حاتم حسنما زالت العملية الجدلية لصالح الاقتصاد على حساب الأطر الفكرية والثقافية.. وارغمت ضرورات العيش الشاقة على الانتهازية والخبرة في ركوب الموجات السياسية, وتفشي القطيعة والتباعد الاجتماعي , وغياب الوفاء وعدم الاكتراث بالرموز والأدوار والتضحيات.. وعلق قلم المبدع بلحية القاضي التي صارت مكنسة.. وما عاد الاعتبار الاجتماعي حاجة بين أناس في مجتمع بلا روابط عميقة..
بكلمة واحدة أزمة العراقي بجذر ثقافي.. وما المشاهد العراقية التي أفزعت العالم من حيث خلوها ويباسها من اي شيء متحضر الا تشخيصا حيا لحجم التخلف.. فكان من الطبيعي ان يصاب ويلتهب بهذا الطاعون.. ويتمزق نسيجه ويتلذذ بذبح نفسه..المؤسف والمحبط , والباعث على عدم التفاؤل ان في النخبة المبدعة من يعاني من هذا الطاعون.. وبما يعني طول الوقت للوصول الى المواطن البسيط ومعالجته وتطهيره من خرافاته وأوهامه وضيق افقه من اجل الحاقه بالعصر , وإدماجه في القرية الكونية.... وبما يرتب على وزارة الثقافة مسؤولية جسيمة.. بعد ان تتيقن ان أسس وجذور فضيحة العراق ردته الى الكهف انما لنقص الثقافة...ولكن وزارة الثقافة بما هي عليه اعجز من ان تتصدى لعملية حضارية بهذه الأهمية.. ولا بد من نظرة وطنية وعامة الى أهمية الثقافة.. وهذا , كما يشاع غير ميسور وغير متوفر فهناك من السياسيين من يحتقر الثقافة والمثقفين مفضلاً عليها صيغا اخرى معروفة.. ومع ذلك,, اذا كنا على خطأ في تصورنا فان على الحكومة ان ترى في البرنامج الثقافي الجاد والعميق والواسع على انه حملة وطنية ومشروع وطني لتطهير العراق ونقله الى العصر , والى نفسه .والى ان تحدث مثل هذه المعجزة فان على الوزارة ان تنتفع بما لديها.. وتنجز فضائيتها (الحضارة) كنموذج عراقي مطلوب وكأمثولة, وان تقدم الصوت العراقي الراقي عبر اجهزة الاعلام الرسمية لاسيما وان لديها مئات الخبرات العريقة والمعطلة.. كما .. ينتظر منها تشكيل المجلس الأعلى للثقافة, مع مكتب لرعاية المثقفين في بغداد والمحافظات مع مركز بحوث واستطلاع الرأي واجراء منافسات ومسابقات لوعي وطني وثقافة إنسانيه راقية هذا وغيره يمكن العمل عليه اذا كانت هناك قناعة بان جذر محنتنا الثقافية أولا .
سطور أخيرة: الثقافة.. ونقص التحضر
نشر في: 23 فبراير, 2011: 08:57 م