أوساط عبد المهدي: رئيس الوزراء يفتح ملفّات الفساد تدريجيّاً

أوساط عبد المهدي: رئيس الوزراء يفتح ملفّات الفساد تدريجيّاً

 بغداد/ وائل نعمة

سياسة "الخطوة خطوة" أو "التقسيط" التي يبدو رئيس الوزراء عادل عبد المهدي يتعمد انتهاجها، خاصة في ملف إكمال تشكيلة الوزارة وبعض الإنجازات البسيطة في أول 100 يوم من عمل حكومته، قد تستخدم أيضاً في ملف مكافحة الفساد.
مغامرة كبيرة، كما يصفها مراقبون، أن يبدأ رئيس الوزراء عمله من حيث سقط سلفه حيدر العبادي، فالحديث عن محاربة الفساد، يعني مواجهة النار من جميع الاتجاهات، وهو ما لم يصمد أمامه العبادي.
وتقول مصادر (المدى) إن طريقة إدارة عبد المهدي تختلف عن رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، كونه "لا يحب الأضواء أو التسريبات الإعلامية"، كما أن الاخير "لا يواجه الخصوم بشكل مباشر وإنما بخطوات تدريجية".
ويقترب عبد المهدي من إنهاء شهره الثالث في الحكومة، بينما لاتزال كابينته الوزارية غير مكتملة وتلاحق بعض أعضائها اتهامات بالانتماء الى البعث والفساد أيضاً، لكنّ مصادر تصف نفسها أنها مقربة من الاخير تقول لـ(المدى) بأن عبد المهدي "استطاع تحقيق ما فشل به العبادي، مثل افتتاح جزء من المنطقة الخضراء".
وترجّح تلك المصادر، أن يستخدم عبد المهدي طريقته المتمهلة في حل الأمور في مواجهة الفساد، وأن "يواجه المتورطين بالفساد تدريجياً كما فعل في تشكيلة الوزارة وافتتاح المنطقة الخضراء".

مشوار الألف ميل
ويبدو أن ما فعله عبد المهدي، مؤخراً في توجيهه بـ"رفع السريّة" عن تقرير لديوان الرقابة المالية يوضح الفوارق في الرواتب التقاعدية لرؤساء الجمهورية وأعضاء مجلس الحكم ومجلس النواب والوزراء، قد يكون بداية الطريق الطويل.
وبحسب التسريبات فإنّ التقرير الذي سيكشف عنه بوقت قريب، يضم 1000 مسؤول عليهم إعادة نحو 100 مليار دينار الى الدولة بسبب فوارق الرواتب التقاعدية التي كانوا يتقاضونها في السنوات الماضية وتم إلغاؤها في الحكومة السابقة.
وكتب حسين هنين، وهو خبير اقتصادي في صفحتة على فيسبوك إن "بعض المقربين من عبد المهدي نصحوه بعدم كشف التقرير لأن عبد المهدي نفسه مدين للدولة بأموال عليه إعادتها".
وقال الخبير إن "التقرير يكشف أن عبد المهدي عليه مبلغ 11 مليون دينار مستحق الاسترجاع تراكم عليه من عدم تنفيذ استقطاعات سابقة".
وقد يورط عبد المهدي نفسه في إعلانه المبكر عن مكافحة الفساد، خصوصا إذا لم تأت النتائج سريعة.
أمس أعلن عضو لجنة النزاهة صباح الساعدي، أن رواتب مكتب رئيس الوزراء بلغت نحو "55 مليار دينار" في موازنة 2019، بالإضافة إلى أن المنافع الاجتماعية لمكتب عبد المهدي بلغت 504 مليارات دينار.
وأضاف الساعدي في مؤتمر صحفي عقده في البرلمان إن "رواتب مكتب القائد العام للقوات المسلحة وهم 63 موظفاً بلغت 55 مليار دينار سنويا، ما يعادل 900 مليون دينار سنوياً راتب الموظف الواحد".
واعتبر نواب ومراقبون أن السبب الأكبر وراء الإطاحة بالعبادي وعدم قدرته على البقاء لولاية حكومية ثانية بأن "كلامه عن الفساد كان أكبر من أفعاله".
ووعد رئيس الوزراء السابق أكثر من مرة بــ"ضرب الفاسدين"، لكن إجراءاته لم تكن واضحة. وقال الاخير في تشرين الاول الماضي في خطاب تسليم السلطة إن "مع انتهاء ولاية حكومتي (...) أتقدم إليكم أيضاً بالاعتذار عن كل تقصير غير متعمد، و عن كل قصور بسبب الإمكانات والظروف القاهرة، إن أردتُ إلاّ الإصلاح ما استطعت".

استنساخ تجربة العبادي
وكان العبادي قد أعلن في 2015، في ذروة التظاهرات والحديث عن حزم الإصلاح، عزمه تطبيق مبدأ من "أين لك هذا؟"، وفي نفس العام شكل ماعرف بـ"المجلس الأعلى لمكافحة الفساد".
وأعلن حينها أن المجلس هو برئاسة العبادي وعضوية الامين العام لمجلس الوزراء ورئيس ديوان الرقابة المالية ورئيس هيئة النزاهة ومجلس القضاء.
وبعد 4 سنوات، عاد عبد المهدي على خطى سلفه وأعلن عن تشكيل مجلس مشابه بنفس الاسم. وقال رئيس الوزراء نهاية العام الماضي تعليقاً على إعادة تشكيل المجلس هو لتمكينه "من اتخاذ الإجراءات الرادعة وتوحيد جهود الجهات الرقابية".
واعتبر عبد المهدي وقتذاك "الفساد عدواً مثل عصابة داعش الإرهابية". وتشير تقارير دولية إلى خسارة العراق نتيجة الفساد المالي نحو 500 مليار دولار في أقل من 10 سنوات.
وفي عام 2017 حل العراق في المركز 169 بين 180 دولة على مؤشر الفساد الذي تنشره منظمة الشفافية الدولية. وقال عبد المهدي العام الماضي إن حكومته جادة باتخاذ إجراءات بمكافحة الفساد، "ولدينا 13 ألف ملف فساد مفتوح في هيئة النزاهة".

ماذا نحتاج لنكافح الفساد؟
من جهته، قال رحيم الدراجي، وهو عضو سابق في اللجنة المالية بمجلس النواب ومهتم بقضايا الفساد لـ(المدى) انه تترتب أعباء جديدة على أعضاء المجلس الأعلى لمكافحة الفساد وإلا يكون بلا جدوى كسابقه.
وأضاف الدراجي أن "ديوان الرقابة المالية او المفتشين في بعض الوزارات ليس لديهم الوقت الكافي لإتمام عملهم حتى تضاف لهم أعمال جديدة". وقال النائب السابق "مادامت الاحزاب التي تحكم العراق منذ 2003 موجودة فلن يحاسب أي فاسد لأنها ستفتح النار عيلها"، في إشارة الى تورط أغلب التيارات السياسية في البلاد.
وكان الرئيس السابق لهيئة النزاهة حسن الياسري قد قال العام الماضي لـ(المدى) إن "مكافحة الفساد في العراق هي إرادة واتفاق سياسي ودونه لن يتحقق شيء".
وكشف الياسري حينها عن التحقيق مع "48 وزيراً خلال السنوات الثلاث الماضية" بتهم تتعلق بقضايا الفساد، بينهم وزراء ونواب رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي". وقال ان المحالين منهم الى القضاء "لم يحصل لهم أي شيء لعدم اقتناع القضاء بأدلة الإدانة!".
وكشف الياسري وقتها عن صعوبة إقناع القضاء بجرائم المتهمين، ومن ضعف البنية القانونية الخاصة بجرائم الفساد، ودعا الى تشديد العقوبات وإصدار أحكام الإعدام على من تمتد يده على المال العام.
وبيّن الياسري وقتذاك، أنه قدّم أثناء توليه منصب رئاسة الهيئة 20 مقترح قانون إلى البرلمان والحكومة لتعديل قوانين وتشريعات قديمة لم تعد تتناسب مع تطور حالات الفساد.
في المقابل يقول رحيم الدراجي إن مكافحة الفساد تحتاج "الى هيئة نزاهة تمتلك صلاحيات واسعة، ورئيس وزراء قوي ليطبق القانون وإلى قضاء لا يجامل ولا تحركه السياسة".

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top