هل لدينا فلسفة إسلامية؟

آراء وأفكار 2018/11/12 07:11:54 م

هل لدينا فلسفة إسلامية؟

 حـسـيـن سعدون

هناك ثورة حقيقية في الكتابة في الفلسفة الاسلامية باللغات الأجنبية ، من آخرها كتب الفيلسوف السنغالي سليمان بشير ديان والفرنسيان كرستيان جامبي وعلي بن مخلوف الذي صدر له 2015 في باريس كتابه (لماذا نقرأ الفلاسفة العرب؟ ) ، وهو كتاب رائع ومفيد يفند كثيراً من الأحكام المسبقة، فالمتعارف عليه بين الأوساط العلمية والكتب الكلاسيكية عربية وأوروبية أن الفلسفة الاسلامية هي النص العربي الشارح للفلسفة اليونانية الذي وصل للعالم اللاتيني
يرى بن مخلوف خلاف ذلك مستعرضاً وبالتفصيل ماقدمته الفلسفة العربية في عصرها الذهبي فحسب رأيه ان الفلسفة العربية مارست الإبداع عن طريق الشرح. وبانواع ثلاثة من الشروح : التبسيط والتعليق على النص اليوناني والتأليف النقدي بين التأويلات
ويضيف بن مخلوف مستعرضاً انجازات ابن رشد ومسيرته الفلسفية إن ابن رشد أدخل ثورة في الأرسطية بنظريته في وحدة العقل : التمييز بين الفكر الذاتي والعقل الوجودي الواحد
وإن ابن رشد في نظريته للعقل أكد ما قاله المنطقي فردج في نهاية القرن١٩ من تمييز بين الفكر والمسارات النفسية للتعقل ،
مضيفاً ان ابن رشد يميز بين الاسناد المنطقي( اي التأكيد والنفي ) والقطع في الحكم (اليقين) اي بين الحقيقة المنطقية والحقيقة الوجودية
اما عن الفارابي يتحدث المؤلف أن الفارابي أحدث ثورة في الأفلاطونية بإعطائه معنى إيجابياً للخطابة في إطار تصوره للعلم المدني : الخيال هو الطريق للجمهور
وعن الكندي يرى إن الفلاسفة هم ورثة الأنبياء : الفلسفة هي بسط معرفي في الزمان لحقائق الوحي المتعالية على الزمن
أما عن فلسفة الإشراق حسب قراءة بنمخلوف يرى إنها ادخلت الى التقليد الأرسطي التأويلية الروحية للذات مما نلمسه بقوة لدى السهروردي وإن الاتجاه موجود لدى ابن سينا والغزالي
فالسهروردي قام بثورة أنطولوجية باستكشافه عالم المثال الذي هو عالم الوسيط بين الصور العقلية والمواد المحسوسة ، هو مرجع اللغة الرمزية الروحية
وعن مساهمات الملا صدرا الفلسفية يرى بن مخلوف أن الشيرازي أسس للانتقال من ميتافيزيقا الماهيات ( ابن سينا ) الى ميتافيزيقا الوجود . العقل هو وحده الذي يميز تجريداً بين الوجود والماهية.ولم يقتصر اهتمام علي بن مخلوف بالفلاسفة العرب بل توسع بالذهاب الى اهم الادباء ومنهم الجاحظ مشيدا بما قرره الجاحظ بأن يوجد صنف من الكلام لا هو صحيح ولا خاطئ ، هو الكلام المطابق للواقع الذي لا يقره الاعتقاد
ويعود بن مخلوف الى أول فيلسوف عربي وهو الكندي مخصصاً له فصلاً كاملاً بأهم آراءه
ومنها أن الكندي في كتابه الفلسفة الاولى يقدم فكرتين الاولى لا يمكن فصل البحث عن الحقيقة مع تاريخ الحقيقة ،والثاني لا يمكن لأمة أو لفرد أن يكتسب لوحده الحقيقة
وأيضا يضيف عن الكندي أن الحقيقة ليست مضموناً نهائياً إنها أفق ناظم وقوة دافعة للاستعدادات البشرية .
وأيضاً يرى بن مخلوف ان الكندي أدرك العلاقة القائمة بين المعرفة والسلطة
وإن ميزة الكندي حسب بن مخلوف هي تحويل المباحث الكلامية الى ميتافيزيقا فلسفية ، بإدخال المفاهيم الأنطولوجية في صلب العقيدة، ويتوقف بنمخلوف عند حادثة تاريخية مهمة اغفل ذكرها الفلاسفة الغربيون المعاصرون وهي في عام ١٢٧٧ أدان "اتبان تامبيير" اسقف باريس نظرية ازدواجية الحقيقة لدى الرشديين اللاتينيين واعتبرها هرطقة خطيرة.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top