TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > الهجرة المستحيلة (7)..إياد القاضي.. الوجوه ذات ووطن

الهجرة المستحيلة (7)..إياد القاضي.. الوجوه ذات ووطن

نشر في: 6 مارس, 2011: 05:12 م

علي النجار مالمولم تختلف سيرة الفنان التشكيلي العراقي المغترب(إياد القاضي) عن سيرة العديد من أقرانه الفنانين العراقيين المهاجرين او المغتربين إلا في مستجدات سيرة حياته الاغترابية الخاصة. هذه السيرة التي حافظت على بعض من أهم روابطها الثقافية بجذورها العراقية، على الرغم من كل التغييرات التي مر بها خلال إقاماته العديدة، القريبة منها والبعيدة، وكذلك الجديدة المختلفة، والاختلاف وارد في تجربته، كون هذه التجربة الفنية لا بد وان تخضع بشكل من الأشكال لاختلافات مشهدية الوسط الفني الاغترابي الجديد. فالعمل الفني لا ينفصل في معظم الأحيان عن مستجدات السيرة وحتى عما خفي منها، كما أن السير العراقية استوت علينا في وقتنا الحالي الذي لا يحتمل ولا يحبذ أي خفاء في السيرة بعد رفع المحظور عنها.
وأنت تقيم أو تدرس في نيويورك، فلابد أن تخترقك صور الأنا في كل شارع ومنعطف، ولابد لذاتك أن تزاحم هذه الصور، وإلا فإنها سوف تشطب أو تلغي صورتك. والصورة ذات، لكنها ليست أية ذات إن أنت حافظت على سلامة خطوطها الخارجية الأكثر حميمية. ففي وسط، كالوسط الفني النيويوركي، ليس هناك أسهل من الانزلاق حد ضياع الملامح. لكن، خيرة فنانينا الشباب الذين درسوا أو استوطنوا هذه المدينة استطاعوا ابتكار وسائلهم الخاصة، والذاتية معظم الأحيان، سواء كانت من داخل الوسط الجديد أو من مخلفات ارثهم المرتحل حيث ارتحلوا، هذا ما تخبرنا به أعمالهم(التي أشدنا ببعضها). و إياد القاضي هو الآخر من هؤلاء اللامرتحلين إلا مع مخلفاتهم.إن افتتن إياد بالصور الشخصية(البورتريت) فان الأمر لا يخلو من ولع لمحاولة استعادة صورته الأولى التي يشك في بأنه ربما سوف يفتقدها أو افتقدها في بعض من متاهات سيرته الترحالية  ألاإرادية السيرة التي تحولت غالبا إلى سير جمعية بمرور الأزمنة العراقية المتعاقبة أو المتراكمة، هذا ما نلاحظه في معظم نتاجه إن لم يكن  كل متأخرة. لقد اشتغل على التكرار، صورة اثر أخرى، وجها اثر وجه آخر. لكنه بقي نفس الوجه وبنفس الملامح، وما اختلفت إلا النصوص الكتابية المدونة على القسمات. وان كان الفنان(وارهول) وفي مسعاه لتأسيس فن أمريكي شمالي شعبي، ابتكر اللقطات المتكررة لصورة الوجه مثلما في تقطيع المونتاج السينمائي، بكامرته وطباعاته، ومثلما فعل أيضا في صوره لبعض من منتج السوق الاستهلاكية أو الإعلامية، والسياسية الشعبية الصادمة. لكن إياد لا ينوي سوى تسجيل ارثه الشخصي ضمن الحاضر العراقي الذي سوف يتحول إلى ارث للقهر كما في رسومه أو مشخصاته المرسومة بهاجس الاستحواذ على أزمنتها وأمكنتها المفقودة أو المسترجعة فقدان مكرر يلازم تكرارها. رسوم إياد الصورية لا تكتمل كما يظن إلا برابط اثري يعتبره جزء من ارث عائلته بامتداد جذورها التاريخية، وكنوع من الوفاء لهذا الإرث اشتغل على الخط العربي (1) نصوصاً مختلفة المضامين وكحوامل أثرية أو تذكارية أو سياسية أو وجدانية، استل بعضها من حاضنها الأصلي لتستوطن كادر لقطاته المختارة كجزء فاعل ومؤثر في مشهديتها، وليس من اجل إضفاء لجمالية تقليدية متعارف عليها في الكثير من رسوم الفنانين التشكيليين العرب. تجربته هذه تختلف نوعاً ما عن تجارب توظيف الخط والكتابة العربية في الأعمال التشكيلية العراقية، فهو لا يسعى للإلغاز ضمن حفريات العمل التشكيلي العالمي الحديث مثل الفنان شاكر حسن ال سعيد، ولا يسعى لإبراز القيمة الجمالية التزويقية مثل الفنان ضياء العزاوي. ما يسعى إليه هو إيصال الخطاب المزدوج لسلطة الصورة المرسومة و خطاب النص الموازي للمدون رسما. وان كان الهامش في النص الأثري وحتى المعاصر مفسرا، فان نصوص القاضي الصورية لا تبدو كذلك، بل هي تتبادل أدوارها من خلال المزج والإدماج وهيئة الصور المرسومة بما تستبطنه من معان ودلالات.معظم رسوم إياد اعتراضية، وجدت طريقها لصالات العرض ضمن ظرف زمني ملتبس بحراكه الزمني السياسي. في البدء كانت له ضرورات فكرية انقلابية، بدأ من الحركة النسوية الثقافية والتشكيلية الإيرانية المغتربة المعاصرة التي رصدت الفصل القسري ما بين الجنسين بدعاوى دينية وبنصوص مرسومة ومدونة أو مصورة أو إيمائية، وانتهاء بأعمال تشكيلية عربية تناولت خطاب الإرهاب الملغوم دينيا. معظم هذه الأعمال وجدت لها حاضنا خارجيا وفر  لمبدعيها حماية ضمن موازنات الألعاب السياسية وسلطة الخطاب الإعلامي. لقد تحول جسد الأنثى في هذه الأعمال إلى نصوص كاشفة لمخبوءات التابوات الكهنوتية المرتدية أقنعة الناسوت السياسي. ولم تقتصر الإضافات التي عمرت بها هذه الأعمال على التدوين الحروفي على الجسد الأنثوي، بل شملت حتى العلامات الافتراضية للعديد من أدوات الزينة والمطبخ والفضاء النسوي الشرقي المستنسخ من أزمنة الحريم وواقع القهر أو القمع المتستر عليه. إياد القاضي انتبه لهذه الكشوفات البصرية الشرقية وأدواتها التوصيلية النصية الفنية المعاصرة ووظفها ضمن ولعه المتأصل بالخط العربي، و استطاع أن يحجز له موضع قدم وسط هذه المساحة التشكيلية المفتوحة على الأنا والآخر، وبذل جهدا واضحا لان تكون له انتباهته الخاصة التي تعبر بشكل مطلق عن ذاته وهمه العراقي الحالي.    لقد اختلفت محمولات سطح العمل الفني التشكيلي المعاصر عن سابقه. واحتلت الصور الادهاشية والخيالية والتحريضية بمفرداتها المأخوذة من البيئة والمحيط المدني مساحة واسعة في الأداء المعاصر، كما اختلفت مشهدية هذه الصور، مثلما اختلفت محمولاتها الدلالية، و لم يعد للتقنية هالتها السابقة، فالتقنيات أساسا ابتكارات مرافقة للقيمة الأثرية، وآثارنا الآن توزعت ما بين الرهافة الحسية لالتقاطاتنا التفكيكية ل

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram