ثقافية المدى تُقيم  ندوة نحاور... رأي حر في المدى ..سوق الكتاب محاصر من خلال فرض الرسوم الكمركية

ثقافية المدى تُقيم ندوة نحاور... رأي حر في المدى ..سوق الكتاب محاصر من خلال فرض الرسوم الكمركية

زينب المشاط
تصوير / محمود رؤوف

ضمن ندوة " نحاور " التي تُقيمها مؤسسة المدى، أقامت الصفحة الثقافية في جريدة " المدى " جلسة " نحاور.... رأي حر في المدى" عن "سوق الكتاب محاصر من خلال فرض الرسوم الكمركية" وذلك صباح يوم أمس السبت على قاعة المؤسسة..
حيث دعت "المدى" كل من رئيس اتحاد الناشرين العراقيين عبد الوهاب الراضي، وجميع دور الطباعة والنشر في العراق، والذين تخلّفوا عن الحضور، اضافة الى حضور عدد من وسائل الإعلام والقنوات الفضائية..

قدم الجلسة وأدار محاورها الناقد الاكاديمي د. أحمد الظفيري ذاكراً إن " قضية فرض الضرائب على سوق الكتاب هي قضية مهمة جداً تمسّ الواقع الثقافي والفكري العراقي، خاصة في مرحلة زمنية أصبحت الحركة الثقافية والكتب المستوردة حاضرة." مُشيراً إلى أن " دعم الكتب والمشاريع الثقافية في دول الخليج والدول العربية أصبح مشاريع مستقبلية مجهز لها قبل سنوات، فدولة قطر تُجهز اليوم مشاريع لعام 2030 بينما تفرض الحكومة العراقية ضرائب كبيرة على الكتب وسوق الكتب."
وأكد الظفيري إن "ما يؤسف بحق هو أن ما يدخل للحكومة العراقية من مردودات النفط كبيرة وتفوق تلك "الملاليم" التي ستدخل لها من خلال فرض الضرائب على الكتاب العراقي، ففرض هذه الضرائب لم يعُدّ مبرراً."
بدوره تحدث رئيس اتحاد الناشرين العراقيين د. عبد الوهاب الراضي ذاكراً " إن الكتاب مادة ثقافية ومعرفية مهمة من شأنها تنور العقول، فلسنا على دراية ما هي الغاية من محاولات عرقلة دخول الكتاب الى السوق العراقية بفرض مبالغ كبيرة كهذه! في الوقت الذي تعمل كل الدول على النهوض بمجتمعاتها من خلال الثقافة، كان يجب على حكومتنا ان تهتم بالكتاب."
قبل أن يبدأ اللغط حول قضية الضرائب المفروضة على الكتاب، اي حتى تاريخ 1/1/2018، كانت الكتب تدخل بكل سهولة الى سوق الكتاب بنسبة ضرائب مقدارها 1% على مختلف أنواع الكتب، وبعد جهود طائلة للاتحاد يذكر الراضي "تم الغاء الضريبة المقدرة بـ 1% على ثلاث أصناف من الكتب وهي "كتب الاطفال، والعلمية، والثقافية" لتصبح بقيمة 0%، ليأتي قرار عام 2017 المرقم 393 ويفرض رسوماً كمركية على الكتب المستوردة والتي تصل الى 15% تقريباً وكان من المفترض ان يُطبق القانون مع بداية عام 2018، إلا انه وبجهود حثيثة أُجل لغاية 1/ تشرين الأول 2018."
وعن طبيعة التسعيرة المفروضة على الكتاب المستورد يذكر الراضي "ان هذه التسعيرة للأسف غير واقعية وهنالك إجحاف كبير في تسيعيرة الكتاب." مؤكداً " إن اتحاد الناشرين يحاول دائماً الى الإشارة الى حق الملتقي والقارئ من منطلق اجتماعي ووطني وثقافي، نحن حريصون الى ايصال هذه المشكلة للجهات المسؤولة والاعلاميين الذين بدورهم سيوصلون صوتنا الى المسؤولين."
من هنا يُشير د.عبد الوهاب الراضي إلى مساعي اتحاد الناشرين العراقيين في سبيل إلغاء الضرائب المفروضة ويقول " التقينا بالسيد مهدي العلاق مع بداية مشكلة فرض الضرائب، وذلك لغرض رفع طلب للجنة الاقتصادية العليا وبعد شهر وردنا كتاب ينص على " المطالبة بتخفيض الرسوم الكمركية على الكتاب وكان هذا الطلب موجه الى وكيل وزارة المالية." بعدها رُفع كتاب الى دولة رئيس الوزراء والأمانة العامة لمجلس الوزراء، وقد وصلنا رد يذكر ان هناك كتاب مرسل بناءً على الكتاب الأول للمطالبة بالغاء الرسوم الكمركية."
نتيجة هذه المساعي صُبت وكما ذكر الراضي "بأن رئيس الوزراء العراقي متفاعل مع الموضوع وقد أمّلنا بأن هنالك نتائج ايجابية تصب بإلغاء الضرائب، لكننا فوجئنا بعد فترة قصيرة بأن نسبة الضرائب التي طُبقت تبلغ 15% وان تسعيرة الكتاب جاءت غير منصفة، وهذه بادرة غير جيدة ما اذا بقي الحال على ما هو عليه، ذلك إن نسبة الضرائب التي فرضت الآن هي ضرائب اضافية وليست أساسية، فكل دار نشر تدفع الضرائب الاساسية اما هذه النسب فقد جاءت كنسب اضافية وهذا الأمر سيصب بعرقلة حركة المجتمع الى الأمام."
خلال الجلسة طرح د. أحمد الظفيري سؤالاً ينص على التالي " مع قرب انطلاق معرض بغداد الدولي، هل تعتقدون إن الناشرين العرب والاجانب سيتقبلون بهذه التعرفة وهل سيؤثر سلباً؟ "
ليذكر الراضي مُؤكداً "أن هناك تأثيراً سلبياً على المعارض التي ستقام في العراق، بالطبع كُتب دورالنشر العربية والاجنبية مُسعرّة، وعلى فرض إن الصندوق الواحد من كتبهم مثلاً يتحمل رسوم مقدارها 10 دولار، بعد نسبة الضرائب المفروضة في العراق سيتحمل هذا الصندوق نسبة 25 دولار، ففي حال استطعنا تمشية الأمور هذا العام في المعرض لن تأتي تلك الدور لتزور العراق في السنوات القادمة، وهذا سيقود الى ايضاً لصورة سيئة عن الواقع الثقافي بالعراق بدلاً من أن ننقل صورة إننا بلد فعال في مهرجاناته وثقافاته."
أكد الراضي ايضا "عرقلة عمل معرض بغداد الدولي للكتاب دفعني لأن ارسل بكتاب ينص على " طلب إلغاء هذه الرسوم مع اقتراب انطلاق معرض بغداد" وقد يكون هذا الطالب الثاني أو الثالث الذي نوجهه لمعالي رئيس الوزراء." مُشيراً الى "إننا لن نقف حتى هنا لإلغاء الحيف."
حاول الباحث رفعة عبد الرزاق أن يستعرض واقع التعامل مع الكتاب في سوق الكتاب سابقاً ومُقارناً إياه بهذا الوقت حيث ذكر مُتسائلاً " ما إذا كانت حركة الكتاب داخل العراق فيها تدخل حكومي في ذلك الوقت، وخاصة بعد الحرية التي يثار انها منحت واتيحت لدور النشر العراقية هل الحرية في السابق كانت أكثر اتساعاً من حرية اليوم."
يذكر الراضي مجيباً على هذا التساؤل " إنه في الثمانينيات من القرن الماضي كانت آلية إدخال الكتب أسهل حيث كان الناشر يعمل على تقديم النماذج المراد استيرادها الى الرقابة إضافة الى معرفته بالنماذج الممنوعة من الاستيراد وبذلك كان يوافق عليها وتتم الأمور."
ويضيف الراضي " إن وزارة الثقافة في عام 1968 وضعت قانوناً خاصاً بالمطبوعات وذلك لتنظيم حركة الكتاب، طبعاً باستثناء حركة التصدير التي كانت متوقفة وفُعلت قبل فترة بسيطة جداً."
وأكد الراضي"ان ما يجدر الإشارة إليه إن فرض هذه الرسوم الكمركية على الكتاب جاءت نتيجة تأثير صندوق النقد الدولي الذي حدد كل الأمور الاقتصادية وتحكم بها ولكن ما يجب أن نذكره ونوضحه هو إن من الخطأ أن نتعامل مع الكتاب كسلعة حاله حال أي سلعة اخرى."
دور النشر العراقية لم تكُن حاضرة كما كان متوقعاً باستثناء كل من دار المتوسط للطباعة والنشر والتي مثلها السيد كريم احمد طه، ودار الرافدين المتمثلة بالسيد محمد هادي الدجيلي...
حيث ذكر كريم أحمد طه عن دار المتوسط " منذ بدء أزمة الضرائب وحتى اليوم لم نقم بإستيراد أي كتاب عراقي، وخاصة إن كل صندوق كتب محدد بضرائب معينة، ونحن احياناً نُدخل صندوق يتضمن أنواع مختلفة من الكتب داخل الصندوق الواحد وهنا نتساءل كيف سيقوم المقيّمين بتحديد التسعيرة على الصندوق الذي يتضمن أنواعاً مختلفة من الكتب."
فيما أشار محمد هادي الدجيلي عن دار الرافدين للطباعة والنشر " في بادئ الأمر كان لدينا شحنات توقفت في الميناء ولكن بجهود اتحاد الناشرين ومساعيه وعدد من المخلصين الكمركيين استطعنا أن ندخلها، ولكن بدأت الامور تتجه نحو المجهول، فلم يُطبق قانون صريح ولا تسعيرات واضحة ، الكمارك ذاتها لا تعرف كم تبلغ نسبة الرسوم المفروضة على الكتاب، وحتى الآن نحن ندخل كتبنا برسوم جزئية ذلك إن الأمر غير متضح الملامح بعد."
وأشار الدجيلي الى الاشكالية التي يتعرض لها مفهوم الكتاب بحجة حماية المنتج العراقي ويقول " إن حالة الكتاب تختلف ولا يمكن عدّه منتجاً كالمنتجات الغذائية والألبسة وما الى ذلك، فهنالك حقوق دور نشر وهنالك ملكية فكرية، وحين نحتاج كتاباً ما يجب أن نأخذه من الجهة المصدرة له، لا أن ننسخه ونبيعه في السوق لأن هذا يُقلل من قيمة الكتاب ويضرب سوق الكتب، فمثلا اذا احتجنا قاموس اوكسفورد علينا ان نأتي به من المنشأ الأصلي، فلا بديل آخر للكتاب."
أما فيما يخص المطابع المحلية العراقية وتشجيع الطباعة داخل البلد يذكر الدجيلي "إن الطباعة داخل البلد عُيّنت على المناهج الخاصة بوزارة التربية، فيفترض ان تطبع كتب المناهج الدراسية داخل العراق إلا إنها اليوم تطبع في إيران والأدرن بالرغم من وجود نص قانوني يفرض ضرائب على الكتب المنهجبة بنسبة 200% لمنعها من الطباعة خارج العراق، ورغم ذلك نجد ان وزارة التربية تطبع كتبها خارج العراق."
وأكد الدجيلي " إن الدول في العالم تدعم دور النشر لديها حيث تعمل الاردن على أخذ 50 نسخة من اي كتاب جديد طبع في دار نشر اردنية وتوزعه على المكتبات العامة في سبيل دعم الكتاب ودار النشر، بينما نعمل نحن على فرض رسوم على الكتاب، وبهذا نفتقر لأي وسيلة تفعل الواقع الثقافي في العراق، وبهذا سيحرم القارئ العراقي من المنتج الثقافي العربي، وسيحرم القارئ العراقي من ان تصل له اصدارات عراقية بعد فرض هذه الرسوم في الوقت الذي عملت دور النشر بجهود فردية على تصدير الكتاب العراقي الى الخارج." ذاكراً "ان تطبيق هذا القانون باختصار هو عملية قتل لسوق الكتاب في العراق."
وذكر رئيس القسم الثقافي في صحيفة المدى العراقية علاء المفرجي " ان ليس من مصلحة المثقف اليوم أن ترتفع تسعيرة الكتاب، ذلك ان نتاجاتهم ستتعرقل، ما يلفاجئنا إن وزارة الثقافة وبحسب علمي الشخصي لم تصدر أي بيان بهذا الشأن وكذلك اتحاد الادباء، لم نجد سوى نضال عبر مواقع التواصل الاجتماعي من قبل المثقفين، حتى عند دعوتهم لهذه الندوة من أجل تكاتف الجهود الوقوف ضد هذا القانون المجحف لم نلمس أي حضور من قبل المثقفين."
ليؤكد رئيس اتحاد الناشرين العراقيين عبد الوهاب الراضي إن " وزير الثقافة عبد الامير الحمداني لم يكن لديه معرفة بتفاصيل فرض الضرائب على الكتاب، وبعد زيارتي له أكد لي بأنه سينتظر مني تفاصيل كاملة عن الأمر وإنه سيعمل على ايصال طلبنا على رئيس الوزراء وسيبذل مجهوداً اضافياً من أجل حل الأزمة."
في ختام الجلسة قرأ الراضي بياناً اصدرته مؤسسة المدى كونها المؤسسة الثقافية الأهم في العراق تطالب خلاله الحكومة العراقية بالتراجع عن قرار فرض الضرائب، وجاء هذا البيان بموافقة الناشرين العراقيين وينص البيان على " نحن مجموعة من الناشرين العراقيين والمثقفين، نرفض رفضاً قاطعاً سياسة فرض التعرفة الكمركية الجديدة على الكتاب المستورد وحتى المُصدر، والذي سيفرض قيوداً جديدة على النشر وتبادل النتاج الثقافي من والى العراق.
في الوقت الذي نرجو فيه السيد وزير الثقافة العراقي إلى الالتفات نحو المشاكل الثقافية التي تعترض عمل المثقفين العراقيين، إضافة الى الاسهام بتعزيز العمل الابداعي، حيث فوجئنا بهذا القرار الذي من شأنه تعطيل الكثير من مفاصل العمل الإبداعي وإثقال كاهل القارئ العراقي من خلال فرض هذه الرسوم.
ومن خلال مؤسسة المدى باعتبارها جهة اساسية في عملية نشر الكتاب وتوزيعه، نذيل هذا البيان بتوقيع اصحاب دور النشر والمثقفين العراقيين لوقف هذا القرار الذي يتعار

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top