باسم عبد الحميد حموديأول لقاء لي بالدكتور داود كان عام 1959 في شارع الرشيد وعند مدخل شار ع المتنبي، كان يقف وسطا بين المرحوم خضر الولي ود. جليل العطية الذي تولى إجراء التعارف بيننا, ثم قام سلّوم باهدائي كتابه الأول (تطور الفكرة والأسلوب)، ثم توالت كتبه، التي منها ما حصلت عليه خلال وجوده في بغداد ومنها ما لم أحصل عليه وهو يجول في جامعات أهل البيت وجرش في الأردن وهمبولدت في برلين وجامعة أيبادن في نيجريا.
من هذه الكتب : كتاب (النقد الأدبي) بغداد و1967 (الأدب المعاصر في العراق) 1962و(دراسات في الأدب المقارن والتطبيقي) في بيروت وفي بغداد1984، (قصص الحيوان في الأدب العربي القديم) بغداد 1979 و(الدكتور محمد مندور والوساطة الفكرية بين الشرق والغرب) الكويت 1983، (الأدب العربي في تراث العالم) بغداد1987. ومن كتبه الأخرى (الحكاية الشعبية العراقية) بالاشتراك مع د. صبري مسلم و (أبحاث في التراث الشعبي) تحرير باسم عبد الحميد حمّودي ومشاركة د. سلّوم ود.محمد رجب النجار وكاظم سعد الدين وغيرهم - بغداد 1986،و(السرقات الفنية للآثار الأدبية) بغداد 2005 وكان كتابه الأخير هو (حكايات بغدادية) الذي أصدرته (دار المدى) حديثا وهو تحقيق وافٍ لمخطوطة الكرملي (ديوان التفتاف). اعتنى الفقيد بدراسة تأثيرات اللغة العربية والأدب العربي في ا للغات الاندونيسية ولغة الهوسا في نيجريا واللغة السواحيلية واللغة الصومالية والتركية والفارسية والاسبانية والألمانية .،واستعان أثناء تدريسه في جامعات ألمانيا ونيجريا باصدقاء وتلامذة للترجمة والمقارنة. كان الدكتور سلّوم ٌقد حصل على شهادة الدكتوراه من مدرسة الدراسات الشرقية جامعة لندن عام 1958 عن دراسته التي لم تترجم ولم تنشر (دراسة مقارنة لآراء طه حسين وآراء الغربيين في الرواية الأدبية). وله دراسات وكتب أخرى بعضها مطبوع مثل كتابيه عن الزهاوي والجاحظ وبعضها مازال في ادراج مكتبته في بيته العامر في الكرادة الشرقية حيث ولد هناك في محلة (الزوية) عام 1930، وكانت لقاءاته بصديقيه شاكر جابر البغدادي،مؤرخ الكرادة الشرقية الراحل ومحمد كاظم سعد الدين الشديدي المترجم والفولكلوري اضافة للآخرين من مثقفي الكرادة ، سببا من اسباب توفير جو خاص من المحبة والصداقة الثقافية توهجها لقاءات مقهى (حسين الحمد) مع شامل كاظم الحمد وطالب الخفاجي وسواهما من مثقفي الكرادة حتى كانت الجامعة وكان السفر أساسا لتوهج علاقات جديدة استمرت علاقتي بسلوّم حتى توليت ادارة مجلة (التراث الشعبي) عام 1985 فزادت توثقاً، وكان سلوم واحدا من هيئتها الاستشارية التي تكونت من عدد من الباحثين العراقيين والعرب في مقدمتهم : سلّوم ولطفي الخوري (مؤسس المجلة) والنصير وسعد الدين (العراق) واحمد مرسي ومحمد رجب النجار (مصر) وحصة الرفاعي (الكويت) وعلي عبد الله خليفة (البحرين) وسعد الصويان (السعودية) وهاني العمد (الاردن) وعبد الرحمن أيوب (تونس) و عباس الجراري (المغرب) وكنت استغل انعقاد (ندوة بغداد للتراث الشعبي) سنوياً لأدعو الأساتذة الذين هم خارج العراق لحضور الندوة والقاء بحوث او رئاسة جلسات فيها ومناقشة خطة المجلة السنوية والتخطيط للعدد الأساسي فيها ، وكان دور سلّوم والنصيّر قي التخطيط مشهودا فقد اشتغلا في التخطيط لإعداد مهمة (مع كاتب هذه السطور) والإخوة الآخرين عن (الف ليلة وليلة) و(شارع الرشيد) و(بغداد) وسواها.كان عملنا المشترك في (ندوة بغداد) ومؤتمرها السنوي أخاذاً، وقد استطعنا إقناع إدارة مركز التراث الشعبي في قطر بقيامه و بتحمل نفقات ندوة فولكلورية موسعة في بغداد عام 1986 شارك فيها كثير من الباحثين وفي المقدمة منهم أحمد ابو زيد و سلّوم ومحمد رجب النجار ولطفي الخوري والنصير وعبد الحميد العلوجي وصفوت كمال وعبد الحميد حمام وهاني العمد، ترعاهم مجلة التراث الشعبي والصديق الأستاذ الشاعر والفولكلوري علي عبد الله خليفة مدير عام المركز الخليجي آنذاك ورئيس تحرير مجلة (الثقافة الشعبية) في البحرين اليوم . عندما ساءت أوضاع العراق في التسعينات وتقاعد الفقيد قسراً ،سافر إلى الأردن أستاذاً في جامعتي أهل البيت وجرش على التوالي وسكن على مشارف الصحراء في مدينة (المفرق) وزرته هناك فوجدت ولده الروائي الشاب محمد العجيلي يقيم معه، وقد امتلأت غرف البيت بالكتب التراثية الباهظة الأثمان والكتب الحديثة،وعاتبته على هذا (الانفتاح) بالصرف على الكتب والمصادر وعائلته تحتاج ما يحصل عليه فقال لي رحمه الله: (هذه الكتب ثمن غربتي ولا شيء سواها) . تغيرت الدنيا وعاد داود سلّوم متألقاً الى بغداد لكن الأمراض دهمته فعاف الجلوس مع خلاّنه في مقهى حسين الحمد وانصرف الى العمل الجامعي المضني نائبا لرئيس جامعة الأكاديميين العرب حتى غادرنا منذ شهرين عزيزا رافع الرأس رحمه الله.
داود سلّوم.. استذكارات عنه
نشر في: 21 فبراير, 2011: 06:24 م