نادية الجورانيالتغييرات التي طرأت على العراق وخصوصا في أوائل التسعينات من القرن الماضي وما تضمنته من حروب وحصار نتج عنهما هبوطاً واضحاً بمستوى الواقع التعليمي بشكل عام، ونتيجة هذه التحولات برز المعلم بصورة جديدة تختلف تماماً عما كان عليه في السابق، فقد أصبح المعلم الجديد ينغمس في التفكير بتحقيق مكاسب مادية من التعليم أكثر من اهتمامه بإتقان عمله التدريسي متناسيا قدسية هذه المهنة التي تحمله مسؤولية تربية جيل كامل وأعدادهم لاستقبال الحياة الجديدة .
معلم اليوم قليل العطاء يتصف بنضب في الثقافة لايمتلك نفساً طويلاً في التعامل مع جيل الطلاب الذين يعاصرونه، وغير متفان في عمله، ولا يبدي استعداداً في التعاون من اجل مصلحة الطالب، وترى هندامه لاينم على وقار مهنته، يفتقد الهيبة التي تجعل تلاميذه يرهبونه. محمد عباس طالب في متوسطة التوعية الصف الثالث يقول : ما ذنبنا إذا كان المدرس قدوتنا لايتفوه إلا بالبذيء من الكلام والشتائم، ويقضي معظم الدرس باللغو الفارغ ( السوالف ) وفي نهاية الدرس يقول لنا استعدوا غدا للامتحان في درس اليوم دون أن يشرح لنا منه شيئاً، معتمداً على قوله اشتروا الملزمة الخاصة لهذا الدرس من المكتبة العامة .بينما يبرر المعلم الحالي قصوره في التدريس بالقول : إن هموم الحياة الآنية ومعاناتها من متاعب الكهرباء وارتفاع الأسعار في كل مجالات العيش ونقص الخدمات كلها عوامل تؤثر في أداء المعلم وفي إتقانه للعملية التدريسية كما إن مظاهر الحياة الجديدة الهت الطالب عن الدراسة فوجود الستلايت والموبايل والبلي ستيشن وباقي قشور الثقافة الغربية أثرت بشكل سلبي على مستوى الطالب فوسائل اللهو لديه أصبحت كثيرة مقابل هذا قلة حرص الآباء وعدم متابعتهم لأبنائهم بشكل دائم لانشغالهم بمصاعب الحياة فلماذا تلقون باللوم فقط على المعلم ؟وأخيراً يستطرد المدرس طارق إبراهيم مدير ثانوية دار السلام سابقا 65 بقوله :إن الحزم والشدة كانتا من أولى صفات نجاح الرجل التربوي في الوقت الذي تجده أبا عطوفاً رحوماً على طلابه، والوقت لديه كالسيف فكان يشعر إن الطلاب أمانة في عنقه ووقت الدرس لديه مقدس والعمل بنظام الثواب والعقاب من أهم مبادئه، وكانت اسعد اللحظات لديه عندما يطلب منه التلميذ إعادة شرح الدرس فكان لايكل ولا يمل، فشتّان مابين الأمس واليوم إن المربين الأفاضل خالدون قي الذاكرة .
المعلم.. بين اهتمام الدولة والقصور في تنفيذ واجبه
نشر في: 23 فبراير, 2011: 04:32 م