نادية الجوراني تحتل موضوعة الأمن الغذائي محل الصدارة في جدول اهتمامات الفرد العراقي، وذلك بالرجوع إلى تاريخ الحروب التي خاضها العراق في عهد الثمانينات وبداية عهد التسعينات، وبالأخص في فترة الحصار الذي فرض على شعبنا العراقي والذي كان المؤشر الأول والحقيقي لبروز ظاهرة الفقر والحرمان التي بدأ يعاني منها عامة الناس , مما اضطر الدولة إلى فرض العمل بنظام البطاقة التموينية التي تعد من أولى مظاهر العجز المالي للحكومة آنذاك .
وبعد أحداث 2003 تنفس العراقيون الصعداء عسى أن تنفرج الأزمة المالية وينزاح معها همهم في تأمين الأكتفاء الغذائي للفرد في العراق . ألا إن الرياح أتت بما لا تشتهي السفن، فلقد انقلبت موازين الأمور فيما خطط له الناس وحلموا في تحقيقه، فالديمقراطية التي جاءت مع دخول الأمريكان والتي استبشر بها العراقيون خيرا علها تفتح لهم بابا نحو حكومة حرة ترفع بعضا من المعاناة عن كاهل الناس, لم يلمسوا منها شيئا بل على العكس أخذت الأمور تسوء يوما بعد يوم خاصة بظهور العنف وازدياده وباستفحال البطالة وبانشغال الأحزاب والكتل السياسية في صراعاتها على كراسي الحكم والفوز في الانتخابات . لقد ازدادت أزمة الفقر في البلاد واستفحلت بعد أن فقد المسؤولون قي الدولة معنى المصداقية في وعودهم وتحولت البطاقة التموينية إلى هوية للفقر والعازة والحرمان، فقد أصابها الذبول والنحول كما أصاب الشعب العراقي الذي أخذت تبدو عليه أعراض من سوء التغذية وأمراض فقر الدم سببه إضافة إلى العوز والفاقة انتشار الجشع والطمع من قبل تجار السوق الذين مارسوا مهنة التلاعب بالأسعار فيما بينهم بشكل تنافسي ناهيك عن شحة الزراعة في بلد يشتهر بوفرة أراضيه الزراعية وبأمتلاكه موارد تجعله أغنى دول الجوار .إن مشكلة العجز الغذائي في العراق باتت آفة لا بد من الإسراع في معالجتها لان البلد يعاني اغلب سكانه في بغداد والمحافظات على الإطلاق من انتشار مرض سوء التغذية ففي إحصائية عن الجهاز المركزي للإحصاء أن 7من كل 100 عراقي يعانون من سوء التغذية فيما يقابل 1,2 مليون نسمة ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى تراجع مستوى الأداء بنظام توزيع المواد التموينية ويشكل الإنفاق على الغذاء أكثر من 35% من إجمالي إنفاق الأسرة ويصرف 80% منه على المواد الغذائية من السوق التجارية أما ال20% المتبقية فتمثل القيمة الاسمية لمواد البطاقة التموينية .إن العائلة العراقية أصبح همها الأكبر هو كيفية تامين الغذاء اليومي لها ولأبنائها فرب الأسرة يشعر انه عاجز عن إمكانية تحقيق الاكتفاء الآمن لعائلته وخاصة بالنسبة للعوائل ذوات الدخل المحدود أو المنخفض والذين يشكلون شريحة واسعة من أبناء الشعب، فكيف به أن يوفر كل ما مطلوب في ظل هذا الارتفاع المحموم في أسعار المواد الغذائية ومع النقص الحاد في مواد البطاقة التموينية إلى جانب قلة العمل ونقص الخدمات .عند باب مستشفى الكندي التقينا بالسيد جواد كاظم وقد كان القلق باديا عليه نتيجة سوء حالة ولده قائلا : يوما بعد يوم كنت الاحظ ولدي باقر البالغ من العمر 15 سنة، قد بدأ عليه الضعف وعدم القدرة على القراءة والاستيعاب وحتى اللعب ولونه شاحب وعند جلبه إلى المستشفى توضح لي الأمر من الطبيب المختص فبعد إكمال الفحوصات قال: أن ولدك يعاني من ضعف عام نتيجة سوء التغذية وليس لديه أي مرض عضوي سوى ذلك , أنا رجل اكسب رزقي يوما بيوم ودخلي محدود لايدر علينا بما يكفي لتامين عائلتي من الغذاء الجيد كما يقول الطبيب: عليك أن تنوع في غذاء عائلتك بروتينات ونشويات وسكريات ( حلويات ) وقد عملت جدولا شهريا يتخلله كل أسبوع نوع من الغذاء، فإذا استطعت أن أوفر اللحم يوما واحدا في الأسبوع فان دجاجة واحدة ستدخل البيت في الأسبوع الثاني فكيف لي أن اشتري الحلويات وسعر كيلو ( البقلاوة ) 9000 دينار ولا أقول من النوع الجيد الذي يصل سعره إلى ( 25000 ) دينار.وتقول السيدة ام أركان : كنا نتأمل حين سقط النظام المقبور الذي فعل بنا ما فعل وهذه هي إحدى نتائجه , أن تأتي حكومة أكثر رحمة لتنقذ هذا الشعب المسكين، فقد صرحوا بتصريحات خطيرة حين أوهموا الناس إن البطاقة التموينية سيتخللها مواد قد تصل إلى 15 مادة ومن كثرة دهشتنا تصورنا أن البطاقة التموينية ستتخللها مشروبات كحولية. إن مساهمة المواد التموينية في تأمين الطاقة الغذائية تعد أساسية في تحقيق الأمن الغذائي في العراق.
عندما تتوفر المواد فـي البطاقة التموينية
نشر في: 22 فبراير, 2011: 06:47 م