داعش يعاود نشاطه في المناطق المحرَّرة من دون ردّ حكوميّ حازم

داعش يعاود نشاطه في المناطق المحرَّرة من دون ردّ حكوميّ حازم

 بغداد/ وائل نعمة

منذ ثلاثة أشهر بدأت تتصاعد تدريجياً في مناطق متفرقة من البلاد هجمات مسلحة تحمل بصمة داعش، فيما لاتبدو إجراءات الحكومة متناسبة مع الأحداث المتسارعة لحركة التنظيم التي بدأت تضغط منذ أسابيع على الحدود المشتركة مع سوريا وتبعث بمفخخات الى الموصل وغيرها من المناطق.
في ليلة الإثنين على الثلاثاء الماضيين، كان عدد من الاشخاص يجلسون في منزل ضابط بالحشد العشائري شرق الفلوجة، قبل أن تهاجمهم قوة مجهولة ترتدي أزياء عسكرية، فتقتل أغلب الموجودين، في أول حادث يُسجل في تلك المنطقة منذ عامين.
ويقول العقيد السابق محمود الجميلي، قائد الحشد العشائري في منطقة الكرمة التي جرى الحادث الاخير بالقرب منها، إن "أسلوب تلك الهجمات يذكرنا بالاوقات التي سبقت ظهور داعش في 2014، حيث كانت فلول القاعدة وقتذاك تعيد نشاطها".
ويؤكد قائد الحشد في الكرمة في اتصال مع (المدى) أمس أن المهاجمين الذين كانوا يستقلون سيارة باص صغيرة نوع "كيا" "قتلوا 9 أشخاص من المتواجدين بالمنزل ولم ينجُ غير شخص واحد أصيب بجروح".

السور الأمني لم يمنع الهجمات
ووقع الحادث بالتحديد في منطقة زراعية تسمى الضابطية، شمال الكرمة، وهي منطقة أصبحت الآن تابعة لبغداد، بحسب الجميلي الذي أكد أنها ضمن السور الأمني الذي يحيط ببغداد ويعزلها عن المحافظات المجاورة، وتم بناؤه عام 2016، وأنجز منه حتى شهر تشرين الاول الماضي 95% .
ويحيط السور الكونكريتي الذي أخذ جزءاً من الاراضي الزراعية في الانبار، وهو بارتفاع 3 أمتار طوله 85 كم، بغداد بـ360 درجة، وهو ما دعا العقيد الجميلي الى ان يستغرب حدوث مثل هكذا خروق مع كل الإجراءات الأمنية المشددة.
وجرى الهجوم الاخير في وقت نشرت فيه السلطات العراقية تصريحات لقيادي سابق في "داعش" بما يعرف بـ"ولاية الفلوجة"، بعد أن أدلى باعترافاته أمام القضاء، وأكد أن التنظيم بدأ بإعادة انتشاره في "الكرمة".
وكشف طلال العيساوي البالغ من العمر 32 عاماً باعترافاته أمام قاضي التحقيق المختص بنظر قضايا الهيئة التحقيقية في قيادة عمليات بغداد، بحسب تقرير نشر في جريدة مجلس القضاء الأعلى الاسبوع الماضي: "تلقينا أوامر من قبل الوالي الجديد مطلع العام 2018 تقضي بالعودة الى العراق وتحديداً إلى الكرمة لتكوين مضافات خارج المدن وتشكيل مفارز عسكرية لتنفيذ عمليات ضد أهداف تم اختيارها وهي مواقع عسكرية ومنتسبين للأجهزة الأمنية".

الاقتراب من الحدود
وتتزامن هذه الاحداث، مع استمرار "داعش" بالسيطرة على مناطق كانت خاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، التي تقترب من الحدود العراقية بنحو 4 كم.
ويكشف مصدر أمني مسؤول في منطقة قريبة من الحدود لـ(المدى) أمس أن "الهدوء عاد الى الشريط الحدودي مع سوريا، بعد محاولة داعش بداية الاسبوع الحالي بالتقدم نحو القوات العراقية".
وقال المصدر المطلع إن عصر الأحد الماضي، تسلل 15 مسلحا مشيا على الاقدام باتجاه منطقة الباغوز السوري، وهي تبعد عن الحدود 500 متر فقط. وبين ان المسلحين كانوا يحملون اسلحة متوسطة.
وتمكنت القوات العراقية من قتل 9 أشخاص، بحسب المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه لحساسية المعلومات. واكد ان المهاجمين كانوا يرومون الدخول الى الحدود.
ومنذ أسبوعين عزّز العراق وجوده العسكري، بعد الفراغ الذي تركه انسحاب "قسد" من الحدود الساخنة غرب الانبار، بقوات تجاوز عديدها الـ10 آلاف مقاتل تضم تشكيلات عسكرية متعددة من مقاتلي العشائر والحشد الشعبي، فيما بدأ طيران التحالف بتوجيه ضربات يومية ضد داعش داخل سوريا.
وحصلت (المدى) على معلومات من مصادر أمنية في ذلك الوقت، تقول إن القوات العراقية تخشى عودة داعش الى الانبار بعد ترك قوات سوريا الديمقراطية مواقعها، ولهذا اندفعت الى داخل الاراضي السورية وسيطرت على المخافر. وأكدت المصادر حينها ان "القوات العراقية سيطرت على 30 مخفرا داخل الاراضي السورية". وقالت ان تلك المخافر محصنة بشكل كامل ومحاطة بالكونكريت.

نشاط مسلّح شَمال بغداد
وقبل انسحاب "قسد" بأكثر من شهرين، بدأت هجمات مسلحة تظهر في المنطقة الواقعة في شمال تكريت باتجاه الحويجة، جنوب غرب كركوك، حتى وصلت الهجمات الى قلب مدينة الموصل التي شهدت الاسبوع الماضي، تفجيراً هو الاول من نوعة في المدينة بعد التحرير والثاني في المحافظة.
ومنذ أيلول الماضي، قامت جماعات مسلحة يعتقد أنها "داعش" بنصب سيطرات وهمية قرب بيجي، وخطفت عدداً من المسافرين، كما تم استهداف عناصر الحشد الشعبي وقوات أمنية أكثر من مرة في تلك المنطقة.
وأول من أمس، سقطت 10 قذائف هاون على محيط مصفى بيجي، وهو حادث يجري لاول مرة منذ 3 سنوات تقريبا. وقال مروان الجبارة القيادي في الحشد العشائري في صلاح الدين لـ(المدى) أمس "هناك نشاط ظاهر لداعش في تلك المناطق، ولاتوجد عمليات واسعة للسيطرة على الاوضاع".
وأكد الجبارة: عقب سقوط الهاونات شنت القوات الامنية عمليات تمشيط في مناطق قريبة من بيجي وتلول الباج، جنوب شرق الشرقاط، فيما كانت قبل أيام عمليات تطهير في جزيرة الثرثار الرابطة مع الموصل والأنبار.
وقبل شهرين استهدفت سيارة مفخخة مطعماً شمال بيجي، بالاضافة الى هجمات في الشرقاط والصينية وداخل تكريت.
ويقول الجبارة ان فلول "داعش" متواجدون في جبال محكول، وهي منطقة شاسعة تمتد لنحو 100 كم، وتضم تضاريس وعرة للغاية. وسيطر التنظيم على الجبل لنحو 4 سنوات، ولديه فيه كهوف ومخابئ.
كذلك يؤكد القيادي في الحشد ان التنظيم يتواجد ايضا في المناطق الصحراوية الرابطة مع نينوى التي تضم مسالك وعرة الى الحدود مع سوريا. وطالب الجبارة بتنفيد "حملة عسكرية واسعة" وبقاء غطاء جوي مستمر لمراقبة تلك المناطق.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top