المشكلة الاصطلاحية النقدية بين أدب المهجر والمنفى في دراسات أدبية لفاطمة المحسن

المشكلة الاصطلاحية النقدية بين أدب المهجر والمنفى في دراسات أدبية لفاطمة المحسن

متابعة: المدى 

عن أدب المنفى والسؤال المُتجدد الذي يدور حوله على مرّ العصور، كتبت الكاتبة فاطمة المحسن كتاب بعنوان " أدب المنفى / دراسة في الأدبيات العراقية" والتي صدرت عن منشورات الجمل، ذاكرةً إن الكتاب يمثل خلاصة قراءاتها واشتغالاتها، على نحو متواتر للأدب العراقي المنفي أو المهاجر منذ ثمانينيات القرن المنصرم.
ذكرت الكاتبة إن المسميات اختلفت للتعريف عن هذا الأدب فبعضهم عرّفه كأدب مهاجر وآخرين عرّفوا به كأدب منفى، مؤكدة من خلال طرحها إن من الممكن أن تلتقي هذه المسميات في حال التعامل مع هذا المصطلح بشكل نقدي..
نتج عن الهجرة الجماعية للشعوب والجماعات المرتحلة بإرادتها أو بدونها ما يسمى أدب المنفى، حيث تنقلت تواريخ الذاكرات البشرية بين شتات من الأزمنة والامكنة الحقيقية والأسطورية ولعل مصطلح " الدياسبورا" الذي ارتبط بسبي اليهود الى بابل يسبق عند الإغريق ما ورد في العهد القديم، فهو قد استخدم في العصر الهيليني في أول القرن السادس عشر قبل الميلاد، وربما قبله. هذا المصطلح شمل طيفاً من الشعوب في مختلف القارات وبينهم الأفارقة الذين اصطادهم البيض وجلبوهم عبيداً الى الغرب. ولم تستطع أجيال متوطّنة منهم محو ذاكرة الشتات الأولى وكان الأدب الكاريبي الذي يستخدم بكثرة أسطورة العودة الى القارة السوداء، قد انبثق من تفاعل ثقافي متواتر بين السود والبيض والهنود وسواهم من الأصول المختلفة التي شكلت الجماعات الكاريبية باختلاط أعراقها.
دارت نصوص الكثير من الأدباء حول المنفى، وفي مقدم هؤلاء والت ولكوت الحائز على نوبل مؤخراً والمتنقل بين هويات غربية مختلفة، ولكنه لم يبرح هذا المطرح القلق الذي شكل هويته الأدبية: تاريخ الأسلاف الذين جلبوا من سفائن العبيد، وحلم العودة الى الديار. والأدب الكاريبي أفضل مثال على التنافذ بين مصطلحي "أدب المنفى" و "أدب المهجر" فالحدود تُمحى بين الاثنين عندما يصبح المنفى تعريفاً بالطريقة التي يتشكل فيها المعنى الهوياتي عبر ترسيم معالم التناسخ والتوالد الطقوسي واللغوي بين الذاكرات الإنسانية كما يبرز في أدب ولكوت ولعل سردية المنفى تبقى مقولة ثقافية في ظلم عالم شحبت فيه الحدود أو كادت بين الأعراق والجماعات.
وعدت الكاتبة هذا الكتاب إطلالة مبتسرة لمساجلة شغلتها طوال عقود النفي التي قاربت الثلاثة، كتبت فيها ما يفيض عن هذا الكتاب في اقتفائها تلك الحوارات التي ظهرت بمرويات ونصوص شعرية أثارت أسئلة طاولت تجربة لا يمكن حصر تداعياتها بنص واحد، فهي مفتوحة على خارطة متشابكة نتجت عن تراكب تجارب النفي العراقي التي لن تتوقف في الأفق الزمني القريب.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top