قضية الأسبوع: السلوفيني يبحث عن ضالته الفنية في تمارين الأندية

قضية الأسبوع: السلوفيني يبحث عن ضالته الفنية في تمارين الأندية

 رعد العراقي

منذ سنوات طويلة والكرة العراقية تبحث بين ركام الأزمات وضبابية التخطيط عن طريق سوي تلتمس فيه وسائل التطوّر والثبات الفنيّ في ميادين المنافسة آسيوياً ودولياً، لكنها كانت تصطدم دائماً بعقد الفكر البدائي والروتين المتوارث في إدارة المنظومة الكروية بدءاً من أروقة الاتحاد ومروراً بالكوادر التدريبية التي تتولى صياغة سيناريو الأداء الفني والإقرار على الأسلوب في كيفية اختيار العناصر التي ستمثل المنتخبات الوطنية.
الأمر كان يحتاج الى من يحرّك تلك الفلسفة الفكرية المحدودة التي لا تخرج عن رؤية توجيه الأنظار نحو أندية المقدمة كخيار ثابت عبر متابعة مبارياتها أو حتى الانصياع نحو ضغط وسائل الترويج لهذا اللاعب أو ذلك وأحيانا كثيرة تلعب الشهرة دوراً مؤثراً في ذهن المدربين في توجيه الدعوة بعيداً عن العطاء الفعلي أو حاجته الفنية في حينه.
كنا بالفعل بحاجة الى خطوة جريئة غير معتادة تكسر تلك القيود وتؤسّس لنهج جديد يمكن أن يشكل أولى خطوات العمل العلمي الصحيح، وهو ما فعله كاتانيتش حين ضرب عصفورين بحجر واحد ليقدم درسين على مستوى عالٍ من الذكاء:
بادر أولاً الى زيارة مقر نادي القوة الجوية وهو يحمل باقة ورد مهنّئاً الملاك التدريبي لحصوله على كأس الاتحاد الآسيوي للمرة الثالثة على التوالي، وتلك الخطوة حملت بين طيّاتها الكثير من إشارات الرقي لإزالة الحواجز النفسية وغرس روح الألفة والتعاون لتكون العلاقات الحميمة مستقبلاً هي المعيار في حل أي اشكاليات كانت تحدث دائماً بين الأندية والملاكات التدريبية للمنتخبات.
وثانياً، لم يكتف كاتانيتش عند حدود المجاملة، بل كشف عن هدف آخر يتمثّل في متابعة الوحدة التدريبية لفريق الجوية بكل تفاصيلها، وهو الحدث الأهم الذي يشكّل أسلوباً مستحدثاً يتيح للمدرب أن يطلع عن قرب على كل التفاصيل الدقيقة المتعلقة بنوعية وكيفية أداء التمارين إضافة الى رؤية اللاعبين الأساسيين والاحتياط بعيداً عن ضغط المباريات والجماهير وتدوين إمكاناتهم الفنية، وربما الوقوف على أسباب وجود ضعف في الأداء البدني عطفاً على النهج المتبع في تنمية هذا الجانب أثناء التمرين.
قد يكون من الإنصاف التذكير أن خطوة كاتانيتش لم تكن الأولى على الإطلاق، بل سبقه في ذلك شيخ المدربين المرحوم عموبابا عندما توجّه عام 1980 الى نادي كركوك الذي كان يلعب في حينه ضمن الدرجة الأولى ليتابع أداء اللاعبين كي يعود بصحبته اللاعب ستار جبار فيكون ضمن تشكيلة المنتخب الوطني ليشكّل مفاجأة للجماهير التي لم تسمع سابقاً باسم هذا اللاعب، لكن اختفت تلك التجربة منذ ذلك الحين، ولم يحاول أحد بعد ذلك إحياءها.
نحن عندما نبارك ما يقوم به مدرب الأسود، إنما هو إقرار بوجود تغيير جذري في منهجية العمل الذي يخطط إليه ويثبت حرصه الكبير في الوصول الى أدق التفاصيل وأفضل الخبرات عند استدعائه اللاعبين.
نتمنى أن لا يتوقف كاتانيتش عند نادٍ معين وإنما يشمل جميع الأندية الأخرى لأننا ندرك أن هناك الكثير من المواهب الفذّة التي مازالت تختفي عن أنظارالمدربين وخاصة في أندية الدرجة الاولى والمحافظات لذا نرمي بالنصيحة على أسماع السلوفيني بالذهاب الى تلك الاندية والاطلاع عن قرب على مستويات ربما ستدهشه بإدائها الفني وستشكل له حلولاً في تعويض ضعف بعض المراكز وحينها سيجد أن خياراته ستكون واسعة ومفكرته قد ازدحمت بأسماء يمكن ان تحقق له طموح تشكيل منتخب قادر على المنافسة في كأس آسيا القادمة ويكون مرشحاً للوصول إلى كأس العالم في قطر. افعلها يا كاتانيتش.. وكن جريئاً ولن تندم!

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top