رؤية فنيّة: مستجدّات الكرة في حوار الأجيال المختلفة

رؤية فنيّة: مستجدّات الكرة في حوار الأجيال المختلفة

 يونس القطان *

كان للتجمع السنوي الثلاثين لجمعية المدربين النرويجية الذي انتهى مؤخراً بكرنفال احتفالي كبير أثره البالغ في نفوس المدربين المشاركين كون الجمعية أصبحت من أكبر وأهم جمعيات أوروبا التي تعنى بالتطوير والاهتمام والمتابعة عبر زيارات ومعايشات أكبر أندية العالم.
ثلاثة أطراف تعاونت في عقد هذا التجمع هي الاتحاد النرويجي ( اللجنة الفنية ) وكلية التربية الرياضية ( قسم كرة القدم ) والمركز العالي لتطوير كرة القدم بالنرويج. ووجّهت الدعوات الى كبار المدربين العاملين في كرة القدم خارج وداخل النرويج، وكان من أبرز المحاضرين في تجمع 2018 هو اوكة هايدار مدرب المنتخب الدنماركي المشارك في كأس العالم والمدرب الانكليزي ديفيد موس مدرب ساندرلاند وإيفرتون ومانشستر يونايتد سابقاً, إضافة الى مدربين من أمريكا وكرواتيا وإسبانيا والسويد وأبرزهم بوبي برادلي مدرب المنتخب الأمريكي والمصري سابقاً ومدرب بالدوري النرويجي حالياً.
تركزت النقاشات والمحاضرات حول الجوانب الإدارية والفنية بكرة القدم وكيفية التعامل مع جميع الفئات والدرجات بدءاً من الفئات العمرية ووصولاً الى الفرق المحترفة أو فرق الرجال، وأيضاً كيفية العمل والتفريق ما بين عالم الاحتراف والاندية الهاوية أو شبه الهواة وفرق النساء ومدى جاهزية الأندية والمنتخبات النسوية مستقبلاً ما يعني مشاركة واسعة وكبيرة للاندية والفرق من المدربين الى المدراء الإداريين العاملين بالأندية لمعرفة آخر المستجدّات.
كان للعدد الكبير من المدربين الشباب أثره لدى المدربين الكبار والمخضرمين ووجود مدربين بأعمار 30 عاماً إلى جانب مدربين تفوق أعمارهم السبعين عاماً وهو أمر جميل خصوصاً حينما يتم الحوار والنقاش ما بين أجيال وأفكار مختلفة .
لقد استمتع جميع الحاضرين بالندوة والنقاش المفتوح ما بين المدربين (هايدر وديفيد موسي) وكيفية تعاطيهما مع الفرق التي درّباها وعن أبرز مشاكل ديفيد موسي مع مانشستر يونايتد وكان صريحاً وواضحاً بقوله ( إن اسلوبي وشخصيتي لم تتماشَ مع الفكر والتركة التي خلّفها السير فيرغسون، لهذا لم أحقق ما مطلوب مني وهذا هو حال كرة القدم فلا يوجد مدرب بالمقدمة دائماً إلا أولئك الذين عملوا مع فرق متخمة بالنجوم! وهنا أشار إلى أن عدد أمثال هؤلاء المدربين لا يتعدّى أصابع اليد الواحدة.
أما أبرز ما استوقفني وأعجبني في هذا التجمع هو اساليب التوضيح والتحليل للأمور الفنية وخصوصاً التكتيكية التي عرضها القسم الفني لطلاب الماجستير والبكالوريوس لكلية التربية الرياضية وكيفية التعاون الرائع ما بين المركز العالي للتطوير واللجنة الفنية لكرة القدم باتحاد الكرة. لقد كان عملاً جماعياً مُبهراً ليس فيه من يدّعي انه الفاهم الأوحد أو الشخصية المهمة كما يحدث للبعض في تجمّعات وأنشطة الكرة العراقية مع شديد الأسف!
في العراق نحتاج الى التطوّر والمتابعة والبحث الحقيقي عن مستجدّات كرة القدم وليس الاكتفاء بمحاضرين من سوريا أو البحرين مع كامل اعتزازي واحترامي لممثليهما لأننا نملك شباباً رائعين ومتطورين يحملون افكاراً جيدة، لكن لا يوجد من يأخذ بأيديهم أو يعطيهم الفرصة بالعمل، بل يتم استغلالهم علناً وخصوصاً أولئك الذين يعملون في مجال التحليل فهم مظلومون، بالرغم من معرفتي بأن أغلب مدربي العراق والمنتخبات يستعينون بمعلوماتهم بشكل مباشر أو سري في بعض استوديوهات التحليل أو تجمّعات الوحدات التدريبية !
فهل يُعقل أن يكون بعض مدربي الصف الأول وخاصة في المنتخبات جهلاء علمياً وبعيدين كل البعد عن عالم التطوّر والتكنولوجيا وتتعالى الاصوات بأن المشكلة ليست باللاعبين بل بالمدربين؟! كلا ، المشكلة لا تكمن في اللاعبين ولا المدربين، بل في المنظومة التي مازالت تعمل بالورقة والقلم، وما زال رئيسها يُخاطب الآخرين من خلال (كتابنا وكتابكم) ونسي بأننا نقترب من عام 2020؟!
* مدرب محترف في النرويج

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top