ترجمة: عدوية الهلاليفي سن الثمانين ، مازالت هذه المرأة الايرلندية تمتلك (قوة المقاومة اللازمة للكتابة) التي تحدث عنها اللورد بايرون في واحدة من رسائله لماري شيلي ..ادنا اوبريان ، هي روائية ايرلندية اختارت ان تنفي نفسها الى لندن
وتعيش فيها منذ خمسين عاما بعد ان أحرقت الجماهير كتبها في سنوات الستينات وتم منع اقتنائها في المنازل تحت ذريعة انها تفتح أعين الفتيات الشابات على الشهوة والشبقية ..ولكي تحافظ على قوتها وبقائها على قيد الحياة ، ابتعدت أوبريان مختارة عن بلدها دون ان تتخلى عن عادة العودة إليه بين الحين والآخر لتستنشق هواءه وتلمس ارضه وتختار مواضيع رواياتها منه ....في روايتها الجديدة (انحطاط ايرلندي) تقودنا الروائية اوبريان الى موطنها الأصلي أيضاً في كتاب يعلن انها ايرلندية مئة بالمئة ففي كتابها نجد الرعاع والمدمنون على الخمر والصعاليك ..لكنها تناقش هذه المرة العلاقة بين الأباء والابناء ..ترى اوبريان ان الحب بين الام والابن هو الحب الحقيقي الوحيد ومهما كان صعبا فانها قادرة على جعله منعشا وطازجا ..وتبدأ أولاً بالصغيرة الشجاعة ديلي التي تغادر الى امريكا مصحوبة بنصائح والدتها التي تحملها معها كزاد المسافر ..ديلي تترك والديها والفقر والاضطرابات السياسية لاجل حياة جديدة تحلم بعيشها في الجانب الآخر من المحيط الاطلنطي ، وبدلا من ان تحيا الواقع الذي تحلم به ، ستعيش المصير الذي ينتظر الكثير من المهاجرين والفتيات الشابات مثلها فتصبح خادمة لدى احد اغنياء نيويورك ..خلال السنوات التي تلي رحيلها ، تستقبل (ديلي) اخبار عائلتها وبلدها عبر رسائل والدتها (بريدجيت) المليئة بالألم والمعاناة والكآبة ...انها تجهل بأن الناس في امريكا يعانون ايضا وينزفون ويبكون ، فالامهات لايعرفن شيئا الا عاطفتهن –كما تقول الروائية اوبريان -..بعد سنوات ، تصبح ديلي أماً بدورها ونراها مريضة ومسنة وتكتب بدورها رسائل رائعة لابنتها (اليانورا) التي تعيش منفية في لندن حيث تصبح كاتبة شهيرة –وفي هذا تشابه كبير بين شخصية الرواية والكاتبة ذاتها -..في هذه الرسائل التي انما تصف العلاقة بين الكاتبة اوبريان ووالدتها من خلال رسائلها لها سنجد مزجا رائعا بين الحب والعقوق وبين الوعي والجهل والزهو وسوء الفهم ..سنجد كلمات لطيفة وعذبة احيانا واخرى قاسية وجافة في احيان اخرى ..وتشكل مهنة الكاتبة (اليانورا) في الرواية حاجزاً يقف باستمرار بين ألام والابنة ويفرق بينهما ..اذ تتساءل ألام في احدى رسائلها ان كانت الابنة ستطلب دفنها في وطنها ..بهذه الطريقة ، ترسم اوبريان التعلق بالوطن بصدق كبير وتبدو وكأنها تلهث بعيداً عن بلدها وتجري دائما دون ان تعلم الى أين تبغي الوصول ..صدرت رواية (انحطاط ايرلندي) في فرنسا مؤخراً عن دار سابين ويسبييه للنشر وترجمها الى الفرنسية بيير ايمانويل في 444 صفحة ..
الحب الأصعب.. للروائية (ادنا اوبريان):رواية ايرلندية ..مئة بالمئة!
نشر في: 5 مارس, 2011: 05:32 م