TOP

جريدة المدى > تقارير المدى > بصريـة مـن العشـوائيـات تحرق نفسها حتى المـوت

بصريـة مـن العشـوائيـات تحرق نفسها حتى المـوت

نشر في: 6 مارس, 2011: 06:56 م

 البصرة/ عماد كاملأقدمت مواطنة في البصرة على الانتحار صباح امس الأحد بعدما أشعلت النار في جسدها.وقال أخو الضحية لـ(المدى) إن (حسنة عبد الحسن) وهي أم لأربعة أطفال أقدمت على الانتحار بعدما هجرها زوجها مع أطفالها لفترة ستة أشهر اذ أجبرت على السكن في احد الإحياء العشوائية في (حي الاصدقاء) جنوب البصرة.
ويرى خبراء ان الانتحار العراقي له طعمه الخاص وميقاته المباغت ودوافعه الغرائبية، ما يجعل قصصه تختلف عن قصص الانتحارات التي نسمع أو نشاهد أو نقرا عنها لأناس عاديين في بقية أنحاء العالم.الانتحار العراقي كظاهرة اجتماعية جديدة على قاموس الألم العراقي ويومياته وذاكرته الاجتماعية وحتى الإبداعية التي لم تحتفل بذكرى أديب وشاعر وفنان منتحر كما في ذاكرة الإبداع العالمية والعربية، فشكل هذا الظهور الانتحاري الجديد فضيحة أخرى من فضائح أسياد العنف وتجار أدواته في الملحمة العراقية.فكان تكرار الانتحار وتحوله من حالات فردية استثنائية الى ظاهرة تسجلها أسبوعيا ردهات طوارئ المستشفيات وسجلات مراكز الشرطة، نوعا من الصدمة غير المتوقعة للباحثين والمتخصصين في عادات العراقيين وشؤون أحوالهم الاجتماعية.القراءة المتأنية في تاريخ العنف العراقي ودوائره المتداخلة التي تبدأ من قرارات الحاكم الاوحد الى سمفونية التعذيب في اقبية دهاليزه السرية وتتصاعد خلال عقود متواصلة من الحروب وصور معاركها الخائبة التي تحول صورة الجمال الانساني الى هشيم من الرؤوس المتقطعة والارجل المتبعثرة.اصبح العراقيون يلعبون مع الموت بكل اشكاله وادواته وطقوسه ومدافنه حتى غدا الموت فاقدا لمهابة فجائعيته ومراثيه واحزانه.وفي ظل ذلك ولدت اجيال لم تقطع حبالها السرية الدموية وعاشت وسط عائلات تعاني التفكك وغياب الاب وانحسار درجات التحضر وانكفاء مريع لميزان العدالة الاجتماعية، فلم تعد للحياة ومستقبلها اية قيم. وازداد الدافع لدى الشباب والمراهقين خاصة لتقديم ارواحهم هدية مجانية لموائد الانتحار الطوعي الذي بات يقع لاتفه الاسباب واوهى المبررات، كالفشل في الامتحانات الوزارية او خيبة عاطفية او زواج قسري، والانتحار كفعل خرج بصلافة من حياء الغرف المغلقة والقرارات السرية الصامتة الى الساحات العامة وحرم الجامعات، ليتوحد مع معزوفة الدماء التي تتنافر والاشلاء التي تتطاير يوميا في شوارع وساحات الوطن لتصطبغ بها نشرات الاخبار العاجلة.اسباب ودوافع ومبررات يمكن ايجاد الحلول لها لو حذفنا هذا التراكم الدموي لحكومات القسوة من بين اسطر الذاكرة العراقية ولو حذفنا منه تاريخ معاركها الحمقاء. وامتداداتها الجديدة في وحوش الظلام وزواحف الكهوف العتيقة التي جعلت من دماء العراقيين سلما وحيدا للعبور الى جناتها المزعومة واوهامها الناجية.ولاستمرار مسلسل العنف، فلا يتوقع المنتحرون العراقيون ان يتوقف التاريخ طويلا امام قصص انتحارهم وخيباتهم لانهم اصلا حرف في جملة خبرية منسية لموت يكاد يتكرر بأشكال متنوعة من العبوات والقنابل والكواتم القاتلة، كما لا يتوقع المنتحرون العراقيون ان يتبوؤا مناصب مهمة على موائد الموت وذاكرة الانتحار كمنصب الروائي همنغواي والشاعر الروسي يسنين والمطربة والممثلة الشهيرة مارلين مورو والمغنية داليدا وحتى الشاعر اللبناني خليل حاوي العربي الوحيد بين هؤلاء المنتحرين.سيذهب المنتحرون العراقيون فرادى وجماعات الى زاوية النسيان كما ذهبت آمال رحلاتهم الخائبة في براري الارض وبحار العالم، ولذلك كله فللانتحار العراقي قصة مختلفة عن قصص الانتحار في تاريخ البشرية القديم والمعاصر.ومن تلك القصص وربما هي ليست آخر امرأة ما أقدمت عليه مواطنة في البصرة على الانتحار صباح أمس الأحد بعدما أشعلت النار في جسدها، وقال أخو الضحية لـ(المدى) إن السيدة (حسنة عبد الحسن) وهي أم لأربعة أطفال أقدمت على الانتحار بعدما هجرها زوجها مع أطفالها لفترة ستة أشهر اذ أجبرت على السكن في احد الإحياء العشوائية في (حي الاصدقاء) جنوب البصرة وبقيت طوال تلك الفترة تعتمد على جمع علب المشروبات الغازية وبيعها لتعيل اطفالها الاربعة،مضيفا انها حاولت الانتحار اكثر من مرة لوضع حد لمعاناتها المستديمة وللتخلص من الظروف السيئة التي تحيط بها.وقد انتشرت ظاهرة الانتحار في الفترة الأخيرة بشكل ملفت للنظر كما تؤكد المصادر الطبية في البصرة اذ ان اغلب المنتحرين من الشباب والنساء.ويرى الدكتور محمد عبد الزهرة التدريسي في قسم الإرشاد التربوي والنفسي في جامعة البصرة ان فقدان الامل وانعدام الثقة بالنفس في مواجهة صعوبات الحياة هي من أهم أسباب الانتحار، ان غالبية المنتحرين هم من فئة الشباب الذين يكون الجنوح عندهم الى الانتحار اعلى من غيرهم، لان تلك الفئة تعاني أمراضا وعاهات نفسية او يعانون من الشذوذ الجنسي وغياب الهدف السامي او القدوة في حياتهم إضافة الى الضياع الروحي، وقد تفاقمت هذه الظاهرة في العراق بعد عام 2003 م وذلك نتيجة للمعاناة التي يعيشها العراقيون والتي اصابت الكثير منهم بامراض نفسية نتيجة للاحباطات المتكررة والمآسي والآلام اليومية.حيث لوحظ في الآونة الأخيرة حوادث الانتحار وبشكل يومي او أسبوعي.ويرى المحامي محمد الاسدي ان القانون العراقي لا يجرم من يحرض او يدفع فرد على الانتحار

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

التغير المناخي في العراق يعيق عودة النازحين لمناطقهم الأصلية.. متى تنتهي المعاناة؟

التغير المناخي في العراق يعيق عودة النازحين لمناطقهم الأصلية.. متى تنتهي المعاناة؟

متابعة/المدىرأت منظمة "كير" الدولية للإغاثة والمساعدات الإنسانية، إن التغير المناخي في العراق أصبح عائقاً أمام عودة النازحين لمناطقهم الأصلية.وبحسب دراسة أجرتها منظمة كير الدولية للإغاثة والمساعدات الإنسانية، فبعد ان كانت المعارك والاوضاع الأمنية في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram