد ٢١٥ السنة الثامنة ١٧ كانون الثاني ٢٠١١ كلمة رثاء بليغة عن الطبيب الراحل رافد صبحي اديب بابان بعنوان- غاب عنا ولم يغب- فعلا ان امثال الدكتور اللامع رافد والانسان المدرك لحقيقته الانسانية والتقدمي في افكاره وتوجهاته، يغيبون عنا جسدا˝ ويبقون خالدين في قلوب وضمائر من عاصروهم وشاركوهم ايام المحن السود.
بعد انقلاب شباط عام ١٩٦٣ كان رافد واحدا من المسجونين السياسيين الذين سيقوا الى سجن نقرة السلمان في قطار الموت الرهيب، سيئ الصيت، والقطار كان مؤلفا من عربات مخصصة لنقل القير والزفت، حيث قرر الحاكمون آنذاك، نقل المساجين من الضباط وعدد كبير من امهر الطيارين من سجن رقم واحد في معسكر الرشيد الى سجن النقرة، ولدى وصول القطار الى السماوة وقبل الموعد المقرر وبمبادرة جريئة من السائق حيث اختصر الوقت ساعة، هبّ المواطنون لتقديم الطعام والماء البارد الى المساجين العطاشى وفعلا توجهوا الى سطلات الماء المعدّة لإطفاء الحرائق والموضوعة على مشاجب خاصة منذ اشهر وهي مياه غير صالحة للشرب ومليئة بالذباب والحشرات!! لكن الكتور رافد وبمعرفته العلمية وخبرته في الطب انقذ العديدين من الموت المحتم، عندما منعهم من الشرب، وطلب ملحا˝ وأذابه في الماء كي يشرب العطاشى.وقبل هذه الحادثة الرهيبة- قطار الموت- والتي بقيت وستبقى عنوانا˝ لوحشية الانقلابيين وحقدهم الاسود على ابناء شعبنا فقد قام الجلادون عند التحقيق مع الراحل رافد، بتكسير اصابع يديه حتى لايستطيع مستقبلا˝ استخدامها في اجراء العمليات الجراحية وهي اختصاصه، ولكنه وبارادة حديدية وبخبرته في الطب استطاع تجبيرها واعادتها الى الحياة، حيث جمع اقلام الرصاص المتوفرة في الموقف وبالاستعانة بلب الصمون كعجين بدل الجبس قام بتجبير اصابعه وحقق إعجازاً وانتصاراً وكان له ما أراد!في رثائه المعبّرعن الراحل يكشف لنا الاستاذ العاني، اهتمامات رافد وغيره من طلاب كلية الطب والهندسة وطلاب الكليات الاخرى بالفن المسرحي والفنون التشكيلية والموسيقية، وفعلا˝ كانت هذه المجموعات تقدم اعمالا جيدة، خلال السنة الدراسية او في حفلات التخرج.وبالمناسبة وقبل سنوات وفي مقابلة صحفية، داهر وغمز الدكتور وليد الخيّال، الجراح البارع، يوسف العاني فصرح بانه كان يحب المسرح ويمثل وانه لو استمر لكان قد بزّ العاني كفنان مسرحي. وهنا ردّ عليه العاني، ان درجاته في المرحلة الاعدادية وفي الفرع العلمي كانت تؤهله للدخول الى كلية الطب وانه كان سيبزّ الخيال من غير شك كطبيب!ومن حسن الحظ فان كلا الرجلين سارا وصارا في الطريق المناسب لهما. صحيح جدا اننا وبتوجه الخيال الى الطب، فقدنا زبونا جيدا ودائميا من زبائن مقاهي الفنانين في الصالحية، حوالي الإذاعة والتلفزيون ومسرح الرشيد لكننا ربحنا موهبة طبية وجراحا بارزا أنقذ حياة الآلاف من العذاب والموت المحقق، وصحيح ايضا ان العاني لو استمر في اختصاصه كمحام كان سيتوكل ويترافع عن مئات الآلاف من الدعاوى الشرعية والبدائية والجزائية.....الخلكن العاني وبانغماره كليا˝ في الفن المسرحي بالذات اصبح محاميا مُجيدا˝ ووكيل دفاع بارعاً عن كل جماهير شعبنا الكادحة والمظلومة والمحرومة من أبسط متطلبات الحياة. فكتب مسرحيات- ماكو شغل- تؤمر بيك- وآني امك ياشاكر وغيرها، ومثّل فلم سعيد افندي، تاج الانتاج السينمائي العراقي مع زملائه البارعين عن قصة الكاتب الواقعي ادمون صبري وإخراج الفنان كاميران حسني، وعرّض نفسه الى الملاحقة وعانى الكثير من العذاب بسبب مواقفه التقدمية في الفن والمسرح.أعود إلى مقدمة الحديث فأشارك أستاذي العاني وعائلة الفقيد رافد وأصدقاءه ومحبيه، الحزن والاسى، ولكن مايزيح عن صدورنا الهمّ، اخلاق وطيبة وانسانية رافد وعلمه وهمته فلقد كان مع زملائه من الاطباء امثال الدكتور سعيد غدير اخصائي التخدير وغيره يقدمون الخدمات الطبية والعلاجات الى المسجونين، وفعلا اجروا بعض العمليات الجراحية البسيطة وبالامكانات المتوفرة ليهم في سجن النقرة.الذكر العطر لرافد وامثاله من اصحاب القدرات والمواهب الذين سخّروا أنفسهم وإبداعاتهم في سبيل الوطن والشعب وتحملوا جراءها العذاب والحرمان والاضطهاد، وانهم سيبقون في الذاكرة والقلب رموزاً وأمثلة حية.وشكراً لأستاذي العاني الذي جر ّني الى كتابة هذه الخاطرة وهذه الاضافة الى مقالته القيمة والبليغة عن الراحل رافد صبحي اديب بابان.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram