أزمة كهرباء حادّة تواجه العراق الصيف المقبل إذا لم تمدِّد واشنطن مهلة الـ 45 يوماً

أزمة كهرباء حادّة تواجه العراق الصيف المقبل إذا لم تمدِّد واشنطن مهلة الـ 45 يوماً

 العراق سينتج الغاز بعد 4 سنوات.. وتقديرات بخسارة 7 آلاف ميغاواط من الطاقة

 بغداد/ وائل نعمة

أزمة طاقة حادة سيواجها العراق في الصيف المقبل، إذا أصرت واشنطن على ان تتخلى بغداد بعد 45 يوماً (مضى منها أسبوع) عن استيراد الغاز والكهرباء من طهران التي تواجه حزمة عقوبات أمريكية جديدة هي الأشد منذ فرضها في الصيف الماضي.
وستبدأ الكهرباء في العراق، بحسب الجدول الامريكي، بالانخفاض الى معدلات كبيرة (تقل بنحو 7 آلاف ميغاواط) مطلع العام المقبل - بعد فرض حظر الاستيراد من إيران- لكن قلة استخدام الطاقة في الشتاء ستؤجل مواجهة الشارع الذي يثور كل موسم حر بسبب سوء تجهيز الكهرباء، مع الحكومة الى وقت الصيف.
ويستورد العراق بحسب خبير الطاقة حمزة الجواهري "1400 ميغا واط" من الكهرباء" و"500 مليون قدم مكعب يوميا" من الغاز، لتشغيل محطة كهرباء بسماية جنوب شرق بغداد (طاقة إنتاجها تبلغ 3 آلاف ميغاواط)، ومحطة القدس في العاصمة أيضا، بالاضافة الى محطات في البصرة.
وأكد الجواهري لـ(المدى) امس أن "العراق لايمكنه في أي حال من الاحوال تعويض تلك الطاقة". وبين أن عمليات إنتاج الغاز في العراق لن تتم إلا في بداية عام 2022.
وقالت السفارة الأمريكية في العراق على صفحتها بموقع فيسبوك يوم الخميس الماضي: "منحت الولايات المتحدة العراق إعفاء مؤقتا من العقوبات مدته 45 يوما للسماح للعراق بالاستمرار في شراء الغاز الطبيعي والكهرباء من إيران".
وأضافت "يقدم هذا الإعفاء الوقت للعراق للبدء في أخذ خطوات نحو الاستقلالية في مجال الطاقة".
وكان مسؤولون في البنك المركزي العراقي قد قالوا في آب الماضي، إن اقتصاد البلاد مرتبط بشدة بإيران لدرجة جعلت بغداد تطلب من واشنطن إعفاءها من بعض العقوبات.
والإعفاء المؤقت الحالي مشروط بعدم دفع العراق مدفوعات الواردات الإيرانية بالدولار الأمريكي. وأعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات على إيران في الخامس من تشرين الثاني الحالي.
وتشمل العقوبات 50 من البنوك الإيرانية وفروعها، وأكثر من 200 من الأشخاص والمركبات في قطاع الشحن وشركة الخطوط الجوية الإيرانية (إيران إير) وأكثر من 65 من طائراتها.

خطوط متوقّفة
وتبلغ حاجة العراق الفعلية من الكهرباء 21 ألف ميغاواط، فيما ينتح نحو 11 ألف ميغاواط. ومؤخرا وعدت شركتا "سينمز" و"جنرال إلكتريك" بعد فوزهما بعقد تطوير الطاقة في العراق، انهما سيوفران 11 ألف ميغاواط خلال الاربع سنوات المقبلة.
ويقول حمزة الجواهري ان "العراق لديه خطوط قديمة لنقل الغاز مع السعودية متوقفة منذ عام 1980"، وهو امر يجعل اخذ الغاز من المملكة العربية أمرا معقدا ويحتاج الى وقت طويل لفحص وإعادة عمل الانابيب.
بالمقابل لايوجد للعراق أي ربط مع أي دولة أخرى من دول الخليج أو الأردن، لتعويض الطاقة المستوردة من إيران.

تمديد المهلة
إلى ذلك قال مسؤول رفيع سابق في وزارة النفط، إن مهلة الـ"45 يوماً" لن تكون نهائية، وإن الولايات المتحدة ستضطر الى قبول التمديد ،لأنها لاتملك رؤية لحل أزمة الطاقة في العراق.
وقال المسؤول السابق الذي طلب عدم ذكر اسمه في تصريح لـ(المدى) أمس انه "خلال هذه المدة سيقدم العراق خطة عمل للولايات المتحدة يطرح فيها سقفا زمنيا للتخلي عن الغاز الإيراني بعد ان يقوم بإنتاج الغاز المحلي".
ويشير المسؤول السابق إلى أن السقف الزمني سيأخذ وقتا غير معلوم ولكنه "لن يكون خلال 45 يوماً بالتاكيد".
وقال المسؤول الرفيع السابق ان "الاستثناءات التي منحتها واشنطن لثماني دول من العقوبات الايرانية، لم تحدد بوقت معين، وكذلك سيكون الامر مع العراق.
من جهته، اعتبر العضو السابق في لجنة الطاقة البرلمانية إبراهيم بحر العلوم لـ(المدى) امس ان "المهلة الامريكية هي فرصة للعراق في التخلي عن استيراد الغاز".
وقال بحر العلوم ان "الحكومة السابقة كانت قد تلكأت في استغلال الغاز المصاحب لعمليات استخراج النفط، واليوم عليها البدء بعملية تصفير حرق الغاز".
وكانت الترجيحات قبل أسبوع تذهب صوب شمول العراق بـ"الاستثناءات" مع الدول الثماني بينها كوريا الجنوبية والهند واليابان، لكن مراقبين عزوا خروج البلاد من دائرة الاستثناء بسبب البيان الاخير لوزارة الخارجية العراقية، الذي كان يميل الى جهة طهران.
وعلقت وزارة الخارجية العراقية، مطلع تشرين الثاني الحالي، على بيان سابق للسفارة الأمريكية لدى بغداد بشأن العقوبات على إيران، مطالبةً بـ"حذف السفارة تلك التصريحات غير المتفقة مع القواعد والأعراف الدولية وتجنب تكرارها مستقبلاً".
وقال المتحدث الرسمي باسم الخارجية العراقية، أحمد محجوب في البيان الاخير، أن "الجزء الثاني من البيان المذكور (الامريكي) يتجاوز الأعراف الدبلوماسية والاحترام المتبادل لسيادة الدول كمبدأ راسخ في القانون الدولي"، مؤكداً أن "العراق يرفض التدخل في القضايا العراقية الداخلية، ولاسيما قضايا الإصلاح الأمني الداخلي ووضع القوات الأمنية العراقية التي تخضع لسلطة رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة".
وكانت السفارة الأمريكية لدى بغداد قد أصدرت بياناً في 31 تشرين الاول الماضي المنصرم، قالت فيه إنه: "مع تبقي ستة أيام على الموعد النهائي لفرض العقوبات، هذا هو المطلب السادس كي يتصرف نظام إيران كدولة عادية: يجب على النظام الإيراني احترام سيادة الحكومة العراقية، والسماح بنزع سلاح الميليشيات الطائفية وتسريحها وإعادة دمجها".
وقال رئيس الوزراء عادل عبد المهدي إن العراق ليس جزءاً من منظومة العقوبات الامريكية على إيران، فيما لم تعلق الحكومة حتى الآن على مهلة الـ"45 يوماً".
وبيّن عبد المهدي الثلاثاء الماضي، ان "هناك مفاوضات مع امريكا وإيران للتوصل الى الصيغة التي طرحناها خلال برنامجنا الوزاري".
وقال رئيس الوزراء ان "موقفنا شبيه بالموقف الصيني والياباني والروسي، بحيث نحمي مصالحنا الوطنية، نحاور الجميع ونسعى لتسوية الخلافات بين الاطراف المختلفة".
وقال سلف عبد المهدي، حيدر العبادي قبيل انتهاء ولايته ان "العراق لا يتعاطف مع العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران، لكنه سيلتزم بها لحماية مصالحه".

عدم مواجهة واشنطن
الى ذلك قال رئيس عصائب اهل الحق في البصرة (أكثر الاطراف المنتقدة لدور واشنطن في العراق)، النائب عدي عواد في رده على مهلة الـ45 يوما) انه :"ليس من مصلحة العراق الآن الدخول في صراع مع واشنطن".
وأكد عواد وهو عضو لجنة الطاقة في البرلمان ان "الولايات المتحدة الآن مثل الثور الهائج ويمكن ان تدمر أي دولة تقف في طريقها او تعارض العقوبات"، على الرغم من انه أشار الى ان العقوبات ضد طهران "غير عادلة".
ويعتقد النائب عن تحالف الفتح ان الحل يكون بـ"ذهاب عبد المهدي الى واشنطن للحصول على استثناء طويل الامد". وقال عواد انه لايمكن إيجاد بدلائل عن الغاز والكهرباء الإيراني في وقت قصير.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top