TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > اللاعنف.. خلاصنا الوحيد

اللاعنف.. خلاصنا الوحيد

نشر في: 20 فبراير, 2011: 05:06 م

سعاد الجزائريمن السهل أن تزرع الكره، الذي صار انتشار بذوره في الأرض العراقية من أسهل الأمور، لان أجيالاً كثيرة تربت خلال السنوات المنصرمة على أشكال وصيغ جديدة من هذا الشعور، سواء عن طريق الحروب، أو بسبب جوع الحصار الذي امتد لسنوات طويلة، أو ما خلفه النظام السابق من حقد، وصلت حد الرقص برأس قَطع بسيف جلاد..بعد 2003 ظهرت صور حديثة للكراهية (الطائفية، او الدينية وربما القومية) أيضاً، وشاركت الكتل السياسية بشكل مباشر او غير مباشر في تعميقها بين جيل الشباب بل وحتى الأطفال، فباتت مفردة (سني او شيعي) تقال قبل كلمة (عراقي) لان الانتماء للطائفة غلب على كل الانتماءات الأعم والاشمل.
 وتفاقمت نتيجة ذلك مظاهر ونزاعات لم يشهدها المجتمع العراقي من قبل، ودون وعي من الناس، بدأ الكل ينساق تدريجيا خلف اصوات تريد، مصلحتها الشخصية، ان يتعمق الحس الطائفي بين العراقيين، الذين رفضوه في اشد اوقاته تأزما، لكن بقيت الأحزاب والكتل السياسية مصرة على هذا النهج الذي رفضه العراقي أياً كانت شريحته او انتماؤه، وقسمت وفقا لمبدأ المحاصصة والطائفية الكراسي والمناصب الوزارية، ونسي المسؤولون مهامهم وبدأ تفكيرهم ينحصر بكيفية تقسيم باقي كراسي المؤسسات بعد الصف الأول (الوزراء) على مريديهم ومؤيديهم بعيدا عن الاختصاص او الكفاءة ولا أقول الشهادة الاكاديمية التي اصبحت في (خبر كان) كما شائع الآن..والآن بعد ان شعر الناس بأنهم على وشك السقوط في هاوية تتعمق يوما بعد آخر، خاصة بعد تفاقم الفساد الى مرحلة أصبحت أكثر من علنية، فكل الذين ضبطوا بجرم الفساد ضاعت ملفاتهم في متاهات السياسة وبين مفاوضات سرية مبنية على اتفاق (اسكت عني حتى أسكت عنك) لإخفاء الجرائم المتبادلة بين تلك الأطراف.بهذا الوقت طفح الكيل عند الناس، لان البطالة وصلت الى الحدود التي يعتبر خريج الجامعة محظوظا ان عمل سائق تاكسي، بل احدهم يبيع الشربت في الشارع، اذن ليس بالغريب ان يبدأ الشباب انتفاضتهم، والتي نتمنى ان لا تكون (انتفاضة حجارة) مع الشرف الكبير الذي حملته تلك الانتفاضة في فلسطين، لكننا في العراق لا نمتلك الحجارة فقط، بل اقل ما نعرفه هو العبوات والاسلحة المنتشرة في كل بيت، رغم المحاولات المتقطعة لجمع الاسلحة بين فترة واخرى، ليعاد توزيعها سرا من قبل نفس الجهات التي جمعتها!نأمل، ونسعى ان تكون هذه الانتفاضة سلمية وحضارية، تحمل مطالب شعب عانى الويلات منذ أكثر من أربعة عقود، وأرهقته سنوات الكراهية والعنف، وبعد (الديمقراطية!) يريد كهرباء وماء وخبزا وملحا نظيفا، فهل سننجح في أن يقودنا الشباب سلميا كما فعل مؤسس سياسة اللاعنف مهاتما غاندي في مسيرة الملح الشهيرة؟حينما ينتفض الجائع يعرف السبب وراء ثورته، لكن المسؤول قلما يعرف السبب، لأنه لا يعاني من البطالة، أو أن راتبه الشهري لا يكفيه لتسديد مبلغ الإيجار، فما بالك بمصاريف المعيشة الأخرى، ولان المسؤول لا تنقطع عنه الكهرباء او يشرب من المياه الآسنة، كما شاهدنا احد شيوخنا وهو يشرب ماء ملوثا أمام عدسات التصوير في إحدى القنوات الفضائية.فهل يحق لهذا المسؤول ان يتساءل لماذا يثور الشباب، الذين يحلمون بغرفة صغيرة ومطبخ اصغر في قطعة ارض اقل من 50 مترا، في حين توزع البيوت والأراضي ببذخ على المسؤولين، وقد حصل الكثير منهم على أكثر من قطعة ارض او بيت، لأنه وزوجته يعملان ضمن سلم الدرجات الخاصة عند الحكومة. لا يحق للمسؤول ان يتساءل لماذا انتفضت شبيبة العراق التي بدأت تبحث عن سبل النسيان من قهر وعوز، فانجرف قسم منهم إلى خانة الإرهاب، والبعض الآخر يغط في غيبوبته (الكبسلة) بينما ينعم  أعضاء البرلمان والمستشارون وأقرباء المدير العام الذين يعيشون مجانا في قصور فارهة وفرتها لهم مناصبهم الحكومية وديمقراطيتنا التي تمارس بحق فئة دون أخرى!هل يعرف هذا المسؤول ان عوائل شابة تخرجت من الجامعات تحلم بوظيفة حارس، لان هذه الوظيفة في الكثير من الأحيان توفر السكن البسيط لهم؟!لا يحق لأي منا أن يضع هذه التظاهرات في خانة تهديد الوطن، لان من يجوع، أو ينام في غرفة واحدة مع أطفاله، أو لا يمتلك سكنا أصلا، لا يشبه الذي يعيش في قصره مرفه، فالحاجة أم الاختراع كما يقال، ولهذا اخترع الشباب سواء في مصر أو تونس واليوم في العراق تلك التظاهرات التي يريدون عبرها أن يسمع الآخرون صوتهم، لان (الآخرين) لا يسمعون ولا يشعرون بما آلت إليه الأمور من ويلات ومآس جعلت وجوه شبابنا تشيب قبل أوانها.لكن، كيف نجعل العالم يسمع صوتنا ومطالبنا وليس ضجيجنا، هنا مربط الفرس، لأن تظاهرات العنف والتخريب ستقودنا إلى خراب اكبر وجوع لا مفر منه، و(سيتمكن المتمكن) من الهرب مع عائلته تحت جنح الظلام حاملا معه أكداس أمواله ومجوهرات زوجته، ونبقى نحن بين خرائب صنعناها بأنفسنا، علينا أن لا ننساق وراق أصوات تطالب بالحرق والتدمير، أو رفع شعارات ليست في أوانها، تظاهراتنا سلمية، تحمل الحب للوطن، وتساند من يحمي ثرواته وممتلكاته، لان الخراب يسحب مرتكبيه إلى عمق الهاوية.العالم سيسمعنا حينما نراهن على حماية ما حولنا من أرواح وأموال، ونطالب بوطن نخدمه ويخدمنا، ونريد حكما يسمع صوتنا ويتفاعل معه، لا يسد الآذان والأعين كي يوهم نفسه أن الأمور تسير بشكل جيد!سلميا سنتظاهر، ليس حماية لمسؤول على حساب الوطن، وإنما حماية لعراق ينتظر الكثير لحظة انكساره..سنواجه الجوع بالسلم، وسنحارب الفساد بأمانتنا على الأملاك العامة.. لنحمي أرواح من حولنا قبل ان تلتهم نيران الكراهية الأخضر واليابس معا..التظاهر السلمي هو الذي سيوصل صوتنا إل

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram