اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > ألتوسير.. ريجيس دوبريه

ألتوسير.. ريجيس دوبريه

نشر في: 22 فبراير, 2011: 05:53 م

سعد محمد رحيمولد لوي ألتوسير ( 1918 ـ 1991 ) في الجزائر، وكان في الثلاثين من عمره حين حصل على إجازة الفلسفة وانضم للحزب الشيوعي الفرنسي، ومنذ ذلك الحين اتخذت كتاباته منحى مميزاً يتمثل بصبغته الماركسية الخالصة، المنقاة من شوائب النزعة الإنسانية والهيجلية التي وسمت أفكار ماركس الشاب، كما ظل يصرّ، بعد تأثره بالمناهج الحديثة، لاسيما البنيوية منها. ولذا وقف بالضد من أطروحات لوكاش وهنري لوفيفر وسارتر وروجيه غارودي حول إحياء النزعة الإنسانية في الفلسفة الماركسية. فإذا كان سارتر قد وجّه انتقاداته الحادة إلى منهجية ماركس في دراساته للاقتصاد السياسي معوِّلاً على النزعة الإنسانية لماركس الشاب فإن التوسير، على العكس من ذلك، حاول إلغاء ماركس الشاب لصالح ماركس الناضج في ( رأس المال ).
لهذا "رفض التسليم بان الإنسان موجود يبدع ذاته عن طريق عملية جدلية تدور بين عمله والعالم الطبيعي الذي يحوِّله هذا العمل. كما رفض ما يلزم عن هذا التسليم من تفسير يرى في البنية الفوقية ( الفكر الذي يحتِّمه الاقتصاد ) انعكاساً لعملية الإنتاج. ففي ذلك ما يبرر الانتظار السلبي للثورة من حيث هي نتيجة حتمية لتطور الرأسمالية... بينما الثورة، فيما يرى، تحتاج حتماً إلى إعداد وتنظيم".ربما حصل نوع من سوء الفهم بخصوص ما قصده التوسير في أطروحته عن ماركس والنزعة الإنسانية فهو، من جهة، أكد "أن مفهوم أو مقولة الإنسان لا تلعب لدى ماركس دوراً نظرياً". ففي مرحلة ما تبنى ماركس إشكالية رؤية فويرباخ للماهية النوعية للإنسان ومسألة الاستلاب، لكنه، في ما بعد، قطع مع تلك الرؤية "وهذه القطيعة مع النزعة الإنسانية النظرية لدى فويرباخ تطبع بشكل جذري تاريخ فكر ماركس". وحتى حين تتواتر كلمة الاستلاب في كتاب (رأس المال) فإنها لا تكتسب، برأي ألتوسير، أهمية نظرية. ومن جهة ثانية آمن بأن "النزعة الإنسانية الحقة لا توجد إلاّ في المجتمع الاشتراكي، وأن القمع فعل ضروري في أول مراحل الثورة".تحدث ألتوسير عن نزعة لا إنسانية فلسفية عند ماركس لا تتلاءم مع أي تأويل ذي نزعة إنسانية، فهي تُقصي مفهوم الإنسان كمفهوم مركزي عن التشكيلات الاجتماعية، وعن التاريخ، مؤكداً أن ماركس "لم يستطع تأسيس علم التاريخ وكتاب رأس المال إلاّ شريطة القطع مع الادعاء النظري لكل نزعة إنسانية... فما يحدد، في المقام الأخير، تشكيلة اجتماعية ما، وما يعطينا عنها معرفة، ليس هو شبح ماهية ما أو طبيعة إنسانية ما، وليس الإنسان، وليس حتى الناس، بل علاقة، أي علاقة الإنتاج التي تشكل وحدة مع القاعدة، أي مع البنية التحتية". هنا يصبح الناس حاملين لوظيفة في عملية الإنتاج المحددة بعلاقة الإنتاج "فعلاقات الإنتاج الرأسمالية تختزلهم إلى هذه الوظيفة البسيطة في البنية التحتية وفي الإنتاج، أي في الاستغلال".وما يجعل ماركس ينأى عن الإنسان الذي هو فكرة فارغة مثقلة بالإيديولوجية البرجوازية هو في سبيل بلوغ الناس العينيين الملموسين "من أجل التوصل إلى معرفة القوانين التي تتحكم في حياتهم وفي صراعاتهم الملموسة".كان ألتوسير يطمح إلى قراءة علمية من منظور بنيوي ـ سينكره لاحقاً ـ لماركس في مؤلفاته المتأخرة ( الغروندريسه ) و ( رأس المال ). وقد جمعت مقالاته بهذا الصدد في كتابين؛ ( من أجل ماركس/ 1965 ) و ( قراءة رأس المال/ 1968 )، سعى من خلالهما إلى التعاطي مع الماركسية علماً. وهنا قاد النظرية الماركسية إلى درجة عالية من التجريد والاستقلالية بحيث أصبحت لها جاذبيتها، في نظر المثقفين، وصلت حد البارانويا. وكان من دعاة ربط النظرية الماركسية بالنشاط الثوري. وقد لقيت أطروحاته رواجاً في العالم الثالث، لاسيما في أمريكا اللاتينية، وألهمت مفكرين ناشطين مثل ريجيس دوبريه.بحث التوسير وهو يقرأ ماركس في المرئي واللامرئي من الخطاب الماركسي للوقوع على الأبنية اللاواعية له. وفهم "ذلك المعنى الذي يكشف عمّا تحت السطح البريء للكلام من نمط مختلف تماماً من الخطاب، هو خطاب اللاوعي". وهكذا فإن الإحاطة بتأويلات ألتوسير لماركس يقتضي معرفة وافية بالفلسفة وعلم اللغة وعلم النفس والأنثربولوجيا، فهو يستخدم رؤى ومناهج هذه العلوم في مقاربته للفلسفة الماركسية.استعار من جاستون باشلار مفهوم ( القطيعة المعرفية، إذ "يفترض باشلار وجود حقب علمية يمكن أن تخلق انقطاعات معرفية من ذلك النوع الذي حدده ألتوسير في أعمال ماركس". واستعار من علم اللغة البنيوي مفهوم ( القارئ الممتاز ) الذي هو؛ "أداة للتحليل ووسيلة لإعادة قراءة النص، والتقاط المواضع التي تتكشف عن أهمية خاصة، بالنسبة إلى المعرفة المحددة التي يملكها هذا القارئ". وقد أدى ألتوسير نتيجة تعمقه في قراءة نصوص ماركس دور مثل هذا القارئ لتحرير الماركسية من القراءة العادية مثلما عبّر عن ذلك الأداء. وذهب إلى "أن النظرية الماركسية التي تناقض نفسها على مستويات عدّة، وتحتوي ثغرات ومواضع صمت وغياب، يجب أن تُعاد قراءتها بطريقة أعراضية (saymptomatic). ومن شأن هذه القراءة الجديدة عن الأبنية اللاواعية الخفية، عن طريق تفسير التحولات transpositions)) والتناقضات (absurdities) والأغلاط (errors) فتنتج هذه القراءة نصاً مختلفاً، نصاً تتكشف إشكالياته النظرية من خلال الأعراض التي سببت هذه الإشكاليات. وهكذا تُحل شفرة (النص الموضوعي)، أي كتابات ماركس وحياته على حد سواء".ولكن، عمَّ تمخض ذلك التزاوج الذي أراده ألتوسير بين البنيوية والماركسية؟. وهل حقاً "استطاع إعادة النظر فيما هو مشترك بين الجدل الهيجلي والجدل الماركسي، بفضل

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram